logo
مقالات الرأي

«كوب 16».. مبادرة تاريخية لاستعادة الأراضي وتعزيز الاستدامة عالمياً

«كوب 16».. مبادرة تاريخية لاستعادة الأراضي وتعزيز الاستدامة عالمياً
يلتقط الزوار الصور خارج مركز المؤتمرات حيث تم افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD COP16) في العاصمة السعودية الرياض في 2 ديسمبر 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:5 ديسمبر 2024, 12:43 م

حددت الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف «كوب 16» هدفاً طموحاً يتمثل في استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030، وتحت شعار «أرضنا، مستقبلنا»، يبرز هذا الحدث، الذي يُعقد لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الحاجة الملحة للتعاون الدولي لمكافحة التصحر وتعزيز الاستدامة، فيما يلي استعراض شامل لتأثيرات وأهمية أهداف كوب 16.

توسيع نطاق جهود استعادة الأراضي

يمثل هدف «كوب 16» لاستعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي المتدهورة فرصة تحويلية هائلة، تُسهم استعادة الأراضي في دعم التنمية المستدامة، وتعزيز الاقتصادات المحلية، وخلق ملايين الوظائف الخضراء، ووفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD)، فإن كل دولار يُستثمر في استعادة الأراضي يحقق عائداً اقتصادياً يتراوح بين 7 و30 دولاراً.

سيكون التعاون بين الخبراء والمنظمات غير الحكومية والحكومات والجامعات والقطاع الخاص عاملاً أساسياً لتحقيق هذا الهدف. كما ستدفع هذه الجهود عجلة الابتكار في تقنيات إدارة الأراضي المتقدمة وإستراتيجيات الحفاظ على الموارد المائية، ما يعزز الإنتاج الزراعي، ويقوي القدرة على مواجهة الجفاف. من خلال هذا التحول نحو الاقتصادات الخضراء، تصبح استعادة الأراضي عنصراً أساسياً في تحقيق التنمية المستدامة.

تعزيز الأطر السياسية لمقاومة الجفاف

لتحقيق مقاومة فعّالة للجفاف، يجب الانتقال من الاستجابات الطارئة إلى إستراتيجيات استباقية. ومن بين الحلول الرئيسة:

  • أنظمة الإنذار المبكر لتحديد المناطق الأكثر عرضة للخطر.
  • الترويج للمحاصيل المقاومة للجفاف.
  • ضبط الأنشطة كثيفة استهلاك المياه من خلال سياسات وتشريعات واضحة.

بالإضافة إلى ذلك، تُعدّ إعادة التشجير وإطلاق صناديق لإدارة الجفاف والتأمين ضد الجفاف أدوات فعّالة لدعم المجتمعات المتضررة. كما يسهم التنسيق بين الإدارات المختلفة في ضمان تطبيق السياسات بشكل فعّال وبما يدعم الأهداف طويلة الأجل.

دور التكنولوجيا في مكافحة التصحر

تلعب التكنولوجيا دوراً حيوياً في مواجهة تدهور الأراضي، تشمل الحلول المبتكرة:

  • الإدارة المستدامة للأراضي: تهدف إلى زيادة الإنتاجية الزراعية وتحقيق فوائد مباشرة للمجتمعات المحلية. تُعدّ إستراتيجية الإمارات الوطنية لمكافحة التصحر 2030 مثالاً رائداً، حيث تسعى إلى استعادة 80% من الأراضي المتدهورة وزيادة كفاءة استخدام المياه بنسبة 60%.
  • الحفاظ على المياه: تشمل التقنيات الحديثة حصاد مياه الأمطار، الري بالتنقيط، وزراعة المحاصيل المقاومة للجفاف.
  • إعادة التشجير: تساعد زراعة الأشجار على تحسين جودة التربة واستعادة التنوع البيولوجي.
    بالإضافة إلى ذلك، تُسهم المواد العضوية والأسمدة المعدنية في تحسين صحة التربة وضمان استدامة الاستخدام الزراعي.

تمكين الشباب والنساء والمجتمعات المحلية

يُبرز كوب 16 أهمية إشراك الشباب والنساء والمجتمعات المحلية في جهود استعادة الأراضي. هذه الفئات تحمل رؤى وخبرات تُسهم في اعتماد ممارسات مبتكرة.

أخبار ذات صلة

«كوب 16».. «التنسيق العربية» تتعهد بـ10 مليارات دولار لمكافحة التصحر

«كوب 16».. «التنسيق العربية» تتعهد بـ10 مليارات دولار لمكافحة التصحر

 

  • المعرفة التقليدية للمجتمعات المحلية: تمتلك المجتمعات المحلية خبرات عميقة في إدارة الأراضي بشكل مستدام. أظهرت الدراسات أن الأراضي التي تُدار من قبل المجتمعات المحلية تشهد معدلات أقل من إزالة الغابات.
  • دور النساء: تشكل النساء نحو 50% من القوى العاملة الزراعية في العديد من الدول النامية، ما يجعل مشاركتهن أساسية لتحقيق استعادة فعالة للأراضي.
  • إشراك الشباب: تُعزز برامج مثل منتدى شباب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وإستراتيجية إشراك الشباب الحوار بين الأجيال، وتُعدّ الشباب للمساهمة في القضايا العالمية.
    تعزيز الأمن الغذائي من خلال استعادة الأراضي

هناك ترابط وثيق بين استعادة الأراضي وتحقيق الأمن الغذائي. تُعزز الممارسات الزراعية المستدامة، مثل الزراعة البيئية والزراعة التجديدية، صحة التربة، تدعم التنوع البيولوجي، وتزيد مرونة النظم الغذائية في مواجهة تغير المناخ. كما أطلقت منظمة الأغذية والزراعة (FAO) منصات علمية وتقنية لدمج التكنولوجيا الحديثة مع المعارف التقليدية، ما يضمن تلبية احتياجات المناطق المختلفة.

دور منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في قيادة الاستدامة

يمثل استضافة السعودية لـ«كوب 16» خطوة تاريخية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تشكل الأراضي الصالحة للزراعة 1.6% فقط من إجمالي مساحة دول مجلس التعاون الخليجي، ما يجعل التصحر تحدياً كبيراً. سيُسلط المؤتمر الضوء على الجهود الإقليمية مثل تطوير محاصيل مقاومة للجفاف ومشاركة المنطقة الفعالة في اتفاقيات الأمم المتحدة البيئية.

تستغل المنطقة منصة «كوب 16» لتعبئة الموارد وتعزيز دورها في تشكيل السياسات العالمية، مؤكدين التزامها بمكافحة تدهور الأراضي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

أخبار ذات صلة

«كوب 29» يثمر 300 مليار دولار سنوياً.. والدول النامية: مخيب للآمال

«كوب 29» يثمر 300 مليار دولار سنوياً.. والدول النامية: مخيب للآمال

 

تمويل استعادة الأراضي وتعزيز مقاومة الجفاف

تعد المؤسسات المالية الدولية والقطاع الخاص شريكين أساسيين في تحقيق أهداف «كوب 16». يمكنهما الإسهام من خلال:

  • آليات التمويل: تقديم قروض ميسرة وتمويل مشاريع الاستعادة.
  • الشراكات بين القطاعين العام والخاص: دعم الحكومات في تنفيذ المشاريع بكفاءة.
  • المسؤولية الاجتماعية للشركات: تشجيع ممارسات زراعية مستدامة مثل الزراعة العضوية والتشجير.
    يسهم التمويل المستدام في تعزيز الجهود العالمية لاستعادة الأراضي ومواجهة تحديات الجفاف.

التعاون الدولي من أجل مستقبل مستدام

يوفر «كوب 16» فرصة فريدة لتعزيز التعاون العالمي. تشمل التوقعات إطلاق آليات تمويل جديدة، تشكيل شراكات عبر الحدود، وتجديد الالتزام بتحقيق هدف الحياد في تدهور الأراضي (LDN). من خلال هذه الجهود، يهدف «كوب 16» إلى تحقيق تأثيرات إيجابية مستدامة تدعم مستقبلاً أكثر مرونة واستدامة.

الخاتمة

يمثل «كوب 16» نقطة تحول في الجهود العالمية لمكافحة التصحر والتحديات المناخية. من خلال أهدافه الطموحة وإستراتيجياته الشاملة، يمهد المؤتمر الطريق لعالم أكثر خضرة واستدامة. تحت شعار «أرضنا، مستقبلنا»، يجسد «كوب 16» روح التعاون والعمل الجماعي لتحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC