تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة مسارها التصاعدي لتعزيز مكانتها الريادية كمركز رئيس للتكنولوجيا النظيفة وقوة لا يُستهان بها لابتكار طرق فاعلة للتصديّ للتحديات البيئية.
وبفضل ما تقدّمه البلاد من دعم قوي لتقنيات إعادة التدوير المتقدمة والالتزام بالاستدامة، حققت الإمارات إنجازات هائلة في إنشاء بيئة تزدهر فيها الأفكار التي تتمحور حول قضايا المناخ. يشمل ذلك منظومة متنامية من الشركات الناشئة المحلية والشراكات العالمية؛ ما يساهم بتوليد حلول تعالج القضايا البيئية المحلية مع تقديم فوائد ومزايا قيّمة يمكن قياسها وتعزيزها.
يشهد العالم ككل اتجاهاً متزايداً للاستثمار في الشركات الناشئة المتخصصة بالتقنيات المناخية، مع ضخ مليارات الدولارات في صناعات مثل الفولاذ الأخضر والاندماج النووي. تسخّر الإمارات العربية المتحدة هذه التقنيات، وتدعم الابتكار المستدام من خلال الاستثمارات والسياسات الاستراتيجية. كما تعمل الشركات في الدولة على تكثيف جهودها والاستجابة لمتطلّبات المستهلكين والمستثمرين للابتعاد عن الوقود الأحفوري والعمل نحو تحقيق صافي انبعاثات صفرية.
بالإضافة إلى التصدّي لقضايا المناخ، يساهم هذا الموقف الاستباقي القائم على التكنولوجيا بإعادة تشكيل الطرق التي يتواءم بها النمو الاقتصادي مع أهداف الاستدامة. من خلال التكامل الصحيح بين الموارد والبنية الأساسية والنهج الاستشرافي للدولة، أثبتت الإمارات العربية المتحدة أهمية الابتكار ودوره في تمهيد الطريق لاستشراف مستقبل أكثر اخضراراً واستدامة.
هناك عدد من المحاور الرئيسة التي تدفع قطاع الاستدامة في الإمارات إلى الأمام – من إعادة التدوير، الطاقة المتجددة، وإدارة المياه إلى البناء المستدام. وبدعم من المبادرات الهادفة مثل استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، تعمل الدولة على تنويع مصادر الطاقة والتركيز على الاستدامة على المدى البعيد.
مع هدف مضاعفة حصتها من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، نجحت دولة الإمارات بتحقيق تقدّم واضح نحو تقليل بصمتها الكربونية ومعالجة تحديات المناخ العالمية.
وكما يتجلّى في المنظومة التقنية المزدهرة في وادي السيليكون، تعمل الدولة أيضاً على تطوير بيئة مشجعة لريادة الأعمال تدعم التحول من الإيرادات القائمة على النفط إلى حلول مبتكرة ومستدامة. كان هذا واضحاً خلال مؤتمر الأطراف (COP28) في دبي، والذي سلّط الضوء على التكنولوجيا المناخية، وتعويض الكربون، ودور القطاع الخاص في دفع الاستدامة إلى الأمام.
لأن الناس هم جوهر الاستدامة، يُعتبر تشجيع الأفراد على تبني عادات أكثر خضرة أمراً بالغ الأهمية لإحداث تأثير دائم. ناهيك عن أهمية إدارة النفايات من خلال إعادة التدوير باعتبارها أكثر الطرق المتاحة للأفراد للمساهمة بشكل مباشر في الحفاظ على البيئة.
من المتوقع أن تؤدي ممارسات إعادة التدوير بين عامي 2020 و2050 إلى خفض الانبعاثات بمقدار 5.5 إلى 6.02 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل إزالة أكثر من مليار سيارة من الطرق لمدة عام كامل.
وبينما توجد مصانع على مستوى العالم جاهزة لمعالجة المواد الخام من المواد القابلة لإعادة التدوير، إلاّ أنّ التحدي الرئيس يكمن في إنشاء البنية الأساسية لجمع النفايات. لهذا، فإن سد الفجوة بين المستهلكين ومرافق إعادة التدوير أمر بالغ الأهمية لتحقيق التقدّم في معالجة القضايا البيئية العالمية. يحتاج مزودو حلول التكنولوجيا النظيفة إلى التركيز على إنشاء البنية الأساسية لجمع النفايات دون استنزاف الموارد بشكل مباشر في إعادة التدوير، بل اتباع منهجية تعتمد على تحفيز الأفراد للمشاركة بدلًا من ذلك.
تتمتع ألمانيا والدول الاسكندنافية بتاريخ حافل فيما يتعلق بتقديم أنظمة وحلول مبتكرة لقبول العبوات البلاستيكية المستعملة وإعادة الودائع المالية لتعزيز إعادة التدوير. ومع ذلك، فإن اتباع نموذج يركز على التعزيز الإيجابي يؤدي إلى نتائج أفضل خاصة وأن المستهلكين يميلون إلى إعادة التدوير عندما تكون هناك مكافآت ملموسة. من خلال توفير مكافآت فورية للمستخدمين، مثل الخصومات على المشتريات أو الخدمات المستقبلية أو عن طريق إعطاء نقاط يمكن استخدامها في عمليات التسوق، يتم تقديم تجربة أكثر جاذبية وسهولة في الاستخدام.
أحد التحديات الأساسية في إعادة التدوير هو الافتقار إلى البنية التحتية المناسبة. هناك حاجة ملحّة إلى نشر الحلول وآلياتها بشكل استراتيجي في مواقع ملائمة للمستهلكين، مثل مراكز التسوق والمناطق السكنية ومراكز النقل للمساعدة في تقليل النفايات عند مصدر تجمّعها.
تتمتع شركات التكنولوجيا النظيفة بفرصة كبيرة لتقديم حلول مبتكرة على الساحة العالمية، وخاصة في المناطق التي لا توجد فيها أنظمة ثابتة لإعادة التدوير واسترجاع الودائع المالية. وفي حين تزدهر مثل هذه الأنظمة في المناطق الأكثر ثراءً، فإن النماذج القابلة للتطوير والتكيف ضرورية لمعالجة تحديات إدارة النفايات عبر مختلف المناطق الاقتصادية والجغرافية. يضمن هذا النهج إمكانية تنفيذ الحلول المستدامة بشكل فعال، بغض النظر عن المشهد الاقتصادي في المنطقة.
تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بإمكانات قوية ومكانة بارزة لقيادة الجهود الرامية إلى تعزيز الممارسات المستدامة على مستوى العالم. مع خطط لاستثمار 200 مليار درهم إماراتي (54.5 مليار دولار أميركي) في الطاقة النظيفة، تخطو الدولة خطوات راسخة نحو تحقيق أهدافها المناخية لعام 2050.
كما أدى تركيز الدولة على الابتكار إلى إنشاء بيئة مواتية لازدهار الحلول المحلية، مثل سباركلو، لتطوير تكنولوجيا إعادة التدوير، واستحداث فرص للعمل، وتلبية الطلب المتزايد على الحلول المبتكرة. تسلط هذه الجهود الضوء على دور دولة الإمارات العربية المتحدة في الجهود العالمية الرامية إلى تحقيق مستقبل أكثر استدامة.