والبورصة العقارية سوق يتم فيها تداول العقارات بطريقة مشابهة لتداول الأسهم والسندات في البورصات التقليدية، وتهدف إلى توفير وسيلة للمستثمرين لشراء وبيع العقارات بسهولة وشفافية، وتتضمن هذه العقارات المتداولة العقارات التجارية والسكنية والصناعية وغيرها.
وتخطط الحكومة المصرية لإطلاق البورصة العقارية خلال 4 أشهر، بعد الانتهاء من التشريعات المطلوبة، بما يساهم في تنشيط السوق العقارية في البلاد.
وتعمل الحكومة المصرية على إتاحة العديد من أدوات الاستثمار من بينها القطاع العقاري الذي يعد من القطاعات الرئيسية في البلاد، إذ ينتظر أوساط المستثمرين والجهات ذات الصلة صدور تشريع من مجلس النواب لبدء عمل البورصة العقارية التي قال عنها رئيس البورصة المصرية أحمد الشيخ في تصريحات سابقة لـ"إرم الاقتصادية"، أنهم في جاهزية تامة لبدء عمل هذا السوق لاحتضان أحد أهم القطاعات في السوق المصرية، بهدف إتاحة العديد من الخيارات والمرونة للمستثمرين في العقار وكذلك لجذب شرائح جديدة متوسطة.
ويرجح البعض أن تطرح الحكومة المصرية أصولا عقارية حكومية وأراضي ومنشآت عامة للتداول عليها في البورصة العقارية، وتقوم البورصة العقارية بتداول ونقل ملكية الأصول العقارية، وتُمكن المستثمرين والشركات العقارية من شراء وبيع حصص في أصول عقارية أو الاستثمار في مشاريع عقارية من خلال تحويل الأصل العقاري إلى حصص عقارية توازي وحدات مترية تمثل وثيقة ملكية قابلة للتداول.
وأظهر تقرير حديث لشركة نايت فرانك التي تتتبع المشتريات في 12 سوقًا حول العالم، أن القيمة الإجمالية للمبيعات العقارية في دبي بلغت 5 مليارات دولار في 9 أشهر بين يناير وسبتمبر 2023، إذ تسعى دبي لاجتذاب الأفراد ورؤوس الأموال لدفع عجلة النمو طويل الأمد في إطار نموذج اقتصادي يركز على الاستثمار العقاري والسياحة وتدفق رأس المال الأجنبي.
وحول أهميتها، قال مدير التداول بشركة يونيفرسال لتداول الأوراق المالية محمد عطا في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، إن البورصة العقارية تعمل على تقييم الأصل نتيجة للعرض والطلب ثم تسييله (بيعه) ومن ثم ينشأ عن ذلك حالة رواج للسيولة التي يتم إعادة تداولها على الأصول وتدفع إلى حدوث نشاط ملحوظ في البورصة.
ولعل البورصة كسوق مال تضم داخل ردهاتها شركات وأوراق مالية خاصة وحكومية، فهل ينطبق ذلك على البورصة العقارية؟، أجاب عطا بقوله: "من الوارد أن يكون من ضمن ما سيتم تداوله بالبورصة العقارية أصول ومنشآت عامة وأراض (تتملكها الدولة) فقد يكون هذا أحد مكونات السوق الجديدة".
ولفت إلى أن قطاع العقار في البورصة المصرية يعاني من ما وصفه بـ "شُح الإدراجات" رغم صعوبة تسييل الأصول العقارية، وهو ما دعا الحكومة المصرية إلى إنشاء بورصة عقارية أسوة بما هو معمول به في الدول الأخرى.
وتابع: "أغلب الدول التي انتهجت هذا التوجه حققت مردودًا إيجابيًا ونتائج ملموسة، مثل دبي التي تعد النموذج العربي الوحيد والناجح في هذا الشأن، فقد عملت على تحريك القطاع العقاري وساهمت في تعزيز نموه إلى حد كبير، سواء تأجير أو تنازل عن وحدات مما أثمر عن زخم بيعي ناجم عن الوفود السياحة هناك والتي قادت إلى تنامي القطاع، لاسيما العقار الفاخر في دبي".
واحتلت دبي المرتبة الأولى عالميًا من حيث حجم المبيعات العقارية الفاخرة بقيمة 1.6 مليار دولار للوحدات التي يزيد سعرها على 10 ملايين دولار بنهاية الربع الثاني، مقارنة بـ797 مليون دولار في الربع الثاني من 2022، ويعزى ذلك إلى استمرار تدفق الثروات من الخارج إلى دولة الإمارات. في حين احتلت نيويورك المركز الثاني بمبيعات تبلغ 1.1 مليار دولار في الربع الثاني، أعقبها لندن في المرتبة الثالثة بمليار دولار.
وأكد عطا استفادة قطاعات أخرى كثيرة من تدشين البورصة العقارية بسبب عمليات البيع والشراء الواسعة الناجمة عن البورصة الجديدة.
وبشأن آلية عمل البورصة العقارية، قال الخبير الاقتصادي: "حتى الآن مازالت البورصة قيد التدشين"، من المؤكد أن إدارة البورصة بالتنسيق مع الجهات المعنية ستعلن عن اللائحة التنظيمية مثل بورصات العقود الآجلة والسلع وغيرها، فنحن سنكون في البداية- عندما يتم العمل الربع الأول العام المقبل- ومن الطبيعي أن يطفو على السطح أخطاء من الممكن تتداركها في المراحل اللاحقة، ربما لم تتضح الرؤية حول نموذج العمل الذي سيتم الأخذ به من الدول التي سبقتنا وحققت نجاحًا.
وبمجرد إعلان رئيس البورصة المصرية خلال الأيام الماضية، عن جاهزية السوق لتدشين البورصة العقارية بداية العام المقبل، رأى محمد عطا أنها خطوة تفاعل معها قطاع العقار(الخامل) داخل البورصة محققا نشاطا ملحوظا من خلال تحقيق الشركات العقارية المدرجة لطفرات سعرية.
وفيما يتعلق بمزايا بورصة العقارات ودورها في تنظيم السوق، قال رئيس قطاع الاستثمار في شركة القاهرة الوطنية لتداول الأوراق المالية والمحلل المالي حسام عيد لـ"إرم الاقتصادية"، إن قطاع العقار يُعد من أهم القطاعات الآمنة والتي تحافظ على القيم الرأسمالية بلا تآكل، بل يوفر مزايا وعائدات مجزية على الاستثمار، فضلاً عن التحوط به في أوقات الأزمات أو الاضطرابات السياسية وغيرها.
وفي هذا السياق، أشار عيد إلى أن هذا السوق الكبير كان لابد أن يؤسس له سوق ينظمه ويعزز نشاطه فاستحدثت الصناديق العقارية بأسواق المال والتي أُعدت لها آليات عمل وكيان منفصل عن سوق الأسهم، وهي بذلك من أهم الأدوات المالية التي تجذب رؤوس أموال بأحجام كبيرة وهو ما أكدته بورصة دبي التي ساهمت بشكل لافت في نشاط القطاع العقاري في الإمارة وكذلك الأمر في أبوظبي.
وأضاف أنه بعد نجاح تجربة دبي وأبوظبي في هذا الخصوص اتجهت إدارة البورصة المصرية لتطبيق التجربة، لاسيما وأن السوق العقاري المصري كبير ويذخر بالفرص الواعدة التي تكون مثار اهتمام مستثمرين محليين وأجانب في العموم ولذلك كان قرار إدارة السوق لإنشاء البورصة العقارية هو استقطاب رؤوس الأموال التي تساهم أيضا في زيادة الزخم داخل سوق المال المصرية وزيادة القيمة السوقية إلى 2 تريليون جنيه، مما يعكس ارتفاع مساهمتها في الناتج القومي لمصر.
أما آلية عمل هذه السوق، أوضح المحلل المالي، أنه غالبًا ما يتم العمل من خلال الصناديق العقارية التي تطرح وثائق للراغبين في الاستثمار وتسعير الوثيقة يعود إلى الجهة المنظمة أي إدارة سوق المال من خلال نشرة الاكتتاب التي تحوي جميع التفاصيل، إذ لم يتم الإعلان عنها بعد، لكن تشير التوقعات إلى أسعار تتراوح بين 50 و100 جنيه للوثيقة الواحدة على غرار صناديق الاستثمار مثلاً.
وأضاف: "ننتظر إلى حين صدور تشريع يضع آلية وقواعد عمل السوق، لكن المحلل المالي نوه إلى حديث رئيس البورصة المصرية مع شركات الوساطة المالية قبل أسابيع، بأن البورصة العقارية أو الصناديق تتيح عملية الدخول والخروج من الاستثمارات العقارية بأي وقت"، فمثلاً "شخص اشترى مترًا واحدًا في مول تجاري بسعر 50 ألف جنيه سيتيح له الصندوق من خلال البورصة بيعه متى شاء أو زيادته وبالتالي يخلق ذلك زخمًا واسعًا وتوسيع النشاط نفسه"، خصوصا وأن هناك اتجاها قويا بين المستثمرين في القطاع العقاري لتجزئة القيم الكبيرة وتأتي البورصة العقارية لتحقق آمالهم.
وكان رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية أحمد الشيخ قال، في تصريحات سابقة لـ"إرم الاقتصادية"، إن إطلاق البورصة العقارية يساهم بشكل كبير في تنشيط صناديق الاستثمار العقاري التي تساهم في إتاحة إمكانية تحقيق أرباح رأسمالية من خلال بيع جزء من حصص ملكية العقارات التي تمتلكها لكي يتم توزيع العائد على المستثمرين حاملي وثائق الصندوق وجود تسعير حقيقي قائم على قوى العرض والطلب مما يساعد صناديق الاستثمار العقاري في عملية تسعير أصولها العقارية خاصة إذا كانت متداولة.