الهجمات السيبرانية باتت توزاي خطر الأزمات على الاقتصاد العالمي

برزت خسائر الأمن السيبراني كقضية ملحّة في المشهد الاقتصادي، قوبلت بحملة تحصين عالمية تفرض نفسها دوماً على أجندة المسؤولين بعدما شكّلت سلسة متتالية من الهجمات الإلكترونية تهديدات كبيرة طالت حكومات وشركات وحتى أفراد.

وتضاعفت تلك الهجمات خلال الأعوام القليلة الماضية، لتكبّد الاقتصاد العالمي خسائر مالية قدرت بـ10.5 تريليون دولار سنوياً في عام 2025 الجاري، ويتوقع أن تصل إلى 24 تريليون دولار بحلول عام 2027 وفقاً لبيانات نشرها منتدى الاقتصاد العالمي.

تمتد هذه الخسائر إلى ما هو أبعد من الأضرار المالية المباشرة، فتؤثر في الإنتاجية وثقة المستهلك والأمن القومي مع تسارع التحول الرقمي، ما دفع الشركات والحكومات إلى زيادة مناعتها الرقمية ضد هجمات تتزايد كمّاً وتتنوع شكلاً، حسب ما صرح به رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة.

حمد الكويتي وخلال أعمال القمة العالمية للحكومات المنعقدة في دبي، قال إن المخاطر السيبرانية أصبحت تحدياً ملحاً يتطلب اتخاذ إجراءات فورية ومنسقة وإلا، فإن هذا الاقتصاد الجديد سريع النمو وهائل الضرر سيحكم سيطرته على العالم.

وكشف الكويتي في تصريحاته عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني رسمياً خلال الأسبوع الجاري، وتشمل 5 محاور رئيسة هي الحوكمة والحماية والابتكار والبناء والشراكة، تسهم جميعها في تمكين التبني الآمن والسريع للابتكارات وتوفير بيئة رقمية سليمة وآمنة ومرنة.

دولة الإمارات أدركت أهمية تعزيز منظومتها السيبرانية مبكراً، وذلك باستثمارات تخطت ملياري دولار لمجابهة كافة التحديات في مجال الأمن السيبراني والتحول الرقمي، وفقاً لتصريحات الكويتي.

تحديات هائلة تلك التي تواجه الاقتصاد العالمي في ظل توقعات بارتفاع تكلفة الهجمات السيبرانية سنوياً إلى أكثر من 10 تريليونات دولار، هذه التكلفة تدفع نحو زيادة مضطردة رفعت من قيمة سوق الأمن السيبراني إلى 150 مليار دولار.

وبحسب بيانات موقع «موردور إنتيليجنس» (Mordor intelligence)، فإن حجم سوق الأمن السيبراني الدفاعي وحده وصل إلى 25.89 مليار دولار في العام الجاري، وبحلول 2030 سيصل إلى 47.33 مليار دولار، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 12.82%، خلال الفترة 2025-2030.

كما أظهرت بيانات «مودرور» إقليميّاً، أن آسيا تعد من أسرع أسواق الأمن السيبراني نمواً، فيما يعتبر إقليم أميركا الشمالية أكبرها حجماً، ومن المرجح أن ينمو حجم سوق الأمن السيبراني في الشرق الأوسط بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 17.1% من 20.3 مليار دولار في عام 2022 إلى 44.7 مليار دولار في عام 2027.

ويعرف الخبير في الأمن السيبراني محمود موسى، الهجمات السيبرانية على أنها معارك صامتة في الفضاء، أدواتها الحواسيب والإنترنت وتكنولوجيا المعلومات، تستهدف نظم المعلومات والبنية التحتية التكنولوجية في المؤسسات الحساسة، بل وفي الحواسيب الشخصية.

ويرى موسى في حديث خص به «إرم بزنس»، أن التأثير الاقتصادي لانتهاكات الأمن السيبراني متعدد الأوجه، إذ تتزايد فيه التكلفة الاقتصادية بنسبة 30% سنوياً، وهو ما يضع الشركات أمام تحديات هائلة حيث تعاني الصغيرة أو المتوسطة منها من خسائر في الإيرادات، بسبب الاضطرابات التشغيلية وسرقة البيانات والإضرار بالسمعة. ويعزي موسى الأسباب إلى افتقار تلك الشركات إلى الموارد اللازمة للتعافي، وإلى البنية التحتية اللازمة للتصدي لتلك الهجمات.

ويقول موسى إن من بين أخطر الهجمات تلك المتعلقة بالفدية، حيث باتت الفديات المطلوبة للتخلص منها تتجاوز الملايين، بل حتى المليارات، خاصة عند استهداف المؤسسات الاقتصادية الكبرى والمؤسسات المالية.

كما أوضح أن الخسائر لا تتوقف عند دفع الفدية؛ فحتى بعد استعادة العمليات، تواجه الشركات تكاليف ضخمة لإعادة تأهيل الأنظمة واستعادة الثقة، وهي تكلفة لا يمكن قياسها مادياً.

وتشير التقديرات الأخيرة، إلى تزايد نسبة الشركات التي تتراوح إيراداتها بين 10 و50 مليون دولار التي تعرضت لهجمات فدية، بينما تركز بعض الهجمات على تحقيق مكاسب مالية، تستهدف الهجمات المدعومة من دول عادةً البنية التحتية الحيوية.

بوجه عام، تتزايد التكلفة الاقتصادية للهجمات السيبرانية بنسبة 30% سنوياً، ما يضع تحديات هائلة أمام المؤسسات والحكومات على حد سواء.