مع تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة يوم الاثنين المقبل، يبدو أن الأسواق العالمية تستعد لموجة جديدة من التقلبات، إذ يُنظر إلى الجمهوري الذي لا يمكن التنبؤ بخطواته على أنه مستعد لاتخاذ قرارات سريعة في مجالات مثل التجارة والهجرة؛ ما قد يؤدي إلى تغيرات كبيرة في أسعار الأصول.
خطط ترامب لفرض رسوم جمركية أثارت بالفعل مخاوف بشأن التضخم، وهو ما يؤثر سلباً على أسعار السندات والأسهم. وفي الوقت ذاته، قد تؤدي مساعيه لتعزيز الرقابة على الهجرة إلى تداعيات على الأسواق. من جهة أخرى، تشير توقعات المحللين إلى أن تخفيف القيود التنظيمية قد يُنعش بعض الأصول، مثل العملات الرقمية وأسهم البنوك.
يقول جيف مولينكامب، مدير محفظة في شركة «مولينكامب وشركاه»: «الأسواق ستكون شديدة الحساسية لأي خطاب من ترامب. الجميع يحاول تحليل كل كلمة وإشارة تصدر عنه أو عن حلفائه المقربين.»
بعض أسعار الأصول تعكس بالفعل التوقعات السياسية لإدارة ترامب، بما في ذلك التخفيضات الضريبية وتقليل التنظيم وفرض رسوم جمركية على الواردات. الخطاب المتوقع خلال حفل التنصيب قد يرسم ملامح تحركات البيت الأبيض في الأيام والأسابيع المقبلة.
دوغ بيطا، كبير استراتيجيي الولايات المتحدة في «بي سي إيه ريسيرش»، قال: «الأسواق المالية جاهزة للرد على أي إشارة تُظهر أن الإدارة الجديدة قد تسلك مساراً مختلفاً عن التوقعات الحالية.»
تاريخياً، لم تشهد الأسواق الأميركية تقلبات كبيرة يوم تنصيب الرؤساء، إذ سجل مؤشر «إس آند بي 500» انخفاضاً متوسطاً بنسبة 0.27% في أيام التنصيب منذ الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، من المتوقع أن تكون ردود الفعل هذه المرة مختلفة؛ بسبب الطبيعة غير المتوقعة لترامب.
في آخر خطاب تنصيب له في يناير 2017، ارتفع مؤشر «إس آند بي 500» بنسبة 0.3%. ومع إغلاق الأسواق الأميركية يوم الاثنين المقبل يوم تنصيب ترامب؛ بسبب عطلة مارتن لوثر كينغ، يُتوقع أن تظهر ردود الفعل الأكبر يوم الثلاثاء.
خلال فترة ترامب الأولى، حقق مؤشر «إس آند بي 500» مكاسب بنسبة 68%، رغم التقلبات الناتجة عن سياساته التجارية، لا سيما مع الصين. بعض الأصول شهدت ارتفاعات ملحوظة منذ انتخاب ترامب في نوفمبر، مثل أسهم شركة «تسلا» التي ارتفعت بنسبة 60%، والبيتكوين الذي صعد بأكثر من 30% بسبب التفاؤل بشأن بيئة تنظيمية أكثر دعمًا. كما ارتفعت أسهم شركات السجون الخاصة مثل «جيو غروب» و«كور سيفيك» بنسب 100% و60% على التوالي، مع توقعات بزيادة الحاجة إلى مراكز احتجاز؛ بسبب سياسات الهجرة الصارمة.
مع ذلك، يحذر المستثمرون من أن تصريحات ترامب بشأن الرسوم الجمركية قد تثير توترات. ديفيد بيانكو، مدير الاستثمارات في منطقة الأميركتين لدى «دي دبليو إس غروب»، يقول: «ترامب لديه القدرة على اتخاذ إجراءات سريعة بشأن الرسوم الجمركية؛ ما قد يؤثر سلبًا على معنويات المستثمرين.» وتصاعد المخاوف التضخمية دفع عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى أعلى مستوياتها منذ نوفمبر 2023.
المستثمرون يراقبون عن كثب الحضور خلال مراسم التنصيب، خاصة رجال الأعمال الذين قد يعطون إشارات على خططهم المستقبلية للتعاون مع البيت الأبيض.
يقول أليكس موريس، رئيس قسم الاستثمارات في «إف/إم إنفستمنتس»: «اللهجة التي سيتحدث بها ترامب ستكون مؤشرًا رئيسيًا. إذا كان خطابه مليئًا بالغضب بدلًا من السياسة، فإن الأسواق قد تشهد تراجعًا في أسعار السندات والأسهم.»
ومع دخول ترامب إلى البيت الأبيض مجددًا، يتأهب العالم المالي لمزيج من الفرص والمخاطر، وسط توقعات بأن تكون الفترة المقبلة إحدى أكثر الفترات تقلباً في تاريخ الأسواق.