هل تعيد «ديب سيك» تشكيل سوق الأسهم عبر الذكاء الاصطناعي؟

لم ينعكس بعد ظهور شركة «ديب سيك» (DeepSeek) الصينية الناشئة، التي تعد بحلول ذكاء اصطناعي أرخص وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، بشكل كامل على أسواق الأسهم الأميركية.

وفقاً لدون تاونسويك، مدير استراتيجيات الأسهم في شركة «كونينغ أسيت مانجمنت» (Conning Asset Management) التي تدير أصولاً بقيمة 170 مليار دولار، لا تزال تداعيات «ديب سيك» غير واضحة، وقال تاونسويك لموقع «ماركت ووتش»: «إذا تبين أن الأمر أقل موثوقية مما يقال حالياً، فإن أسهم مجموعة (السبعة العظماء) قد تستفيد».

في المقابل، إذا قدمت «ديب سيك» بديلاً فعالاً من حيث التكلفة، فقد يتوسع اعتماد الذكاء الاصطناعي ليشمل شركات أخرى خارج نطاق عمالقة التكنولوجيا الحاليين، وأضاف تاونسويك: «أعتقد أنه سيكون من الأسهل على الشركات العادية استخدام الذكاء الاصطناعي في أعمالها».

وأشار إلى أن هذا السيناريو قد يعزز الكفاءة ونمو الأرباح في قطاعات مختلفة، بدلاً من تركيز المكاسب على الشركات الكبرى المسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي حالياً.

سباق الإنفاق على الذكاء الاصطناعي يتصاعد

أحدث إطلاق روبوت الدردشة الخاص بـ «ديب سيك» في وقت سابق من هذا الشهر صدمة في «وول ستريت»، ما ساهم في تراجع تاريخي بقيمة 600 مليار دولار في القيمة السوقية لشركة «إنفيديا كورب» (Nvidia Corp) خلال يوم واحد، كما أثار التطور تساؤلات حول حجم الاستثمارات الضخمة التي تضخها الشركات الأميركية الكبرى في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

ورغم ذلك، لم يتباطأ السباق نحو الإنفاق على الذكاء الاصطناعي، بل تسارع. فقد أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا بلاتفورمز» (Meta Platforms) مارك زوكربيرغ أن الشركة تخطط لاستثمار «مئات المليارات من الدولارات» في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي خلال السنوات المقبلة، بعد أن خصصت بالفعل ما بين 60 و65 مليار دولار لهذا العام.

كما رفعت شركة «ألفابت» (Alphabet) توقعاتها للإنفاق الرأسمالي لعام 2025 إلى 75 مليار دولار، وهو رقم تجاوز توقعات «وول ستريت». من جانبها، أفادت شركة «مايكروسوفت» (Microsoft) بزيادة إنفاقها على الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي بنسبة 95% في الربع المالي الثاني، ليصل إلى 22.6 مليار دولار.

تحول السوق ومخاوف التقييم

تزامن التركيز المتزايد على الذكاء الاصطناعي مع اهتمام المستثمرين بقطاعات أخرى، وقال غاريت ميلسون، استراتيجي المحافظ في «ناتيكسيس إنفستمنت مانجرز» (Natixis Investment Managers): «شهدنا بعض التحول في السوق»، موضحاً أنه في حين تعرضت أسهم التكنولوجيا لضغوط، فقد استفادت القطاعات الدفاعية والحساسة لأسعار الفائدة. وأضاف: «هذا هو الاتجاه السائد هذا العام».

ورغم استمرار الحماس تجاه أسهم التكنولوجيا، لا يزال تاونسويك حذراً، مشيراً إلى تباطؤ وتيرة نمو أرباح مجموعة «السبعة العظماء»، فبينما سجلت المجموعة معدل نمو سنوي قدره 61% في الربع الرابع من عام 2023، تشير التوقعات إلى انخفاضه إلى ما بين 16% و18% بحلول نهاية هذا العام.

وقال تاونسويك: «كان ذلك أعلى معدل بلغته المجموعة»، مضيفاً أن التوقعات تشير إلى تقارب معدل نمو أرباحها مع متوسط النمو السنوي البالغ 12% –13% لبقية شركات مؤشر S&P 500، ما قد يجعل التقييمات المرتفعة لأسهم المجموعة أكثر صعوبة في التبرير.

ومع ذلك، يرى ميلسون أن السوق لا يزال صامداً، وقال: «المفاجأة الكبرى في الأسابيع القليلة الماضية، رغم أخبار (ديب سيك) والتطورات في التجارة، هي أن الأسهم لا تزال قريبة من أعلى مستوياتها على الإطلاق»، وأضاف: «السوق لا تزال تتمتع بقدر كبير من المرونة».