لا يزال «اليورو الرقمي» في طور المشروع الذي لم ينفذ بعد، لكنه يتعرض رغم ذلك لموجة شائعات ومعلومات مضللة انتشرت في أنحاء أوروبا عقب تصريحات حديثة لرئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد.
ولم يُتخذ بعد قرار بإطلاق «اليورو الرقمي»، وهو شكل إلكتروني من العملة يصدره البنك المركزي الأوروبي، ويظل من غير المرجح أن يبدأ العمل به قبل عامي 2027 أو 2028، وفقاً لمسؤولين تحدثوا إلى «وكالة الصحافة الفرنسية».
غير أن تصريحات كريستين لاغارد خلال مؤتمر صحفي في 6 مارس، والتي أكدت خلالها أن المرحلة التحضيرية للمشروع ستنتهي في أكتوبر 2025، أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي برسائل تزعم أن إطلاق العملة وشيك.
وزعم النائب الأوروبي هارالد فيليمسكي، المنتمي لحزب «الحرية» النمساوي اليميني المتطرف، أن البنك المركزي الأوروبي يعتزم «إطلاق اليورو الرقمي في أكتوبر».
وعادت إلى الواجهة مزاعم قديمة مرتبطة بالمشروع، مثل الادعاء بأن «اليورو الرقمي» يعني «نهاية النقد» أو أنه سيمكن البنك المركزي الأوروبي من «حجب المدفوعات» أو «الوصول إلى مدخرات الأفراد».
وتبنى هذه الادعاءات رئيس حزب «انهضي يا فرنسا» نيكولا دوبون-آنيان، الذي وصف المشروع عبر منصة «إكس» بأنه «جنون يهدد حرياتنا».
وترى المديرة التنفيذية لمنظمة «بوزيتيف موني يوروب» فيكي فان إيك، أن هذه المعلومات المضللة تعكس «عدم ثقة في المؤسسات المركزية».
في ظل تراجع استخدام النقد، يعمل البنك المركزي الأوروبي، إلى جانب عشرات البنوك المركزية الأخرى حول العالم، على تطوير أو إطلاق عملات رقمية رسمية.
وأصبحت الادعاءات حول «نهاية النقد» محوراً لمروجي نظريات المؤامرة منذ جائحة «كوفيد-19»، لكن البنك المركزي الأوروبي يؤكد أن «اليورو الرقمي» سيكمل النقد التقليدي، لا أن يحل محله.
وباعتباره عملة قانونية، سيكون «اليورو الرقمي» خالياً من المخاطر ويمكن الاحتفاظ به في محفظة رقمية، مع إمكانية استخدامه للمدفوعات عبر الإنترنت أو دون اتصال، مع الحفاظ على درجة من الخصوصية.
ويؤكد البنك المركزي الأوروبي أن «اليورو الرقمي» سيعزز «الاستقلالية الاستراتيجية» لأوروبا؛ إذ سيوفر خدمة مدفوعات على مستوى القارة، ما يقلل الاعتماد على الشركات الأميركية الكبرى مثل «ماستركارد» و«فيزا» و«آبل باي» و«باي بال».
وحذر كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي فيليب لين، الأسبوع الماضي، من أن هذا الاعتماد يجعل أوروبا عرضة للضغط الاقتصادي والإكراه، مشيراً إلى التوترات عبر الأطلسي منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة.
ورأى أن «اليورو الرقمي» قد يساعد على الحد من تأثير العملات الرقمية الخاصة المستقرة، المعروفة بـ«ستايبل كوينز»، والتي تُربط قيمتها بالدولار الأميركي وتزداد شعبيتها.
لا يزال المراقبون منقسمين بشأن المشروع. إذ يشير إجنازيو أنجيلوني، المسؤول السابق في البنك المركزي الأوروبي والباحث في جامعة «بوكوني» بميلانو، إلى أن الأوروبيين لديهم بالفعل «عدد وفير» من خيارات الدفع السهلة، وأن جزءاً كبيراً من الجمهور «غير مهتم» في الوقت الحالي.
ووفقاً لتقرير للبنك المركزي الأوروبي نُشر في مارس، أن الوعي بمشروع «اليورو الرقمي» بين سكان منطقة اليورو ارتفع من 18% في 2022 إلى 40% في 2024، لكن نسبة الذين يرغبون في استخدامه تظل أقل من 50%.
وتشدد فان إيك على أن نجاح المشروع يعتمد على التواصل الفعّال مع الجمهور، محذرة من أن المشكلة الكبرى تكمن في أنه إذا لم يحظَ اليورو الرقمي بدعم واسع، فقد يفشل المشروع برمته.