logo
مقالات الرأي

الاقتصاد الأميركي أمام أزمة مالية متوقعة خلال سنتين

الاقتصاد الأميركي أمام أزمة مالية متوقعة خلال سنتين
الدولار الأميركيالمصدر: داو جونز
تاريخ النشر:23 يونيو 2024, 06:53 ص

مع نمو الاقتصادات، يمكن للحكومات تمويل الإنفاق الإضافي من خلال زيادة عرض النقود بمعدل مماثل دون تفاقم التضخم، ومع ذلك، فإن العديد من الحكومات تتجاوز هذا الحد، مما يزيد من مخاطر التضخم المتسارع، والولايات المتحدة تعد مثالًا بارزًا على ذلك.

يمثل الدولار 54% من فواتير التجارة العالمية، و 59% من احتياطيات البنوك المركزية الأجنبية . ويتم استخدام العملة  والسندات الأمريكية، والأصول المقومة بالدولار على نطاق واسع في الخارج للحفاظ على السيولة واستثمارات آمنة.

ولتوفير سيولة إضافية للاقتصاد العالمي المتوسع، تبيع وزارة الخزانة الأميركية سندات للمستثمرين الأجانب، مما يسمح للأميركيين بتمويل العجز الفيدرالي الكبير واستهلاك أكثر مما ينتجون من خلال عجز تجاري يصل إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي.

ونتيجة لذلك، يستفيد الأميركيون من ضرائب أقل، وبرامج استحقاقات أكبر، تقدر قيمتها مجتمعة بنحو 850 مليار دولار سنويًا. كل هذا بفضل الثقة العالمية في السياسات المالية والنقدية الأميركية التي تحافظ على القوة الشرائية للدولار قوية ومستقرة نسبيًا من خلال تجنب التضخم المفرط.

تحذيرات صندوق النقد الدولي

لكن مؤخرًا، انتقد صندوق النقد الدولي واشنطن لاستغلالها ما أسماه "الامتياز المفرط" لأميركا، وأعرب الصندوق عن قلقه من أن العجز في الميزانية الفيدرالية الأميركية "لا يتماشى مع الاستدامة المالية طويلة الأجل".

وفي أعقاب الأزمة المالية العالمية 2008-2009 ،و خلال جائحة كوفيد-19، حافظ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على معدلات الفائدة المنخفضة تاريخيًا، حيث بلغ متوسط معدل السندات الأميركية لمدة 10 سنوات 2.3%، ومعدل الفائدة الحقيقي المعدل حسب التضخم كان 0.5% فقط، وشجعت هذه المعدلات المنخفضة الحكومات والمستثمرين على الإفراط في الإنفاق وتراكم الديون.

التحديات الاقتصادية

ومن ناحية أخرى شجع الإقراض شبه المجاني المستثمرين على التدفق نحو السندات الرديئة، والأسهم الخاصة، وغيرها من الاستثمارات العالية المخاطر. ونتيجة لذلك، تم تخصيص رأس المال والعمالة والطاقة الريادية في مشاريع كان يجب أن تبقى صغيرة، أو لم تمول من الأساس.

وعندما يرتفع التضخم، كما يحدث عادة بعد فترات الأموال السهلة، يتردد السياسيون في تقليص الإنفاق. بدلاً من ذلك، يضغطون على البنوك المركزية لتبني سياسات متساهلة. 

وتباطأ الاحتياطي الفيدرالي في الاستجابة لارتفاع التضخم في عام 2021 واعتمد بشكل كبير على الأمل في أن تصحح قيود العرض الناتجة عن فترة كوفيد نفسها، وعندما استجاب أخيرًا برفع أسعار الفائدة، ظل التضخم مقاومًا لهدف 2%. لكن يجب على الاحتياطي الفيدرالي الاستمرار في سياساته، حتى يتحقق هذا الهدف. فقد وجدت دراسة لصندوق النقد الدولي، شملت حوالي 100 فترة من التضخم العالي في 56 دولة، أن البنوك المركزية التي تتعامل بقوة مع التضخم ترى اقتصاداتها تحقق نموًا طويل الأجل.

مستقبل الاقتصاد الأميركي

قد تواجه واشنطن أزمة مالية في 2025 أو 2026، لأن صندوق النقد الدولي يتوقع أن العجز الأميركي سيصل إلى 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي، قد يدفع المستثمرين الدوليين للتردد في شراء المزيد من السندات الأميركية، مما قد يؤدي إلى انخفاض قيمة الدولار. 

أخبار ذات صلة

مستويات قياسية من الصعود للأسهم الأميركية تنذر باقتراب التصحيح المؤلم

مستويات قياسية من الصعود للأسهم الأميركية تنذر باقتراب التصحيح المؤلم

 

في ظل هذه الظروف، ستجعل متطلبات الاقتراض المرتفعة بشكل دائم من الصعب السيطرة على الشؤون المالية الفيدرالية والتضخم، حيث ستنمو تكلفة خدمة الدين بوتيرة أسرع من نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي.

الخيارات المتاحة

عندئذ، سيكون على الأميركيين إما دفع ضرائب أعلى أو رؤية تخفيضات في برامج الاستحقاقات، التي تشكل 63% من الإنفاق الفيدرالي. وإلا، ستخاطر الولايات المتحدة بتهور بوضع الثقة الدولية في الدولار في خطر. 

ما حدث في العام الماضي يعد دليلاً على ذلك، عندما أدت زيادة مؤقتة ولكن كبيرة في اقتراض الخزانة لإعادة بناء أرصدتها النقدية بعد المواجهة حول سقف الدين في الكونغرس إلى زيادة نقطة مئوية كاملة في معدل سندات الخزانة لمدة 10 سنوات، حيث أظهر المستثمرون المحليون والدوليون حدود شهيتهم للدين الأميركي المتزايد باستمرار.

ويحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى إعادة تقييم أهدافه طويلة الأجل لأسعار الفائدة، حيث إن معدل سندات الخزانة لمدة 10 سنوات هو السعر الأكثر أهمية لتخصيص رأس المال بين الاستخدامات المتنافسة، وليس معدل الأموال الفيدرالية الذي يستهدفه الاحتياطي الفيدرالي من خلال عمليات السوق المفتوحة.

ويجب على الاحتياطي الفيدرالي إدارة معدل السندات لمدة 10 سنوات ليكون معدل 2% معدلاً حسب التضخم من خلال بيع وشراء ما يزيد عن 4 تريليون دولار من محفظة سندات الخزانة. اعتمادًا على مكان استقرار التضخم، سيتطلب ذلك معدل سندات الخزانة الاسمي بين 4% و 6%.

وبدون سياسات مالية ونقدية أكثر مسؤولية، قد تجبر أزمة في الدولار الأميركي، الأميركيين على تحمل أعباء جديدة تتمثل في زيادات ضريبية أكبر، وتخفيضات في الاستحقاقات وتضخم يكلف كل أسرة ما يصل إلى 6600 دولار سنويًا.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC