رغم الغموض الذي يكتنف السياسات المحتملة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، تواصل السوق المالية مسارها التصاعدي في عام 2025. ويبقى مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» قريباً من أعلى مستوى قياسي سجّله يوم الأربعاء، مع استمرار المستثمرين في دفع السوق نحو النمو، متحدين المخاوف من التغييرات السياسية المرتقبة.
إلا أن تقريراً نشرته منصة «ياهو فاينانس» أشار إلى تزايد المخاوف في وول ستريت من أن كثيراً من التفاؤل المرتبط بسياسات ترامب المرتقبة، مثل خفض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وتقليص النفقات الحكومية، قد احتُسِب بالفعل في أسعار السوق. ونتيجة لذلك، يحذر المحللون من أن السوق قد تكون أكثر عرضة للإحباط بدلاً من المفاجآت الإيجابية حالما تتضح الصورة بشأن السياسات المقبلة في واشنطن.
وأشار ستيوارت كرونرت، استراتيجي الأسهم في مجموعة «سيتي غروب» (Citigroup) للخدمات المالية المتنوعة، إلى أن أداء مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» يعكس استمرار ثقة المستثمرين بوجود نظرة 'مؤيدة للأعمال' تحت إدارة ترامب. ومع ذلك، حذر من أن الاضطرابات المحتملة الناتجة عن هذه السياسات قد لا تكون قد احتُسِبَت بالكامل في تسعير السوق الحالي.
وتمسك كرونرت بتوقعه للعام الحالي لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» عند 6500 نقطة، ولكنه أعرب عن قلقه بشأن المخاطر القصيرة الأجل المرتبطة بسياسات ترامب. وأوضح أن المستثمرين يفترضون أن تأثير الرسوم الجمركية وعدم اليقين المرتبط بالسياسات الأخرى سيكون محدوداً، مضيفاً: «من الممكن أن السوق لم تسعر بعد الاضطرابات المحتملة على الأسس الاقتصادية».
تعد الرسوم الجمركية مصدر قلق رئيساً. فقد تسبب الموعد المحدد الأول لتطبيق رسوم جمركية بنسبة 25% على السلع القادمة من المكسيك وكندا في 1 فبراير في اهتزاز الأسواق لفترة قصيرة، قبل أن يُمَدَّد الموعد لمدة شهر، ما خفف المخاوف فوراً.
ومنذ ذلك الحين، اعتبر العديد من الاستراتيجيين أن الرسوم الجمركية أداة تفاوضية أكثر من كونها سياسة يجب على المستثمرين أخذها في الحسبان. ومع اقتراب الموعد النهائي الجديد في بداية مارس، تظل احتمالية حدوث مفاجآت إضافية في الأسواق قائمة.
وقال ديفيد روجال، مدير محفظة رئيسي في صندوق «بلاك روك توتال ريتيرن» (BlackRock Total Return Fund)، إن معظم المحللين يرون أن الرسوم الجمركية على المكسيك وكندا هي جزء من مفاوضات مستمرة، وأن تنفيذها غير مرجح. ومع ذلك، اعترف بأن «تدهور المفاوضات» قد يشكل مخاطر سلبية للسوق.
في أوائل فبراير، حذر ديفيد كوستين، كبير الاستراتيجيين في بنك «غولدمان ساكس»، من أن فرض هذه الرسوم الجمركية الكبيرة قد يخفض تقديرات أرباح مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، متوقعاً تراجعاً قصير الأجل بنحو 5% إذا استمرت الرسوم الجمركية. كما أن حالة عدم اليقين المتعلقة بالسياسات، إلى جانب احتمال تنفيذ الرسوم الجمركية، قد يشكلان تحدياً للاتجاه الحالي للسوق، الذي كان مدفوعاً بتوقعات نمو الأرباح القوي.
ومع اقتراب السوق المالية من أعلى مستوياتها على الإطلاق، فإن أي تهديد لنمو الأرباح قد يؤدي إلى تصحيح في السوق. وقالت فيكتوريا فرنانديز، كبيرة استراتيجيي السوق في شركة إدارة الاستثمارات «كروس مارك غلوبال إنفستمنتس» (Crossmark Global Investments): «لن نتفاجأ إذا شهدنا تراجعاً بنسبة 5% إلى 10%. على الرغم من أن هذا لا يعني بالضرورة دخولنا في ركود، فإنه سيساعد السوق على التماسك وإعادة توجيه نفسه حول بعض التوقعات المرتفعة التي تدفع التقييمات حالياً».
ووفقاً للتقرير، ستكون الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت أرباح الشركات ستستمر في الحفاظ على زخمها، وما إذا كانت السوق قادرة على الحفاظ على انتعاشها وسط حالة من الغموض السياسي المستمر.