سهم «إنفيديا» يخسر أكثر من 560 مليار دولار في ساعات
مؤسس «أوبن إيه آي» «مُعجب» بـ«ديب سيك»
أصيبت الأسواق بحالة من الفزع عقب الصعود السريع للغاية لشركة صينية صغيرة نجحت في تطوير برامج ذكاء اصطناعي تتفوق على نماذج «أوبن إيه آي» الأميركية، وبتكلفة منخفضة جداً ودون الحاجة إلى رقائق «إنفيديا» باهظة الثمن.
ما عمق حالة الفزع، هو التساؤل حول مصير مليارات الدولارات التي أنفقها عمالقة التكنولوجيا الأميركيين، ولا يزالون يخططون لإنفاق مليارات الدولار على برامج الذكاء الاصطناعي والرقائق وأشباه الموصلات، في حين أن شركة صغيرة بمقدرات مالية ضئيلة ومحدودة ومجموعة من المهندسين والمبرمجين الصغار نجحوا في تحقيق هذه المعادلة.
◄هبطت الأسهم الأميركية أمس، مع هبوط أسهم التكنولوجيا الحاد؛ ما أجج المخاوف بشأن انفجار فقاعة أسهم الذكاء الاصطناعي في «وول ستريت».
◄هبط مؤشر «ناسداك» المركب لأسهم التكنولوجيا أكثر من 3% أو ما يعادل 612 نقطة عند 19341 نقطة.
◄انخفض مؤشر «إس آند بي 500» الأوسع نطاقاً بنحو 1.45% بما يعادل 88 نقطة عند 6012 نقطة.
◄صعد مؤشر «داو جونز »الصناعي 0.65% أو ما يعادل 289 نقطة عند 44713 نقطة.
سقوط
◄هوى سهم «إنفيديا» بنسبة تصل إلى 17% يوم الاثنين وهو أكبر انخفاض منذ مارس 2020؛ ما أدى إلى خسارة حوالي 560 مليار دولار من القيمة السوقية للشركة.
◄سقط سهم «سيمنز» التي تعتمد تقنيات «إنفيديا» في عملياتها الخاصة، بأكثر من 20% وصولاً إلى مستويات 48.3 يورو .
◄انخفض سهم «شنايدر إلكتريك» والتي تتعاون مع «إنفيديا» في تصميم أنظمة تبريد مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي 9.25% إلى 245.60 يورو.
◄هبط سهم «أوراكل» بحوالي 14% وصولاً إلى مستويات 158.3 دولار بنهاية التعاملات، بينما انخفض «إنتل» بأكثر من 2%.
◄تراجعت أسهم «مايكروسوفت» بحوالي 2.14% وصولاً إلى مستويات 434.56 دولار بنهاية تعاملات أمس.
◄انخفضت أسهم «أدفانس مايكرو» بحوالي 6.4% وصولاً إلى مستويات 115 دولاراً بنهاية تعاملات الاثنين، بينما تراجعت «برودكوم» 17.4%.
تحتاج شركات الذكاء الاصطناعي إلى حواسيب فائقة تحوي ما يصل إلى 16 ألف رقاقة متقدمة من إنتاج «إنفيديا» لتدريب النماذج، وهو ما يكلف مليارات الدولارات.
اعتمد مهندسو «ديب سيك» على ألفي رقاقة فقط، ونجحت نماذجها الأخيرة في الإجابة عن الأسئلة، وحل المشكلات المنطقية، وكتابة أكواد برمجيات حاسوبية دون تدخل بشري بالجودة وبالقياسية التي تعتمد عليها الشركات الأميركية.
بلغت تكلفة تطوير نموذج الذكاء الاصطناعي الذي أطلقت «ديب سيك» نحو ستة ملايين دولار، وتتيح «ديب سيك» مصادر التقنيات الجديدة للعامة مجاناً؛ ما يسمح للمطورين من جميع أرجاء العالم بالوصول إلى الأكواد الخاصة بها.
تستخدم نماذج «ديب سيك» آلية التعلم المُعزز؛ ما يمنحها قدرة على التطور واكتساب الخبرة والتعلم بطريقة تُحاكي البشر، وليس كالنماذج الأخرى التي تعتمد على التعلم تحت إشراف المطورين وبناء على توجيهاتهم والبيانات التي يمدونها بها.
عبر سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» مطورة روبوت الدردشة الشهير «تشات جي بي تي» في بيان عن إعجابه بنموذج «آر1» من شركة «ديب سيك» الصينية، وخاصة فيما يتعلق بما يمكنهم تقديمه مقابل السعر، مؤكداً في الوقت ذاته على أن قوة الحوسبة لشركته كانت مفتاحاً لنجاحها.
وقال ألتمان: «نموذج (آر 1) مثير للإعجاب، وخاصة فيما يتعلق بما يمكنهم تقديمه مقابل السعر».
أضاف: «لكننا متحمسون في الأغلب لمواصلة تنفيذ خريطة طريق البحث الخاصة بنا، ونعتقد أن المزيد من الحوسبة أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى للنجاح في مهمتنا».
في حين وصفت الشركة الأميركية «إنفيديا» نموذج «ديب سيك آر 1» بأنه «تقدم ممتاز في مجال الذكاء الاصطناعي».
كتبت «ديب سيك» في منشور على حسابها الخاص عبر «وي تشات» تطبيق التواصل الصيني، أن «نموذج «آر 1» الخاص بنا أرخص بنحو 20 إلى 50 مرة من نظيره «o1» من «أوبن إيه آي» الأميركية».
تثير تلك القيمة المنخفضة تساؤلات حول مصير استثمارات بمليارات الدولارات للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي من جانب شركات عملاقة على غرار «مايكروسوفت» و«غوغل» و«ميتا» والمستندة إلى رقائق «إنفيديا»، بات هدراً؛ إذ يمكن تحقيقها بتكاليف أرخص كما فعلت «ديب سيك».
عندما اندفع الملياردير الصيني في 2021 ليانغ وينفينغ في شراء آلاف وحدات معالجة الرسوميات من شركة «إنفيديا» لمشروعه الجانبي في مجال الذكاء الاصطناعي في أثناء إدارة صندوق التداول الكمي الخاص به، اُعْتُبِر حينذاك تصرفات غريبة لملياردير يبحث عن هواية جديدة.
بيد أن تلك المشتريات هي ما ساعد «ديب سيك» في تحقيق هذه الإنجازات التقنية، رغم القيود الغربية والأميركية المفروضة على تصدير الرقائق الأكثر تقدماً؛ إذ خصص صندوق «هاي فلاير» المؤسس للشركة جميع أرباحه منذ عام 2021 لشراء الآلاف من رقائق «إنفيديا».
تفوق تطبيق (إيه آي أسيستنت) المملوك لـ«ديب سيك» على «شات جي بي تي» المملوك لشركة «أوبن إيه آي» الأميركية ليصبح التطبيق المجاني الأعلى تصنيفاً على متجر تطبيقات «أبل» أميركا.
أثار ذلك النجاح حالة من الذعر في وادي السيليكون، ومخاوف من أن تفوق الصين قد يهدد بفقدان أميركا هيمنتها على قطاع الذكاء الاصطناعي.
يضع الإعلان الأخير لـ «ديب سيك» شركة مثل «ميتا» في حرج، إذا أعلنت يوم الجمعة الماضي عن خطط لزيادة نفقاتها الرأسمالية على مشاريع الذكاء الاصطناعي بنسبة تصل إلى 50% هذا العام، إلى ما يقرب من 65 مليار دولار؛ ما دفع أسهمها إلى مستويات قياسية.
في الوقت ذاته تم الإعلان عن مشروع مشترك من «أوبن إيه آي»، و«سوفت بنك غروب» و«أوراكل» بقيمة 100 مليار دولار يُعرف باسم «ستارغيت» لبناء مراكز بيانات ومشاريع بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
يذكر أن مشروع «ستارغيت» يرعاه ويدعمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في حين انتقده مؤسس تسلا إيلون ماسك.