logo
عقارات

هل تشهد مصر فقاعة عقارية؟.. خبراء يحسمون الجدل

هل تشهد مصر فقاعة عقارية؟.. خبراء يحسمون الجدل
عمال بناء في أحد المواقع ضمن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، يوم 1 أغسطس 2023.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:21 سبتمبر 2024, 05:44 ص

بين تطمينات رسمية تؤكد عدم وجود فقاعة عقارية في مصر وتحذيرات من خبراء الاقتصاد من احتمال تضخمها وقرب انفجارها، يجد قطاع العقارات المصري نفسه عند مفترق طرق حرج، في ظل الارتفاعات غير المسبوقة في أسعار الوحدات السكنية، بينما يتراجع الطلب الحقيقي من الطبقة المتوسطة، التي تعاني من ضعف القوة الشرائية وارتفاع معدلات التضخم.

السبت الماضي، قال وزير الإسكان المصري شريف الشربيني، خلال مؤتمر صحفي، إنه «لا خوف من وجود فقاعة عقارية داخل مصر، لأن هناك طلباً حقيقياً على العقار المصري»، مشيراً إلى أن المناطق الساحلية أصبحت تشهد إقبالاً غير متوقع على المشروعات العقارية التي يتم طرحها، وفق وسائل إعلام محلية.

وعزا الشربيني الإقبال على شراء الوحدات السكنية، إلى عدة أسباب أبرزها الأزمة السكانية التي تشهدها البلاد، بالإضافة إلى استخدام الكثير من المواطنين مدخراتهم للاستثمار العقاري، إذ تعد قيمة العقار بمثابة الحصان الرابح ومخزن للقيمة، ومن أكثر الأنشطة حفاظاً على المدخرات.

تصريحات وزير الإسكان المصري تزامنت مع حالة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي؛ بسبب الارتفاعات المبالغ فيها في أسعار الوحدات السكنية في مختلف أنحاء الجمهورية، والتي لا يستطيع أصحاب الدخول المتوسطة تحملها حتى ولو تم شراؤها بنظام التقسيط لارتفاع القسط السنوي عن مستويات الدخل.

خبراء اقتصاد أكدوا في حديث مع «إرم بزنس» أن هناك بالفعل فقاعة عقارية مدعومة بركود كبير في سوق العقارات، وأرجعوا ذلك إلى الأسعار الخيالية للمساكن التي أسفرت عن تراجع الطلب الحقيقي على الوحدات السكنية، باستثناء الطبقة العليا التي تستثمر مدخراتها في وحدات بمنطقة الساحل الشمالي المطل على البحر المتوسط، وهي فئة لا تمثل جموع المصريين.

أسباب الفقاعة العقارية

خبير الاقتصاد المصري مدحت نافع، أكّد وجود فقاعة عقارية بالفعال في السوق المصري، إذ أرجع ذلك في حديث لـ«إرم بزنس» إلى ارتفاع أسعار العقارات في البلاد خلال العقد الماضي على الأقل بمعدلات كبيرة تفوق أي زيادة في دخول المصريين، بما يعكس تراجعاً في الطلب الحقيقي المدعوم بالقوة الشرائية.

ويتصور نافع أن الفقاعة العقارية في مصر مدعومة حالياً باستثمارات الدولة، ونسبة كبيرة من المستثمرين ذوي الملاءة المالية الضخمة، لكن القطاع العقاري غير مدعوم بقوى شرائية مناسبة في جانب الطلب للتملّك أو الاستئجار خاصة مع الصعوبات التي يواجهها المستهلك متوسط الدخل في تدبير احتياجاته البسيطة؛ بسبب ارتفاع الأسعار وتراجع قيمة العملة المحلية.

ويعتبر الخبير الاقتصادي أن الفقاعة العقارية نوع من المخاطر التي قد لا يمكن تجنّبها أبداً في ظل ارتفاع تكاليف التمويل حول العالم؛ بسبب سياسات التشديد النقدي وارتفاع أسعار الفائدة، لكن يجب تعلّم إدارتها بشكل لا يقودها إلى الانفجار، بل ربما يتعيّن على مصر أن تطوّر آلية مسالمة لما يصفه بـ«التفريغ الآمن للفقاعة العقارية»، دون الحاجة إلى انتظارها حتى تنفجر.

ورجّح نافع أن يلعب تصدير العقار دوراً هاماً في تأجيل أي انفجار عقاري وشيك، من خلال شراء الأجانب والأشقاء العرب لمزيد من العقارات في مصر، قائلاً: «في الأجل المتوسط والطويل أتمنى أن تتجه إيرادات الاستثمار العقاري إلى أنشطة إنتاجية أخرى ذات قيمة مضافة للمساعدة في تخفيض حجم الفقاعة بشكل تدريجي بعيداً عن الانفجار العنيف».

ركود في القطاع العقاري

وفي حديث مع «إرم بزنس»، يتوقع الخبير المالي المصري هاني توفيق، حدوث الفقاعة العقارية، مرجحاً أن يشهد القطاع العقاري مرحلة من الركود خلال الفترة السابقة لمرحلة الانفجار، بسبب التسعير المبالغ فيه من قبل المطورين العقاريين للوحدات السكنية، والتي نتج عنها تراجع في حجم الطلب مع تزايد المعروض.

ويرى توفيق أن مستويات أسعار الوحدات السكنية حالياً لا تتناسب مع دخول الطبقة المتوسطة والشباب المقبل على الزواج، إذ لا يستطيع شاب في مقتبل العمر أن يشتري شقة مقابل 5 أو 10 ملايين جنيه (100 إلى 200 ألف دولار)، وهذا ما يؤكد وجود حالة من الركود وتراجع حجم الطلب الفعلي على العقارات.

وقال توفيق إن أسعار العقارات حالياً تتضمن مكوناً ضخماً للفائدة يبلغ 32% سنوياً لمدة 10 سنوات، وبالتالي عندما تبدأ الدولة في تحقيق مستهدف عند 16% في عام 2026، فإن هذا سيؤدي إلى تراجع حاد في تكلفة التمويل، ومن ثم انخفاض الأسعار جذرياً بعد عامين مقارنة بالأسعار المبالغ فيها خلال العام الجاري 2024.

للتغلب على هذه الأزمة العقارية، يرى الخبير المالي أن الصناديق العقارية هي الحل الوحيد لكل من مشكلة الركود في القطاع العقاري، ومديونية المجتمعات العمرانية للبنوك والتي تقدّر بمليارات الجنيهات، وتوفير سكن مناسب لمئات الآلاف من حديثي الزواج، وأرباح لحملة وثائق الصندوق.

علامات تدل على الفقاعة

بينما تؤكد أستاذة الاقتصاد بجامعة القاهرة عالية المهدي في حديث لـ«إرم بزنس»، أن الفقاعة العقارية بدأت في مصر منذ أكثر من 3 سنوات، إذ أشارت إلى وجود ركود كبير في مبيعات الوحدات العقارية على مستوى البلاد، باستثناء منطقة الساحل الشمالي المطلة على البحر المتوسط التي تعتبر حالة استثنائية لا تعبر عن حقيقة الوضع العقاري المصري الذي يشهد تراجعاً كبيراً في حجم الطلب الحقيقي.

كشفت المهدي عن عدد من العلامات التي تؤكد وجود فقاعة عقارية، منها كثرة الاتصالات الجنونية وتكرارها يومياً من قبل شركات التطوير العقاري بالمواطنين في محاولات لتسويق وبيع ما لديهم من معروض عقاري يعاني من قلة الطلب، هذا بالإضافة إلى المبالغة في إطالة مدة تقسيط أسعار الوحدات السكنية التي وصلت لأكثر من 10 سنوات في كثير من الحالات، حيث إن طول مدة القسط يتضمن فائدة مبالغا فيها وبالتالي أسعارا خرافية.

كما أنه من بين العلامات التي تدل على حدوث الفقاعة وجود مناطق كاملة تم بناؤها، وما زالت خالية من السكان، رغم حملات التسويق والترويج لبيع وحداتها، بالإضافة إلى وجود ركود في سوق إعادة بيع الوحدات لدرجة التوقف، بسبب الارتفاعات الكبيرة غير المبررة في أسعار العقارات، والتي لا تتناسب مع زيادات أسعار مواد البناء.

كما يؤكد الخبير المالي والاقتصادي إيهاب سعيد، في تصريحات لـ«إرم بزنس»، أن السوق العقاري المصري يعاني من ركود وتراجع كبير في حجم الطلب في ظل تزايد المعروض، والارتفاع المستمر في أسعار العقارات، مشيراً إلى أن ما يحدث حالياً هو الشراء بالقسط، وهذا لا يمثل السوق العقاري، وإنما سوق مخزن القيمة والاستفادة من سعر فائدة مرتفع.

وأوضح أن هذا السوق يظل منتعشاً مع ارتفاع أسعار العائد، ولكن بمجرّد تراجع قيمة الفائدة إلى مستويات ما قبل الأزمة مع افتراض ثبات سعر الصرف، سينخفض الطلب حتماً على «العقار بالتقسيط» ومن ثم ستزداد العروض من الشركات العقارية، كما كان يحدث من سنوات قليلة منها عروض البيع بدون مقدم مع 15 سنة تقسيطاً، أو اللجوء إلى تأجير المعروض من الوحدات العقارية.

ما هي الفقاعة العقارية؟

وأوضح سعيد أن الفقاعة العقارية هي ظاهرة اقتصادية تحدث عندما تشهد أسعار العقارات ارتفاعاً سريعاً ومبالغاً فيه يتجاوز القيمة الحقيقية للأصول العقارية، وعادة ما تكون مدفوعة بتزايد الطلب، والمضاربات، وسهولة الحصول على القروض العقارية.

وبمجرد أن يصل السوق إلى نقطة التشبع، أو تبدأ العوامل الداعمة للارتفاع في التراجع، يمكن أن تنفجر الفقاعة، مما يؤدي إلى انخفاض حاد وسريع في أسعار العقارات.

وأوضح أن هذا الانفجار يمكن أن يتسبب في آثار اقتصادية سلبية كبيرة، بما في ذلك خسائر مالية للمستثمرين والملاك، وزيادة في حالات حبس الرهن العقاري، وتأثيرات سلبية على النظام المالي والاقتصاد الأوسع.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC