كيف جعل الأمن القومي الأميركي «آب لوفين» بين الأنجح في وول ستريت؟

في عام 2016، وافق آدم فروغي الشريك المؤسس لشركة «آب لوفين» (AppLovin) على بيع حصة الأغلبية إلى شركة «أوريانت هونتاي كابيتال» (Orient Hontai Capital) الصينية مقابل 1.4 مليار دولار، وكان فروغي واثنان من مؤسسي «آب لوفين» قد أسسوا الشركة في 5 سنوات بجمع 4 ملايين دولار فقط من مستثمرين.

وفي عام 2017 تدخلت لجنة فيدرالية تسمى لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS)، بإيقاف عملية بيع «آب لوفين» المتخصصة في مجال تقديم تكنولوجيا تطبيقات الهواتف المحمولة ومقرها ولاية كاليفورنيا، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي. كما يفيد تقرير لموقع «ماركت ووتش».

في ذلك الوقت، بدا الأمر كأنه نكسة كبيرة، واستجابةً لمخاوف لجنة التحقيقات الفيدرالية الأميركية للرقابة على الاستثمار الأجنبي المباشر، قامت شركتا «آب لوفين» و«أوريانت هونتاي كابيتال» بإصلاح الاتفاقية، إذ تم التوصل إلى اتفاق على صفقة تمويل ديون بقيمة 841 مليون دولار مع حصول الشركة الصينية على حصة متواضعة نسبياً بنسبة 10% في الشركة، ما سمح لمؤسسي «آب لوفين» بالحفاظ على السيطرة على الشركة مع تعزيز نموها.

نكسة تتحول إلى ثروة

تحوّل تدخّل لجنة الاستخبارات المالية الأميركية إلى أفضل ما حدث لفوروغي وشريكيه المؤسسين للشركة جون كريستيناك وأندرو كرم، إذ ساهم في جعل شركتهم أكثر الأسهم إثارة في وول ستريت خلال العام الماضي، بعد أن ارتفعت أسهمها بنسبة 1,200% منذ الاكتتاب العام الأولي.

وبلغت القيمة السوقية لشركة «آب لوفين» مؤخراً 150 مليار دولار أميركي، كما أن مؤسسيها الثلاثة جميعهم من أصحاب المليارات، إذ بلغت ثروة فروغي مؤخراً 16.4 مليار دولار، وفقاً لمجلة فوربس.

وقال فاسيلي كاراسيوف، المحلل ومؤسس شركة (Cannonball Research)، إن تطوير الشركة لمنصة (Axon 2.0)، وهي منصة شراء الإعلانات القائمة على الذكاء الاصطناعي، أصبحت جوهرة التاج في الشركة، على حد تعبيره.

هذا التطوير أثار اهتماماً شديداً بأسهم الشركة، وفق ما نقله موقع «ماركت ووتش».

ووفق كاراسيوف فإن التكنولوجيا التي تطوّرها «آب لوفين» اليوم لم تكن ممكنة عندما كانت تفكر في بيعها في عام 2016، كما حرص المستثمرون على معرفة ما إذا كان يمكن تطبيق استراتيجيات التسويق القائمة على الألعاب بالنجاح نفسه في مشاريع التجارة الإلكترونية الأخرى.

في عام 2018، حصلت الشركة على استثمار في الأسهم بقيمة 400 مليون دولار أميركي من شركة KKR ذات الأسهم الخاصة بقيمة 2 مليار دولار. واستخدمت الشركة تلك الأموال النقدية لتغذية موجة من عمليات الاستحواذ التي عززت سمعتها كشركة إعلانات ألعاب الهاتف المحمول العملاقة.

وبحلول عام 2021، طُرحت شركة «آب لوفين» للاكتتاب العام بتقييم يزيد على 28 مليار دولار، أو 20 ضعف سعر البيع المقصود في الصفقة التي أُبرمت في عام 2016. 

لجنة الاستخبارات والاقتصاد 

وتعد قصة «آب لوفين» مثالاً على الدور المتزايد الذي تلعبه لجنة التحقيقات الفيدرالية الأميركية في الاقتصاد العالمي عن طريق تحديد الفائزين والخاسرين والنتائج المالية غير العادية باسم الأمن القومي الأميركي وإبعاد الصين، بغض النظر عن الحزب السياسي الموجود في البيت الأبيض.

بقيادة وزارة الخزانة، زادت لجنة الاستخبارات المالية الأميركية (CFIUS) والتي تتألف من ممثلين عن 9 وزارات حكومية فيدرالية، من نشاطاتها في منع شراء الشركات الصينية لشركات التكنولوجيا الأميركية بسبب مخاوف حول بيانات الشركات واحتمال تعرضها للسيطرة الأجنبية، وفقاً لتقارير إخبارية في ذلك الوقت.

في عام 2017، وهو العام الذي ألغى فيه مجلس مراقبة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة الأميركية (CFIUS) صفقة الاستحواذ على «آب لوفين» استعرضت اللجنة مراجعتها لـ 237 صفقة، منها 60 صفقة تتعلق بالصين، وفقاً لتقرير اللجنة نصف السنوي.

مارتن تشورزيمبا، وهو خبير في لجنة CFIUS وزميل في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، اعتبر أن عملية المراجعة يمكن أن تكون مرهقة للشركات، خاصةً أنها غالباً ما تكون في حاجة ماسة إلى الاستثمار للحفاظ على عملياتها، وفق موقع «ماركت ووتش».

وفي هذا السياق، قال مسؤول بالبيت الأبيض، أمس، إن الرئيس الأميركي وقع مذكرة توجه لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة بتقييد الاستثمارات الصينية في المجالات الاستراتيجية، وفق وكالة رويترز.

وبحسب المسؤول، فإن مذكرة الأمن القومي تهدف إلى تعزيز الاستثمار الأجنبي مع حماية مصالح الأمن القومي الأميركية من التهديدات التي يشكلها الخصوم الأجانب مثل الصين.

وكانت لجنة الاستثمار الأجنبي المباشر في الولايات المتحدة في قلب المعركة المتعلقة بمستقبل تطبيق TikTok الصيني، وهو تطبيق مشاركة الفيديو الشهير في الولايات المتحدة، إذ قال ترامب إنه يحاول إبرام صفقة بشأن التطبيق المملوك لشركة (ByteDance) الصينية، من شأنها أن تمنع إيقاف (TikTok) في الولايات المتحدة بسبب مخاوف أمنية.