logo
مقالات الرأي

أهمية تدريب الموظفين في تعزيز الحماية السيبرانية

أهمية تدريب الموظفين في تعزيز الحماية السيبرانية
شاشة كمبيوتر تظهر عليها رسالة (System Hacked) التي تعني "اختراق النظام"، نُشرت يوم 19 يوليو، عندما تسبب تحديث أجرته شركة "كراود سترايك" في تعطيل عدد من أنظمة تكنولوجيا المعلومات حول العالمالمصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:13 أغسطس 2024, 12:30 م

يواكب التطور الرقمي المتواصل عبر مختلف المنصات، تطور الصناعات ونمو رواد الأعمال، إذ يوفر لهم فرصاً لا حصر لها، وابتكارات غير مسبوقة إلى حد ما.

ساهمت هذه الابتكارات والتقنيات الثورية في ربط الشركات بطرق لم تكن لتخطر ببالها قبل سنوات عديدة، إذ تؤدي التطورات التكنولوجية دوراً رئيسياً في دعم العمليات التجارية اليومية، ابتداءً من وسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية، وصولاً إلى العمل عن بعد والعمل الهجين والاعتماد على الأتمتة. لكن مع كل تطور تقني، تبرز تحديات جديدة، وهو ما ينطبق أيضاً على مجال الأمن السيبراني.

تشهد دولة الإمارات حالياً هجمات سيبرانية تنتحل صفة مواقع رسمية أو علامات تجارية شهيرة. فعلى سبيل المثال، وقعت حادثة لأحد المقيمين في دبي، إذ خسر مبلغاً مالياً في أثناء محاولته إعادة شحن بطاقة "نول" الخاصة به (وهي بطاقة إلكترونية تُستخدم للتنقل بالمترو ووسائل النقل العام الأخرى). خلال عملية البحث عن موقع هيئة الطرق والمواصلات في دبي، دخل المستخدم إلى موقع مشابه للموقع الرسمي، وقام لاحقاً بإدخال رمز التحقق الذي تلقاه، ظناً منه أنه الموقع الرسمي، الأمر الذي أدى إلى خسارة مالية. وبالمثل، تعرّضت مواقع أخرى، مثل "القرية العالمية" و"متحف المستقبل" لعمليات انتحال صفة مماثلة، بهدف خداع المستخدمين وسرقة معلوماتهم الحساسة.

أخبار ذات صلة

تفاصيل ما حدث مع مايكروسوفت

تفاصيل ما حدث مع مايكروسوفت

 تبرز هذه الأمثلة الحاجة الملحة إلى تعزيز الوعي بأهمية الأمن السيبراني، والحذر الذي يجب أن يتوخاه المستخدمون.

الحلقة الأضعف

في ظل استمرار الشركات والمؤسسات في الشرق الأوسط باحتضان الثورات الرقمية المختلفة بهدف تعزيز قدرتها التنافسية على الصعيد العالمي، بات من الضروري الآن أكثر من أي وقت مضى، التصدي لتحديات الأمن السيبراني. وفي حين أن التدابير والقدرات التقنية تشكل ركيزة أساسية للأمن الرقمي، فإن العامل البشري يظل الحلقة الأضعف في سلسلة الأمن السيبراني. وفي هذا السياق، كشف استطلاع أجرته شركة "غوغل"، أن نسبة 13% من المستخدمين يعتمدون على كلمة مرور واحدة لحساباتهم المختلفة، بينما يلجأ 52% آخرون إلى استخدام كلمة المرور ذاتها على حسابات بريد إلكتروني متعددة. إن مثل هذا السلوك، يشكل خطورة كبيرة على الأمن السيبراني.

لتعزيز فهم أفضل، نحتاج إلى استكشاف كيف يمكن للتدريب وتوعية الموظفين أن يؤدي دوراً محورياً في الارتقاء بمستوى الحماية السيبرانية في كل أنحاء الشرق الأوسط.

ثغرة أمنية

في عصرنا الرقمي، أصبح البشر من أكثر نقاط الضعف شيوعاً عندما يتعلق الأمر بالأمن السيبراني. وقد استغل مجرمو الإنترنت هذه الثغرة الأمنية بشكل متكرر من خلال تقنيات الهندسة الاجتماعية، مثل رسائل التصيّد الاحتيالي، والمكالمات الهاتفية الخادعة، والهجمات السيبرانية المستهدفة.

وفقاً لتقرير "أكرونيس" (Acronis) السويسرية نصف السنوي للتهديدات السيبرانية لعام 2023، ارتفع عدد الهجمات السيبرانية المُبلّغ عنها في العام الماضي بنسبة وصلت إلى 464% مقارنة بالنصف الأول من 2022. ولا تزال البرامج الضارة تشكل التهديد الأساسي الذي يطال الشركات الكبيرة والمتوسطة، بما في ذلك المؤسسات الحكومية، ومؤسسات الرعاية الصحية، وغيرها من المؤسسات الحساسة.

أخبار ذات صلة

 الرياض مقر لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب

الرياض مقر لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب

 وعليه، فإنه في ظل غياب برامج تدريب وتوعية قوية داخل المؤسسات، يصبح الموظفون عرضة بشكل أكبر أن يقعوا ضحية لهذه الأساليب، وهو ما يُعرّض البيانات والأنظمة الحساسة للخطر بشكل غير مقصود.

زيادة الوعي

يعد تعزيز ثقافة الوعي بالحماية السيبرانية، خطوة أساسية في تقوية المشهد الرقمي في الشرق الأوسط. وعلى غرار نظرائها في كل أنحاء العالم، تلعب الشركات والمؤسسات في الشرق الأوسط دوراً رئيسياً في ضمان الأمن السيبراني، فيما يقع التعليم في صميم تمكين الموظفين ليصبحوا في نهاية المطاف خط الدفاع الأول ضد التهديدات السيبرانية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الاستثمار في برامج تدريب شاملة للحماية السيبرانية.

كما يجب أن تغطي جلسات تدريب الحماية السيبرانية أيضاً، موضوعات مهمة، مثل التعرف على محاولات التصيد والبرامج الضارة والبرامج الخفية، واستخدام كلمات مرور قوية، وعادات التصفح الآمن، والأهم من ذلك، تحديثات البرامج بشكل منتظم. ويمكن القيام بذلك من خلال ورش عمل تدريبية تفاعلية، ومحاكاة واقعية، لعرض كيفية تمييز الموظفين بين الأنشطة المشروعة والضارة بشكل مباشر، وتمكينهم من اتخاذ قرارات مستنيرة من شأنها في النهاية حماية بيئاتهم الرقمية.

يمكن للمؤسسات بهذه الطريقة، ضمان تزويد قوتها العاملة بالمعرفة والمهارات والأدوات اللازمة لتحديد المخاطر المحتملة والتصدي لها في وقت مبكر.

حملات التوعية

في الوقت الذي يعتبر فيه التدريب على الحماية السيبرانية، عنصراً أساسياً في تعزيز الأمن السيبراني، فإنه غير كافٍ من دون حملة توعية مستمرة تهدف إلى تعزيز أفضل الممارسات. وبينما يتم تعريف الموظفين بانتظام على أحدث التهديدات والاتجاهات، من المهم أيضاً نشر النصائح العملية باستمرار وتسليط الضوء على قصص النجاح.

الهدف الرئيسي من القيام بذلك، هو إبقاء الحماية السيبرانية في صدارة اهتمامات الموظفين. علاوة على ذلك، فإن تعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية والملكية، يضمن أيضاً ضم كل فرد إلى الفريق، وفهمهم التام لدورهم في حماية الأصول الرقمية للمؤسسة.

لقد أصبحت الحماية السيبرانية الآن مسؤولية مشتركة، وهذا يتطلب تعاوناً متجدداً بين أصحاب المصلحة المختلفين داخل المؤسسة، وهو أمر ضروري لضمان آلية دفاع قوية.

شراكات استراتيجية

يمكن تحقيق ذلك من خلال إقامة شراكات استراتيجية، ومشاركة المعارف والخبرات، وتنسيق الجهود التكتيكية التي ستتصدى في نهاية المطاف، وبشكل جماعي، لمشهد التهديدات السيبرانية المتطور باستمرار. إضافة إلى ذلك، من المهم تعزيز التعاون الدولي الذي يمكن أن يسهل تبادل الأفكار والخبرات وأفضل الممارسات. وهذا بدوره، سيمكن المؤسسات في الشرق الأوسط من الاستفادة الكاملة من الخبرات العالمية في تعزيز قدراتها في مجال الحماية السيبرانية.

أخيراً، في ظل مواظبة الشرق الأوسط على مواكبة التحوّل الرقمي في العالم، تزداد الحاجة إلى تدابير قوية للحماية السيبرانية. ومع ذلك، يجب على صنّاع القرار الرئيسيين تحديد الأولويات، وتذكر أن التكنولوجيا وحدها لا يمكن أن تضمن سلامتهم. ويظل فهم دور العامل البشري محورياً في بناء نظام بيئي رقمي مرن في المنطقة. ومن خلال تدريب الموظفين ووعيهم، يمكن لهذه المؤسسات أن تساعد بشكل كبير على تعزيز الحماية السيبرانية في كل أنحاء المشهد الرقمي للمنطقة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC