وشهدت الفترة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في أعمال القرصنة الإلكترونية، إذ استهدفت هجمات القرصنة شركات ومؤسسات مالية ومواقع إلكترونية وشبكات الإنترنت، وأدّت هذه الهجمات إلى تكبد الدول خسائر بمليارات الدولارات، وكان آخرها اختراق نحو 26 مليار ملف شخصي عبر مواقع الإنترنت والمطارات والتطبيقات المالية وغيرها.
وحذّر خبير تكنولوجيا المعلومات من أمستردام، توفيق الرجولة، من استمرار لعبة اختراق المواقع الإلكترونية عبر الإنترنت، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وأشار إلى حوادث اختراق أنظمة مطار رفيق الحريري في بيروت ووسائل الإعلام في إسرائيل، كأمثلة حية على مخاطر القرصنة الإلكترونية.
وشدد، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، على ضرورة التفكير في طرق فعّالة لحماية ملفات مليارات المستخدمين عبر مواقع الإنترنت، خاصةً مواقع التواصل الاجتماعي، من مخاطر القرصنة الإلكترونية.
وحذر أيضًا من مخاطر تسريب الملفات والمعلومات الشخصية عبر المواقع الإلكترونية المتعلقة بالشركات، وأوضح أن "تسريب البيانات يُكّلف الشركات مليارات الدولارات، ويُكبد الاقتصاد العالمي خسائر بأرقام كبيرة".
وذكر أن "الاقتصاد العالمي في عام 2021 خسر نحو 6 تريليونات دولار، وارتفع هذا الرقم إلى 8 تريليونات و400 مليون دولار في عام 2022"، مؤكدًا أن "الحل يكمن في ضرورة استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع داخل الشركات والمصالح الحكومية في جميع دول العالم".
ويُشير الباحث المُتخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات، محمد وهدان، إلى تزايد مُعدلات القرصنة خلال الأشهر الماضية، مما يُؤدي إلى تحولها من تهديدات مُباشرة إلى إنجازات رقمية.
ويُؤدي تزايد مُعدلات القرصنة إلى تطوير تطبيقات ذات كفاءة عالية لمنع المزيد من الاختراقات، وتعتمد هذه التطبيقات على الذكاء الاصطناعي والأدوات والبرمجيات المتطورة، مما يُعقد الهجمات السيبرانية، ويُصعّب على القراصنة اختراق الأنظمة، وفق وهدان.
ويشهد العالم تغييرًا في ملف الهجمات الإلكترونية، إذ تزداد الهجمات على البرامج المصرفية سواء عبر أنظمة البنوك أو من خلال الهواتف، ويُثير هذا التغيير حالة القلق، مما يُؤدي إلى ضرورة التفكير في طرق فعّالة لوقف هذه المخاطر التي يمكن أن تُهدد الأنظمة الاقتصادية، حسب تصريحات الباحث المُتخصص في مجال تكنولوجيا المعلومات، لـ"إرم اقتصادية".
وأضاف وهدان أن "تزايد الجرائم الإلكترونية يُثير حالة من القلق من الدخول في موجة يمكن وصفها بـ(تسونامي) القرصنة الإلكترونية"، موضحًا أن "فريقًا بحثيًّا من جامعة كاليفورنيا نجح بعد 3 سنوات في تصميم نظام ذكاء اصطناعي جديد يُسمى بـ(spin)، ويتميز هذا النموذج بقدرته على التطور دون تدخل العناصر البشرية".
وأوضح أن "هذا التطبيق يستخدم في جميع المجالات الصناعية والإنتاجية، خاصة مجال الأدوية، هذا التطبيق طالب به الخبراء منذ تزايد الهجمات العنيفة على المواقع الإلكترونية، لحمايتها من أضرار التدخل البشري في البرمجة".
وعن طُرق حماية المواقع الإلكترونية من عمليات القرصنة، كشف الخبير في أمن المعلومات عن الطرق التي يجب على مُستخدمي الإنترنت وتطبيقاته استخدامها، منها عدم الضغط على الروابط مجهولة المصدر حتى وإن كانت مُرسلة من الأصدقاء عبر البريد الإلكتروني أو خاصية الرسائل، بالإضافة إلى ضرورة توخي الحذر خلال التسوق الإلكتروني، واقتصار التعامل مع المواقع التي تبدأ بكلمة "https" أو المواقع التي تحتوي على كلمة "secure".
ويُقدم خبير أمن المعلومات نصائح مهمة لتجنب مخاطر القرصنة الإلكترونية، التي تُهدد جميع مستخدمي الإنترنت، منها تحديث نظام تشغيل الهاتف أو برنامج تصفح الإنترنت، وشدد على ضرورة تحديث نظام تشغيل الهاتف أو برنامج تصفح الإنترنت بشكل دوري، لأن القراصنة يستهدفون الأنظمة القديمة التي لا تُواكب تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أنه "يجب على المستخدمين عدم الاحتفاظ بكلمات المرور على الهاتف المحمول، حتى لو كانت محمية بكلمة مرور قوية، بالإضافة إلى عدم تثبيت أي برامج مجهولة المصدر، لأن هذه البرامج قد تحتوي على فيروسات أو برامج ضارة".
وكشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، في تقرير، عن أضخم عملية تسريب معلوماتي في العالم وُصفت بـ"أم الاختراقات"، لنحو 26 مليار سجل شخصي، أبرزها تسريب 1.5 مليار ملف شخصي من التطبيق الصيني "QQ"، وتليه منصة التواصل الاجتماعي "Weibo" بملفات تُقدر بـ504 ملايين سجل، وتسريب نحو 281 مليون ملف بموقع "إكس".
وخرج المتحدث باسم "لينكد إن" ليُطمئن ملايين المُستخدمين خلال الأيام الماضية في رسالة، ردًّا على الأخبار المُتداولة عن اختراق البرنامج وسرقة ملفات المُستخدمين، جاء فيها: "نعمل على التحقيق الكامل في هذه الادعاءات، ولم نرَ أي دليل على انتهاك أنظمتنا".
وقال مستشار الأمن السيبراني العالمي، جيك مور، إن "هذا خرق ضخم للغاية للبيانات، ولا يُمكن التقليل من شأن قرصنة الإنترنت، حتى مع كشف الحد الأدنى من المعلومات، ولكن إذا جرى الاستيلاء على كلمات المرور، فمن الضروري على الضحايا جرائم الإنترنت أن يكونوا على دراية جيدة بالعواقب، وإجراء التحديثات الأمنية المناسبة للتطبيقات".