logo
طاقة

بعد حل أزمة المصرف الليبي.. النفط الرابح الأكبر

بعد حل أزمة المصرف الليبي.. النفط الرابح الأكبر
عامل يتفقد خزان نفط في حقل بوري النفطي البحري في ليبيا، على بعد 130 كيلومتراً شمال طرابلس.المصدر: رويترز
تاريخ النشر:8 أكتوبر 2024, 05:57 م

عقب رفع القوة القاهرة عنه، يتجه القطاع النفطي الليبي، الذي يبلغ 98% من إيرادات الدولة، إلى استعادة عافيته، بعد نحو شهرين من التعثر، بسبب خلافات بين سلطات البلاد المتنازعة، على إدارة وصلاحيات المصرف المركزي، قبل أن يشهد اتفاقاً برعاية أممية وغربية.

ولن يستعيد القطاع النفطي، عافيته، فقط بل يتجه لأن يكون الرابح الأكبر، بحسب خبراء تحدثوا لـ«إرم بزنس»، من حل أزمة المصرف المركزي الذي يتولى إدارة إيرادات النفط وموازنة الدولة المقسمة بين حكومتين شرق وغرب البلاد، لافتين إلى أن القطاع حال استمر استقراره وتنفيذ ما تم التوصل له بشأن اتفاق المصرف دون اختلافات سيعود سريعاً لإنتاجه السابق مليون و200 ألف برميل يومياً وسيواصل مخططه للوصول لمستهدف مليوني برميل يومياً، بجانب جلب مزيد من الاستثمارات.

وتنفيذاً لاتفاق وقعه مجلسا «النواب»، و«الدولة» (الهيئتان التشريعيتان المتنافستان في شرق وغرب ليبيا) برعاية بعثة الأمم المتحدة بليبيا، في 25 سبتمبر الماضي، بشأن التوافق على حل قيادة أزمة المصرف المركزي، وافق المجلس الأعلى للدولة على المرشحين ناجي عيسي محافظاً ومرعي البرعصي نائباً له يوم 29 من الشهر ذاته بأغلبية 112 من أعضائه، وفي اليوم التالي جاءت موافقة مماثلة من مجلس النواب بالإجماع بحضور 108 أعضاء.

ورحبت البعثة في بيان بالمصادقات من طرفي الأزمة التي اشتعلت منتصف أغسطس الماضي عقب إقالة مجلس الدولة (الذي يتواجد بطرابلس غرب البلاد) لمحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، ورفض مجلس النواب (المتواجد شرقي البلاد) تلك الخطوة، وإعلان حكومة شرق ليبيا ومقرها بنغازي والمسيطرة على 90% من المواقع النفطية بالبلاد حالة القوة القاهرة والإغلاقات النفطية، «حرصاً على المال العام».

ودعت البعثة في البيان ذاته إلى «توجيه إيرادات المورد الحيوي (قطاع النفط) بعد إنهاء إغلاق حقوله ووقف تعطيل إنتاجه وتصديره عبر الإطار المؤسسي المناسب، إلى المصرف المركزي».

وأعلن رئيس حكومة شرق ليبيا، أسامة حماد، في بيان الخميس، رفع حالة القوة القاهرة عن جميع الموانئ والمنشآت النفطية، واستئناف عمليات الإنتاج والتصدير بشكل طبيعي، مؤكداً أن ذلك القرار «جاء دعماً للجهود المبذولة من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، والتي تكلّلت بتعيين محافظ جديد للمصرف، وكذلك طبقاً لمقتضيات المصلحة العامة».

ويعد إنتاج النفط مصدر الدخل الرئيس في ليبيا، ويمثل نحو 98% من نشاطها الاقتصادي. وقد بلغت إيرادات النفط في ليبيا 20.7 مليار دولار في 2023، وحققت في النصف الأول من العام الحالي نحو 7.6 مليار دولار.

في 29 أغسطس الماضي، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان عبر صفحتها أن خسائر الإنتاج والتصدير الناتجة عن إغلاق الحقول النفطية لمدة ثلاثة أيام بلغت مليوناً و504 آلاف برميل، ما يعادل خسائر مالية تصل إلى 120 مليوناً و378 ألفاً و640 دولاراً. كما توقفت صادرات النفط في الموانئ الليبية الرئيسة، واستمر انخفاض الإنتاج بعد فترة استقرار نسبي دامت نحو أربع سنوات، كانت خلالها ليبيا تنتج 1.2 مليون برميل نفطي يومياً.

وخلال فترة الإغلاقات، وأزمة المصرف عملت المؤسسة الوطنية للنفط على إجراء أعمال صيانة، وفق ما تكشف عنه بياناتها بصفحتها الموثقة على فيسبوك، وكان أحدثها الأربعاء، بـ«إنهاء شركة الزاوية لتكرير النفط، الصيانة السنوية لمصفاتها، بهدف ضمان تشغيلها بالصورة المطلوبة لتحقيق الإنتاجية المستهدفة منها والحفاظ على عمرها التشغيلي».

شهدت إجراءات رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، فرحات بن قدارة، زيارة لواشنطن، إحدى أبرز المستثمرين بالقطاع النفطي الليبي، وكشفت المؤسسة في بيان 14 سبتمبر الماضي، عن لقاء بن قدارة مع مسؤولين بينهم مساعد وزير الطاقة الأميركي، جيفري بيات.

ووفق البيان «أكد المسؤولون الأميركيون دعمهم الكامل للمؤسسة الوطنية للنفط في جهودها للحفاظ على استقلاليتها وحياديتها، خاصة في ظل التحديات والضغوط التي تواجهها. وشددوا على ضرورة حماية المؤسسة من التدخلات التي قد تعرقل أداءها، مبرزين دورها الحيوي في تأمين دخل الدولة الليبية، بالإضافة إلى استقرار إمدادات الطاقة العالمية، لا سيما في ظل القضايا المتعلقة بخفض الإنتاج وأزمة مصرف ليبيا المركزي».

مع تلك الانفراجة، عادت السلطات بالبلاد لبحث تعويض الفاقد، وبحث رئيس الحكومة الوطنية في غرب ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، مع وزير النفط والغاز المكلف خليفة عبدالصادق، وعضو مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار مصطفى المانع، ملف دعم القطاع النفطي وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني.

وتم خلال الاجتماع الذي جرى الأربعاء، بحسب بيان حكومي «مناقشة سبل تعزيز التعاون مع الشركات الأجنبية وتسهيل عودتها للعمل في ليبيا، وفي مختلف القطاعات، خاصة في قطاع النفط والغاز».

وأكد الدبيبة، «أهمية توفير البيئة الاستثمارية المناسبة لعودة الشركات الأجنبية»، وأشار إلى «الدور الحيوي الذي يؤديه القطاع النفطي في تعزيز الاقتصاد الليبي وتأمين الموارد المالية اللازمة لدعم الاستقرار والتنمية»، مشدداً على ضرورة استكمال المشروعات النفطية العالقة وتطوير البنية التحتية للطاقة، بما يسهم في زيادة الإنتاجية واستقرار الإمدادات النفطية.

وعقب لقاء مع رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح شرقي البلاد، وفق بيان للمجلس، وصل محافظ مصرف ليبيا المركزي المعيّن حديثاً، ناجي عيسى، إلى العاصمة الليبية طرابلس، (غرب) الثلاثاء؛ لتسلّم مهامه، واستقبله بقاعة كبار الزوار، أسامة طليش رئيس هيئة أمن المرافق التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الدبيبة، في إشارة لانتهاء الأزمة.

وفي حديث إلى «إرم بزنس»، عدّ وزير الدولة لشؤون الاقتصاد السابق في حكومة طرابلس، سلامة الغويل، قرار الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد، لرفع القوة القاهرة، قراراً مسؤولاً يعبر عن حرص على تدعيم قطاع النفط وجعله الرابح الأكبر من أزمة قيادة المصرف بما يعود على الوطن والمواطن بمزيد من الرخاء والاستقرار.

وباعتقاد الغويل الذي يرأس حالياً مجلس المنافسة ومنع الاحتكار الليبي، فإن القطاع النفطي الذي أغلبه في شرق البلاد «سينتظر مزيداً من العودة السريعة للإنتاج في ظل حرص الجيش الليبي ومجلس النواب والحكومة الليبية على دعمه بكل ما أوتيت»، متوقعاً عودة الإنتاج إلى معدل مليون و245 ألف برميل قريباً كما كان قبل الأزمة، مشترطاً حكومة واحدة واستقراراً أكثر للوصول لمخطط مليوني برميل.

من جانبه، قال الخبير النفطي الليبي، الدكتور محمد الشحاتي، لـ«إرم بزنس»، إنه «يمكن القول إن تداعيات الاتفاق في العموم إيجابية على قطاع النفط كما على القطاعات الأخرى»، مبدياً تفاؤلاً حذراً بمستقبل القطاع بعد إنهاء الأزمة، قائلاً إنه «لا يزال يلفه الغموض نتيجة لقلة الاستثمارات والقلاقل السياسية».

ولا ينحاز الشحاتي وهو خبير نفطي سابق بمنظمة أوبك، إلى عقد اتفاق مشابه حتى لا تتكرر إغلاقات النفط التي كلفت الاقتصاد الليبي أكثر من 100 مليار دولار، منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 وما تلاه من انقسام في إدارة البلاد، وفق إحصاءات رسمية، قائلاً: «لا يمكن القول إن النفط يحتاج إلى اتفاق مشابه باتفاق حل أزمة قيادة المصرف، لأن الوقائع مختلفة».

وفي حديث لـ«إرم بزنس»، يعتقد خالد بن عثمان، رئيس المجلس الليبي للنفط والغاز والطاقات المتجددة، أن «النفط سيكون الرابح الأكبر من حل تلك الأزمة وسيشهد انفراجة بهذا القطاع المورد الحيوي بالبلاد مع تواصل فتح الحقول النفطية تدريجياً».
ويتوقع رئيس المجلس الليبي للنفط، احتمالية عودة النفط لضخ مليون و350 ألف برميل يومياً (أعلى رقم) بخلاف ما كان قبل الأزمة (الذي كان يحقق مليوناً و200 ألف برميل)».

وينبه إلى أن «فتح الحقول المغلقة لن يصل بين يوم وليلة ليحقق هذا المستهدف، لكن سيأخذ وقتاً مع الصعود التدريجي»، مرجحاً ألا تؤثر تلك الإغلاقات على مخطط الدولة للوصول لمليوني برميل يومياً.

وبحسب تقديرات رسمية، يسعى القطاع النفطي الليبي، للوصول بحجم الإنتاج إلى 1.4 مليون برميل يومياً بنهاية 2024، ثم إلى مليوني برميل في 2027.

وبرأي خالد بن عثمان، فإن اتفاق قيادة المصرف الليبي، سيزيد من وتيرة العمل ويشجع على الوصول للمستهدف تدريجياً وبشكل سريع، كما سيضفي مزيداً من الطمأنة على الأوضاع في ليبيا، مما يسهم في زيادة الاستثمارات الجديدة وتوقيع اتفاقيات تنقيب واستكشافات جديدة.

ودلل خالد بن عثمان، رئيس المجلس الليبي للنفط والغاز والطاقات المتجددة على تزايد التوجهات الدولية بالاستثمار في القطاع النفطي، بالقول: «المجلس شارك مؤخراً في قمة بروما تناقش مستقبل القطاع بحضور أوروبي متنوع بين فرنسي وإيطالي وهولندي وألماني، وأبدت الشركات المتواجدة الاستعدادات لدخول السوق الليبي لتطوير ودعم إنتاج النفط».

وحال استمر الاستقرار بالبلاد، وبالقطاع النفطي، واتجهت الدول لتنويع مصادر الدخل، سيكون الاقتصاد الليبي أكثر نمواً ولا يتأثر بأي أزمة مرتبطة بالقطاع حال تكررت، وفق رئيس المجلس الليبي للنفط.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC