logo
تكنولوجيا

الهجمات السيبرانية.. خطر اقتصادي وسياسي يهدد العالم

الهجمات السيبرانية.. خطر اقتصادي وسياسي يهدد العالم
تاريخ النشر:1 فبراير 2024, 05:01 ص
باتت مخاطر الهجمات السيبرانية مصدر قلق كبير للعديد من الدول والشركات الكبرى، حيث تشير التقارير إلى أنها من أشد المخاطر على مستوى العالم، بعدما أدّت هذه الهجمات إلى خسائر مالية كبرى، وأثرت على البنية التحتية الحيوية، وهددت الاستقرار السياسي لدول عدة".

وسلّط أحدث تقرير للمخاطر العالمية لعام 2024، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، الضوء على المد المتزايد للتهديدات السيبرانية والمعلومات المضللة، باعتبارها تشكل خطورة  كبرى على مستوى العالم، وحذّر التقرير من ملاذات الجريمة منخفضة التكلفة والقضايا المحيطة بتركيز قوة الذكاء الاصطناعي في أيدي قلة من الناس.

وتتعرض خدمات المعلومات وصناعات التكنولوجيا للغالبية العظمى من الهجمات السيبرانية، تليها البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الاتصالات والخدمات المالية والحكومة، بما يؤكد على أهمية التعاون الدولي في إدارة المخاطر السيبرانية، حيث تواجه هذه القطاعات مخاطر مشتركة، وفق التقرير.

خسائر مالية كبرى

وقال الخبير في مجال أمن المعلومات، أشرف صلاح، إن "أهم المخاطر والتهديدات السيبرانية تشمل الاختراقات التي تستهدف الشبكات والأنظمة، وسرقة البيانات الحسّاسة، وانتشار البرمجيات الضارة".

وأوضح، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، أن "الاختراقات يمكن أن تؤدي إلى توقف الخدمات الحيوية، مثل حركة الملاحة الجوية ومحطات الطاقة الكهربائية، كما حدث في الولايات المتحدة الأميركية مؤخرًا". 

ويمكن أن تؤدي إلى سرقة المعلومات السرية والحساسة، مثل بيانات بطاقات الائتمان والحسابات البنكية والمعلومات الصحية، مما قد يتسبب في خسائر مالية كبرى للأفراد والشركات.

وأضاف الخبير أن "انتشار البرمجيات الضارة يمكن أن يؤدي إلى تعطيل الأجهزة والأنظمة، أو سرقة البيانات، أو نشر معلومات مضللة، مما قد يتسبب في ضرر كبير للأفراد والشركات".

وتتسبب هذه الهجمات في تكاليف هائلة للأفراد والشركات، حيث تتطلب استعادة البيانات وتعزيز الأمان واستعادة عمل المرافق بشكل طبيعي، واسترجاع النسخ الاحتياطية التي تستغرق وقتًا طويلًا، بحسب الخبير.

أما عن تأثيراتها الاقتصادية، فيرى أنها "ذات أبعاد متعددة، حيث تشمل تكاليف الاستجابة وفقدان الإنتاجية، مما يؤثر على النمو الاقتصادي للجهات المستهدفة، وفقدان ثقة المستثمرين في الجهات التي تتعرض لهجمات سيبرانية متعددة".

ودعا الجهات والهيئات والشركات إلى اتخاذ كافة التدابير والاحتياطيات اللازمة لمنع حدوث مثل هذه الاختراقات ، ونشر الوعي بشأن الأمن السيبراني بين موظفيها، وتطبيق استراتيجيات وإجراءات صارمة بهذا الشأن.

الاختراقات يمكن أن تؤدي إلى توقف الخدمات الحيوية مثل حركة الملاحة الجوية ومحطات الطاقة الكهربائية
أشرف صلاح - خبير في مجال أمن المعلومات
تهديد جماعي

وفي المقابل يرى الخبير في مجال تكنولوجيا المعلومات، الدكتور خالد عبد المنعم، أن "هذه الهجمات تحمل تهديدًا مباشرًا للاقتصاد، في ضوء قدرتها على استهداف المؤسسات"، موضحًا أن "الخطر الذي تُمثّله لا يقتصر على فئة معينة من الدول، إنما يُمثّل تهديدًا للجميع دون استثناء".

واعتبر، في حديثه لـ"إرم اقتصادية"، أن "التقدم التكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم، بات مرتبطًا بالاقتصاد"، موضحًا أن "الاقتصاد القوي بحاجة إلى غطاء تكنولوجي يحميه، وبالتالي فإن انهيار هذا الغطاء، يؤدي إلى تداعيات كارثية على الاقتصاد، مهما بلغت قوة الدولة، وهو ما يفسر زيادة الاعتماد على الهجوم السيبراني في استهداف الخصوم الدوليين".

ولا بد من الإشارة إلى أن قوة الدولة الاقتصادية باتت مرهونة بقدرتها على حماية أمنها التكنولوجي، وبالتالي على  عدم اختراق أمنها المعلوماتي، الذي يرتبط بصورة مباشرة بمؤسساتها الحسّاسة، وهو ما يعكس حجم الهجمات المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة، وروسيا وأوكرانيا، حسب الخبير.

ويمكن تقسيم الهجمات السيبرانية إلى نوعين رئيسين: الهجمات المباشرة وغير المباشرة، فالأولى تستهدف الأجهزة والخدمات التي تقدمها الهيئات المالية، مثل سرقة بيانات العملاء، أو تعطيل الخدمات المالية، والأخرى تستهدف المستخدمين لهذه الهجمات، بغرض استغلالهم.

الاقتصاد القوي بحاجة إلى غطاء تكنولوجي يحميه وبالتالي فإن انهيار هذا الغطاء يؤدي إلى تداعيات كارثية على الاقتصاد
خالد عبدالمنعم - خبير في مجال تكنولوجيا المعلومات
ابتزاز الدول

ولا تقتصر تأثيرات الهجمات السيبرانية على الأجهزة السيادية والحكومية، وإنما تمتد إلى العديد من القطاعات الأخرى، وعلى رأسها القطاع المالي، بحسب ما قالت الخبيرة الاقتصادية، هدى الملاح، التي أوضحت أن "الخطر ليس فقط في  سرقة المال، إنما في الحصول على معلومات من شأنها ابتزاز الدول الأخرى، خاصة أن مؤسسات الخدمات المالية لديها معلومات عن قطاعات أخرى".

وأضافت، في تصريحات لـ"إرم اقتصادية"، أن "الاختراقات يمكن أن تؤدي إلى خسائر مالية، وتعطيل البنية التحتية المالية للبلدان"، مشيرةً إلى أنها "يمكن أن تؤدي أيضًا إلى تهديد الاستقرار السياسي، حيث إن الثقة في الأسواق المالية ضرورية لصحة الاقتصاد العالمي".

واعتبرت أن "الأزمة الحقيقية تتمثّل في تأثر الأسواق، وأهمها البورصات العالمية، بما يتم تداوله من معلومات"، موضحةً أن "اختراقات الصفحات على مواقع التواصل، قد يُسهم بتأثيرات كبيرة على الأوضاع الاقتصادية، عبر ترويج معلومات مغلوطة، وهو ما يؤدي إلى صعود بعض الأسهم، وانهيار بعضها الآخر ".

وتختلف طرق التعامل مع مخاطر الهجمات السيبرانية حسب حجم المؤسسة، حيث إن الشركات العملاقة لديها حساسية أكبر من الشركات الصغيرة تجاه اختراق أنظمتها الأمنية، لذلك من المهم أن تستثمر الشركات العملاقة في تطوير أنظمة أمنية قوية تمكنها من الحفاظ على سرية المعلومات الحساسة. 

أما الشركات الصغيرة، حسب الباحثة في مجال تكنولوجيا المعلومات، نورهان فتحي، فيمكنها الاستفادة من أنظمة أمنية أقل تطورًا، ولكن يجب عليها أيضًا اتخاذ خطوات لتعزيز أمنها السيبراني.

وأشارت، في حديثها لـ"إرم نيوز"، إلى أن "بعض الشركات تلجأ إلى إجراء عمليات محاكاة للهجمات السيبرانية، وذلك بهدف اختبار خطط الطوارئ ومدى الجاهزية للتعامل مع مثل هذه الأخطار".

وأوضحت أن "قطاعًا كبيرًا من كبرى شركات العالم توجهت نحو زيادة إنفاقها على التأمين في مجال الأمن السيبراني، نظرًا لخطورة تسرب أي معلومات حسّاسة". 

وبناءً عليه، هناك حاجة إلى زيادة الوعي بالمخاطر المترتبة على اختراق الأنظمة التكنولوجية، نظرًا للتداعيات الخطيرة التي قد تنجم عن ذلك، والتي قد تصل إلى انهيار مؤسسات عملاقة أو تكبيدها خسائر كبرى، وفق نورهان فتحي.

وعند دراسة مشهد المخاطر الحالي، أشار 39% ممن شملهم استطلاع المخاطر العالمية لعام 2024 إلى أن الهجمات السيبرانية، تعتبر خامس أكبر مصدر للقلق لعام 2024، وتصدر الطقس القاسي مشهد المخاطر (66%)، يليه المعلومات الخاطئة والتضليل الناتجة عن الذكاء الاصطناعي (53%)، والتهديدات المجتمعية أو الاستقطاب السياسي (46%) ثم أزمة غلاء المعيشة (42%).

وبشكل عام، احتل النشاط الاقتصادي  مرتبة منخفضة، لكن تقرير المخاطر العالمية أشار إلى أن "التقدم التكنولوجي سيفتح أسواقًا جديدة ويسمح لشبكات الجريمة بالانتشار، وقد ترتفع التكلفة البشرية والتكلفة الاقتصادية للجريمة بشكل متساوي".

وتتطلب مخاطر الهجمات السيبرانية اتخاذ إجراءات عالمية لمواجهة هذه التهديدات، حيث يجب على الدول والشركات والمؤسسات المختلفة العمل على تعزيز الأمن السيبراني، وزيادة الوعي بالمخاطر المترتبة على هذه الهجمات، وفق الخبراء.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC