رسّخت «نتفليكس» مكانتها كرائدة في صناعة البث التدفقي خلال عام 2024، مسجلة أكثر من 280 مليون مشترك عالمي في الربع الثالث، مع تحقيق أرباح بمليارات الدولارات سنوياً.
وأدى هذا النجاح إلى ارتفاع قيمة أسهم المنصة، مما أبرز قدرتها على الحفاظ على هيمنتها، في حين قلّص المنافسون من عملياتهم، أو واجهوا تحديات مالية دفعتهم إلى إعادة ترخيص محتوياتهم لصالح «نتفليكس» لتوليد عائدات إضافية.
ووفقاً لتقرير نشره موقع «بيزنس إنسايدر»، شهد عام 2024 تغييرات إستراتيجية كبيرة في «نتفليكس»، تضمنت التوسع في البث المباشر، إلى جانب تغييرات في القيادة، وتركيزاً متجدداً على العروض المدعومة بالإعلانات.
واستعرض التقرير أبرز التطورات التي حققتها «نتفليكس» في 2024، والتي شملت التعمق في مجال البث الحي والمباشر للأحداث الرياضية، الذي يعد ركيزة أساسية لأعمالها الإعلانية المتنامية.
وفي نوفمبر، استضافت المنصة حدثها الحي الأكثر مشاهدة حتى الآن، وهو نزال ملاكمة شهير بين جيك بول ومايك تايسون، الذي اجتذب 60 مليون مشاهد مباشر رغم بعض المشكلات التقنية.
ومن المقرر أن تختتم المنصة العام بحدث آخر بارز، وهو أول مباراة للدوري الوطني لكرة القدم الأميركية يوم عيد الميلاد، والتي ستتضمن عرضاً موسيقياً لبِيونسيه خلال الاستراحة.
حققت «نتفليكس» تقدماً كبيراً في مجال الإعلانات، حيث ارتفع عدد المشتركين في الخطة المدعومة بالإعلانات من 40 مليوناً في مايو إلى 70 مليوناً بنهاية عام 2024. وجاء هذا التوسع بالتزامن مع تغييرات قيادية، إذ حلت نيكول بانجيس من شركة «أمبيرساند» محل بيتر نيلور كنائب رئيس الإعلانات.
وتخطط «نتفليكس» لإطلاق تقنية إعلانات خاصة بها في عام 2025 لتعزيز عروضها للمعلنين، وترسيخ مكانتها في سوق الإعلانات التنافسية التي تشمل منافسين مثل «أمازون برايم فيديو».
أعادت المنصة هيكلة قسم الأفلام في وقت مبكر من العام، حيث انفصلت عن سكوت ستبر، الذي شغل منصب رئيس الأفلام لفترة طويلة.
وأشارت تقارير إلى وجود خلافات داخلية حول نهج «نتفليكس» في إنتاج الأفلام، إذ شددت مديرة المحتوى بيلا باجاريا على الحاجة إلى تحسين الجودة، مما أدى إلى تغيير في الإستراتيجية تحت قيادة رئيس الأفلام الجديد دان لين.
وابتعدت المنصة عن إنتاج الأفلام ذات الميزانيات الضخمة، وركزت على الاستعانة بصناع المحتوى من داخل المنصة. كما قللت «نتفليكس» من إصداراتها السينمائية، وتوقفت عن دفع مبالغ ضخمة مقدماً للنجوم، مما يشير إلى نهج أكثر انضباطاً في استثماراتها في المحتوى.
استمرت الجرائم الحقيقية كموضوع محوري في برامج «نتفليكس» هذا العام، لكنها لم تخلُ من التحديات. واجتذبت مسلسلات شهيرة مثل «غزالي المدلل» (Baby Reindeer) و«ابتكار آنا» (Inventing Anna) دعاوى تشهير، حيث أكدت المنصة التزامها بالدفاع عنها.
وفي الوقت ذاته، أثارت مشاريع تتناول قضية الأخوين مينينديز، التي أحدثت صدمة واسعة في عام 1989 بحادثة مقتل والديهما، وعادت قضيتهما إلى دائرة الضوء بفضل مسلسل عرضته نتفليكس، انتقادات حادة من عائلات الأخوين. ورغم هذا الجدل، حظيت هذه المشاريع باهتمام واسع، خصوصاً بعد أن أوصى المدعي العام في لوس أنجلوس في أكتوبر بإعادة النظر في الأحكام الصادرة بحقهما مع إمكانية الإفراج المشروط.
على الرغم من الاعتراضات الأولية، أثبتت حملة «نتفليكس» ضد مشاركة كلمات المرور نجاحها الملحوظ. فقد ساهمت الحملة في تعزيز نمو المشتركين طوال العام، متجاوزة التوقعات بشكل مستمر، مما دعم الأداء المالي للشركة بشكل كبير. ومع ذلك، حذر المحللون من أن التأثير الإيجابي لهذه السياسة قد يتراجع مع مرور الوقت.
وأشار التقرير إلى أن نجاح «نتفليكس» في عام 2024 يعكس قدرتها على التكيف والابتكار في سوق شديد التنافسية. ورغم التحديات المستمرة، مثل جذب جمهور أصغر سناً والتنافس على عائدات الإعلانات مع عمالقة التكنولوجيا، وضعت التحركات الإستراتيجية التي قامت بها المنصة هذا العام «نتفليكس» في موقع قوي يمكنها من الحفاظ على ريادتها في السنوات المقبلة.