إزالة الكربون.. رهان جي بي مورغان الأكبر لمكافحة تغير المناخ

يقدم أكبر بنك أميركي أحد أكبر الرهانات على الإطلاق، لإزالة الكربون من الغلاف الجوي لمكافحة تغير المناخ.

ووافق "جي بي مورغان تشيس"على استثمار أكثر من 200 مليون دولار لشراء ائتمانات كربونية، من العديد من الشركات في الصناعة الناشئة، وفقاً لما قاله مسؤولو الشركة، ويعتبر هذا الاستثمار المادي والتأييد بمثابة دفعة للشركات، التي تخلصت فقط من كميات صغيرة من الكربون حتى الآن.

ويقوم جي بي مورغان بعمليات الشراء لتحييد الأثر البيئي للبنك، كما يحاول تسجيل أعمال جديدة، ليصبح رائداً في صناعة الطاقة النظيفة التي تشهد ازدهاراً.

وساعد البنك شركة "كلايم ووركس" Climeworks الناشئة في مجال إزالة الكربون في جمع 650 مليون دولار من المستثمرين العام الماضي، وأجاب عن أسئلة من عملاء الشركات الكبرى حول إزالة الكربون.

وقال بريان ديمارينو، رئيس الاستدامة التشغيلية في جيه بي مورغان، في مقابلة: "نحن في جي بي مورغان نضع ثقلنا ورأس مالنا، وراء أمر نعتقد أنه من المهم طرحه في السوق الآن."

وتكتسب إزالة الكربون اهتماماً متزايداً، حيث أصبح من الواضح أن التحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري، يتحرك ببطء شديد لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بما يكفي للحد من تغير المناخ.

ويقدر العلماء أن هناك حاجة لإزالة مليارات الأطنان من الغلاف الجوي سنوياً، بحلول منتصف القرن، لتجنب أسوأ آثار الاحتباس الحراري، ويقول النقاد إن إزالة الكربون يمكن أن تسمح لمنتجي الوقود الأحفوري بمواصلة العمل كالمعتاد.

وكأكبر بنك أميركي، يعد جيه بي مورغان أيضاً، من بين أكبر الممولين لكل من الوقود الأحفوري والطاقة النظيفة. وأثارت علاقته بشركات النفط والغاز، انتقادات من نشطاء المناخ. كما تعرض البنك لانتقادات من الجمهوريين لإعطائه الأولوية للعوامل البيئية والاجتماعية، وحوكمة الشركات - أو ESG -. ومنعت ولاية فرجينيا الغربية جي بي مورغان من التعامل مع الولاية العام الماضي، بحجة أن معايير الاستدامة ESG ترقى إلى مقاطعة صناعة الفحم في الولاية، وقال جي بي مورجان إن هذه الخطوة "منفصلة عن الحقائق" و"مناهضة للسوق الحرة".

وسيقوم البنك بشراء أرصدة مرتبطة بإزالة 800000 طن متري من ثاني أكسيد الكربون، من العديد من الشركات الناشئة، بما في ذلك دفع أكثر من 20 مليون دولار لشركة "كلايم ووركس"، وهي شركة سويسرية سلمت مؤخراً أولى عمليات إزالة الكربون، التي تم التحقق منها في الصناعة من خلال عملية تسمى "التقاط الهواء المباشر"، والتي تمتص الكربون من الهواء، باستخدام مراوح عملاقة بحيث يمكن دفنها تحت الأرض، وستقوم "كلايم ووركس" بإزالة 25000 طن متري على مدار تسع سنوات.

وقال المسؤولون التنفيذيون في إزالة الكربون، إن الحصول على الدعم من قوة مالية يتم التحقق من صحتها، بعد أن جاء الكثير من الدعم الأولي للقطاع من شركات التكنولوجيا.

وقال بيتر راينهاردت الرئيس التنفيذي لشركة "تشارم إندستريال" الناشئة، التي تحول نفايات المصنع إلى سائل غني بالكربون يمكن حقنه تحت الأرض: "إنها فرصة كبيرة بالنسبة لنا لتوسيع نطاق عملياتنا". وقال راينهاردت إن مشتريات جي بي مورغان، يجب أن تساعد "تشارم" في جمع الأموال وخفض التكاليف، وقامت الشركة بإزالة حوالي 6000 طن حتى الآن.

ويشتري جي بي مورغان ائتمانات كربونية، تعادل ما يقرب من 30000 طن من "تشارم" على مدار خمس سنوات.

كما يلتزم البنك بمطابقة انبعاثاته التشغيلية من استهلاك الطاقة مع عمليات إزالة الكربون المكافئة، بحلول عام 2030، وهو أحد التعهدات الأولى من قبل شركة كبرى.

ويهدف جي بي مورغان إلى تقليل هذه الانبعاثات، بنسبة 40% بحلول عام 2030، من مستويات عام 2017، وتستخدم الشركات الكبرى مزيجاً من تقليل الانبعاثات وإزالة الكربون لتحقيق أهدافها المناخية.

وتجتذب شركات إزالة الكربون مليارات الدولارات من التمويل الحكومي، ومن المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة عن المستفيدين من 3.5 مليار دولار لتمويل مراكز الالتقاط الجوي المباشر، في جميع أنحاء البلاد هذا الصيف، وقالت جولي غوسالفيز  كبيرة مسؤولي التسويق في "كلايم ووركس"، إن لديها ثلاثة تطبيقات لهذا التمويل كجزء من التوسع الأميركي الأخير.

ويتضمن قانون الحد من التضخم للعام الماضي، الإعفاءات الضريبية لالتقاط الهواء المباشر، الذي يقدر محللو غولدمان ساكس أنه يمكن أن يغطي ما يقرب من نصف تكلفة بعض المشاريع.

ويعد التزام جي بي مورغان بتمويل حوالي 800000 طن من عمليات الإزالة، ثاني أكبر عملية شراء في تاريخ السوق، وفقاً لموفر البيانات CDR.fyi، وسيعمل على تحييد الانبعاثات السنوية لما يعادل 160 ألف سيارة ركاب.

وفي أكبر صفقة على الإطلاق في القطاع، قالت مايكروسوفت الأسبوع الماضي، إنها ستدفع حوالي 2.8 مليون طن من الإزالة من خلال محطة طاقة لحرق رقائق خشبية في الدنمارك، تديرها شركة الطاقة أورستيد، فعندما تنمو الأشجار والنباتات، فإنها تمتص الكربون بشكل طبيعي، ويعد التقاط هذا الكربون ثم تخزينه بشكل دائم أحد أشكال إزالة الكربون.

وبالموافقة على الدفع مقدماً لسنوات، تأمل شركات مثل جي بي مورغان ومايكروسوفت في تسريع نمو الصناعة، وهم على استعداد لدفع مئات الدولارات لكل طن مقابل كل ائتمان إزالة، للتأكد من أنهم يساعدون في مكافحة تغير المناخ، كما يريدون أيضًا تأمين الاعتمادات التي يحتاجونها لتحقيق أهداف الانبعاثات.

ويمكن أن تكلف أرصدة الإزالة 100 مرة أكثر من أرصدة الكربون التقليدية، وبعضها قد لا يفيد الكوكب. وقال ديمارينو إن جي بي مورغان سيظل يستخدم بعض الائتمانات التقليدية، طالما أنها عالية الجودة بينما تزيد من مشتريات الإزالة.

الجزء الأكبر من التزام جي بي مورغان - حوالي 450.000 طن - هو اتفاقية أولية مدتها 15 عاماً للشراء من CO280، وهي شركة ناشئة غير معروفة. وتتشابه خطط إزالة الكربون الخاصة بالشركة تقريباً مع خطط "أورستد" Ørsted، من حيث إنها تهدف إلى التقاط الكربون الذي تمتصه النباتات عند استخدام الكتلة الحيوية في العمليات الصناعية، وقال ديمارينو إنه في حالة الفشل، سيدفع البنك رسوم إزالة الكربون من شركات أخرى.

وسيأتي الباقي من حوالي 800000 طن من خلال تحالف لإزالة الكربون من الشركات الكبرى، يسمى صندوق "فرونتير" Frontier والذي يتضمن شركة ألفابت مالكة غوغل، وميتا مالكة فيسبوك. وكجزء من ذلك، سيوفر جي بي مورغان لعملائه إمكانية الوصول إلى ما يصل إلى 25 مليون دولار من أرصدة إزالة الكربون، مع تخصيص 50 مليون دولار في عمليات الشراء لتحييد انبعاثاته الخاصة.

وقالت فرونتير الأسبوع الماضي بشكل منفصل، إنها ستدفع لـ "تشارم" مقابل إزالة أكثر من 110 آلاف طن.