رغم النمو المستمر في إنفاق المستهلكين، يواجه تجار التجزئة في الإمارات ارتفاعاً في التكاليف التشغيلية، الأمر الذي يخلق تحديات أمام قطاع التجزئة في عام 2025.
ارتفاع التكاليف التشغيلية، يرجع إلى تنامي أسعار المواد الخام وتأخيرات سلاسل التوريد، إضافة إلى زيادة الإيجارات التي تؤثر بصورة كبيرة على هوامش الأرباح، بما يدفع العديد من التجار إلى إعادة تقييم ميزانياتهم وإستراتيجياتهم التسويقية، بحسب موقع «أرابيان جلف بيزنس إنسايت» (AGBI).
بلغ إنفاق المستهلكين على السلع الاستهلاكية السريعة الحركة والتكنولوجيا والمنتجات المعمرة 3.7 مليار دولار في الربع الثالث، بزيادة قدرها 4.8% مقارنة بالعام الماضي، بحسب تقرير «مؤشر الإنفاق على التجزئة» للربع الثالث من عام 2024 الصادر عن شركة «نيلسن آي كيو» (NielsenIQ).
قادت مبيعات موسم العودة إلى المدارس وازدهار تجارة التجزئة المريحة هذا النمو، ومع ذلك، يعاني العديد من تجار التجزئة واقعاً مختلفاً.
من جهتها، تشير ناتاشا هاثرال-شاو، الرئيسة التنفيذية لوكالة العلاقات العامة «تيش تاش»، إلى أن بعض عملائها خفضوا ميزانياتهم التسويقية لعام 2025 بنسبة تصل إلى 50%، مشيرة إلى أن العام كان صعباً على قطاع التجزئة.
تعد الإيجارات المرتفعة قضية رئيسة كذلك، حيث صرح أشيش بانجابي، الرئيس التنفيذي للعمليات في «جاكيز»، بأن حركة العملاء والمبيعات قوية، لكن ارتفاع الإيجارات يتجاوز بشكل كبير نمو المبيعات، قائلاً: «يجب على أصحاب العقارات أن يدركوا أن الإيجارات المرتفعة تحد من ما يمكننا استثماره في قطاع التجزئة».
كما أن سلوك المستهلكين يشهد تغييرات، إذ قالت جوليا مور، مديرة التجارة في شركة تصنيع الأسرّة «حلمي»، إن العملاء يفضلون أسرّة أصغر حجماً تتماشى مع أحجام الغرف الأوروبية، مضيفة «يبحث العملاء عن صفقات حقيقية، ما يؤثر في الهوامش في سوق تنافسي للغاية».
بدورهم، يشير الخبراء رغم هذه التحديات، إلى وجود فرص للنمو في سوق التجزئة الإماراتي.
وعزا ديفيد كانتاتوري، رئيس قطاع التجزئة في «نيلسن آي كيو الشرق الأوسط»، النظرة الإيجابية إلى زيادة عدد السكان وتطوير مناطق جديدة، مؤكداً أهمية برامج الولاء والتسعير التنافسي كمحركات رئيسة لدعم النمو، واستخدام التكنولوجيا للاستهداف المخصص لتعظيم عائدات الإنفاق الإعلاني»، إذ تشكل التكنولوجيا حجر الأساس في تحول قطاع التجزئة.
من جهتها، أشارت ماري موريس، الرئيسة التنفيذية لشركة (Morris Global Consulting) إلى دور الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في تخصيص تجارب العملاء وأتمتة العمليات، مشيرة إلى أنه يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تتوافق مع نبرة العلامة التجارية، ما يعزز تفاعل العملاء ويحسن الكفاءة.
كما تتطور المتاجر التقليدية لتمزج بين التجزئة التقليدية والتجارب التفاعلية، وقالت أنيتا بيكر، المديرة التنفيذية لشركة «لش الشرق الأوسط»، إن الشركة تركز على تنظيم الفعاليات وورش العمل لتقديم تجربة مجتمعية، مضيفةً «نسعى لجعل الزيارة إلى متاجرنا تجربة لا تُنسى، وتحويلها إلى أكثر من مجرد مكان للتسوق».
تعد التجارة الإلكترونية جزءاً حيوياً من إستراتيجيات البيع بالتجزئة، حيث تحقق مجموعة «لاند مارك» إيرادات سنوية تبلغ 7 مليارات دولار، وتشير إلى أن التجارة الإلكترونية تمثل 20% من مبيعاتها من خلال 12 منصة مستقلة.
ومع استعداد قطاع التجزئة في الإمارات لعام 2025، سيكون التوازن بين ارتفاع التكاليف وتلبية مطالب المستهلكين المتطورة واعتماد التكنولوجيا هو المفتاح لتحقيق النجاح المستدام.