logo
أسواق

حرب العملات تشتعل.. التخفيض كسلاح في مواجهة ترامب

حرب العملات تشتعل.. التخفيض كسلاح في مواجهة ترامب
لوحة معلومات عن أسعار العملات الرئيسة مقابل الدولار الأميركي - 22 أغسطس 2023 المصدر: رويترز
تاريخ النشر:4 مارس 2025, 11:51 ص

في ظل تصدع النظام التجاري العالمي، تعود حرب العملات كأداة للدول لصد الضغوط أو تعزيز تنافسيتها عبر تخفيض قيمة عملاتها. قرار دونالد ترامب الأخير بفرض تعرفة إضافية 10% على الواردات الصينية، رافعاً الحد الأدنى إلى 20%، أشعل فتيل جولة جديدة.

بينما يروّج ترامب لـ«عصر ذهبي» أميركي، قد تلجأ الصين ودول أخرى متضررة إلى التخفيض كرد فعل، مستحضرة شبح الثلاثينيات حين أغرقت الدول عملاتها لإنعاش صادراتها. لكن في هذا السباق نحو القاع، قد يصبح الدولار الضحية الأكبر.

التخفيض ليس تكتيكاً جديداً، في الكساد الكبير، قلّصت الدول عملاتها لتتفوق في التجارة، ما عمّق الانقسامات. اليوم، تعريفات ترامب مبنية على رسوم 10% في 4 فبراير ورسوم أقدم من 2018-2019 تدفع الدول لاستعادة هذا السلاح. 

الخفض مقابل التعريفات

الصين التي تواجه تعريفات أعلى على صادرات بـ450 مليار دولار، قد تخفض اليوان. فإذا قامت بخفضه بنسبة 5%، كما في 2015، فإن ذلك من شأنه أن يعوض نصف تأثير التعرفة الأخيرة، حسب «بلومبرغ إيكونوميكس»، معززاً بضائعها من الإلكترونيات إلى المنسوجات. لكن هذا قد يستفز ترامب، الذي يلوح بتعرفات تصل إلى 60%، مشعلاً مواجهة أعنف.

رد بكين حتى الآن حذر، فقد فرضت تعريفات بنسبة 10-15% في 10 فبراير على واردات الفحم والنفط والغاز المسال من الولايات المتحدة بـ21 مليار دولار فحم، مع تهديد بتصعيد النزاع إلى منظمة التجارة العالمية. لكن تخفيض اليوان قد يكون خطوة أقرب، خاصة مع تباطؤ نمو اقتصاد الصين إلى 4.5% في 2024 وفقاً لصندوق النقد الدولي.

اليابان، تحت تهديد تعريفات ترامب على سياراتها، قد تتبع خطوات الصين في خفض عملتها المحلية؛ فقد هبط الين 10% مقابل الدولار في 2024، مدعوماً بسياسة بنك اليابان المرنة. كذلك كوريا الجنوبية والهند، المضغوطتان بدولار قوي، قد تنضمان إلى هذا المسار في إضعاف العملات المحلية مقابل الدولار، محولتين التعريفات إلى ميزة تصديرية. وحتى دول الخليج، بعملاتها المربوطة بالدولار، قد تتعرض صادراتها النفطية للضعف إذا ردت الصين بتخفيض قيمة اليوان.

سلاح ترامب

الدولار، هو ركيزة خطة ترامب، لكنه يواجه المخاطر الأكبر، فتخفيض جماعي لعملات آسيوية قد يرفع الدولار أكثر، معززاً قوته لكنه يضرب المصدرين الأميركيين من المزارعين إلى شركة "بوينغ" ويسبب خسائر تنافسية.

تقديرات «غولدمان ساكس» تشير إلى أن انخفاض اليوان 10% قد يقلص النمو الأميركي 0.2%، مضيفاً ضغطاً تضخمياً على المستهلكين.

في جانب آخر، ترامب، الذي يراهن على "احتياطي العملات الرقمية" كرمز لهيمنة الدولار، قد يرى خطته تتعثر إذا أصبحت العملة مكلفة للغاية للتجارة العالمية.

لذلك، فإن السباق للتخفيض ليس بلا كلفة. الصين تخاطر بتدفق رؤوس الأموال للخارج، كما في 2015 حين خسرت 500 مليار دولار من احتياطياتها. أما اليابان وكوريا قد تواجهان تضخماً مستورداً. بينما دول مثل روسيا، المتضررة ضمناً من تعرفات محتملة، قد ترد بتخفيض الروبل، ما سيضاعف الفوضى في الأسواق.

ما الارتدادات على الخليج؟

أما الاقتصادات المربوطة بالدولار، كدول الخليج، قد تعاني تكاليف واردات أعلى دون مرونة للرد. في المقابل، قد تستفيد الصين من تعرفات أميركية على الطاقة بزيادة مشترياتها النفطية من الشرق الأوسط، لكن هذا رهان قصير الأمد.

هذه الحرب ليست مجرد رد على التعريفات الترمبية الأخيرة، بل إشارة إلى عالم يتفكك فيه النظام المالي القديم. ترامب قد يرى التخفيض تحدياً لسيادته الاقتصادية، لكن كما أثبتت أزمة الثلاثينيات من القرن الماضي، لا أحد يفوز حقاً في سباق نحو القاع. وقد تبرز قمة ترمب حول الأصول الرقمية يوم 7 مارس خططاً لمواجهة هذا التهديد، لكن السؤال يبقى: هل يمكن لأميركا فرض هيمنتها إذا جعلت الدولار سلاحاً يُستخدم ضدها؟

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC