logo
شركات

شركات عالمية تعدل استراتيجياتها بسبب تباطؤ اقتصاد الصين

شركات عالمية تعدل استراتيجياتها بسبب تباطؤ اقتصاد الصين
عمال في مصنع جنرال موتورز في تشينغداو.المصدر: داو جونز
تاريخ النشر:6 سبتمبر 2024, 03:59 م

تعيد الشركات متعددة الجنسيات، مثل سلاسل «ستاربكس» و«ماريوت»، تقييم استراتيجياتها في الصين، بسبب تفاقم الأوضاع الاقتصادية هناك، حيث دفعتها هذه الظروف إلى خفض توقعاتها المتفائلة السابقة.

لطالما كانت الصين تُعتَبَر محركاً أساسياً للنمو العالمي، بفضل توسع الطبقة المتوسطة وازدهار التحضر السريع. لكن وفقاً لتقرير نشره موقع «بارونز»، يواجه الاقتصاد الصيني الآن واقعاً مختلفاً.

قبل جائحة كوفيد-19، كانت الصين تعد وجهة استثمارية واعدة بفضل تزايد الاستهلاك والتحضر السريع ونمو قطاع الخدمات، ومع ذلك، فقد أدت الجائحة إلى تعطيل العلاقات الاقتصادية بين الصين وبقية العالم.

كما ساهمت السياسات الاقتصادية المتشددة والتوترات بين الولايات المتحدة والصين في تفاقم هذه التحديات.

بعد عقود من النمو السريع، تواجه الصين الآن تباطؤاً اقتصادياً كبيراً، مما يزيد حالة عدم اليقين بالنسبة للشركات والمستثمرين.

تخفيض التوقعات

بدأت الشركات متعددة الجنسيات في تعديل استراتيجياتها نتيجة للتباطؤ الاقتصادي في الصين. على سبيل المثال، خفضت «ماريوت الدولية» توقعاتها لنمو الإيرادات العالمية لكل غرفة متاحة إلى 3% فقط، مشيرة إلى استمرار ضعف الاقتصاد الصيني، وأعربت عن قلقها من احتمال تراجع الطلب في الربع الثالث من هذا العام.

من جانبها، أعلنت مجموعة «كيرينغ» الفرنسية، المالكة لعلامات تجارية فاخرة مثل «غوتشي» و«إيف سان لوران»، عن انخفاض بنسبة 22% في مبيعاتها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، باستثناء اليابان، خلال النصف الأول من العام. وعزت المجموعة هذا الانخفاض إلى ضعف الطلب في الصين الكبرى، بما في ذلك هونغ كونغ وماكاو.

أصبحت الضغوط على الأسعار والانكماش الاقتصادي سمات بارزة بين الشركات الدولية العاملة في الصين. فقد شهدت «ستاربكس»، التي ساهمت في تعزيز ثقافة شرب القهوة في الصين على مدى الـ 25 عاماً الماضية، انخفاضاً بنسبة 14% في مبيعاتها هناك، مع زيادة المنافسة من الشركات المحلية مثل «لوكين كوفي».

وأشار مسؤولو «ستاربكس» إلى أن المنافسة الشديدة من الشركات المحلية وحروب الأسعار تسببت في اضطرابات كبيرة في بيئة التشغيل.

وبحسب التقرير، لم تقتصر المخاوف على الشركات الاستهلاكية فحسب، فقد سجلت شركة «أوتيس»، المتخصصة في صناعة المصاعد، انخفاضاً مزدوج الأرقام في الطلبات الجديدة على المعدات في الصين خلال الربع الثاني، مما اضطرها إلى خفض توقعاتها للنمو في آسيا.

قالت جودي ماركس، الرئيسة التنفيذية لشركة «أوتيس»، في مكالمة مع المحللين حول الأرباح الفصلية، إن الأسعار في الصين انخفضت بنحو 10% على أساس سنوي، ولا تتوقع أن يتراجع الضغط على الأسعار في المستقبل القريب. لمواجهة هذه الضغوطات، لجأت الشركة إلى تحسين الإنتاجية وخفض التكاليف.

وتجاوزت المخاوف المتعلقة بالوضع الاقتصادي في الصين نطاق العمليات التجارية لتؤثر على استراتيجيات الاستثمار، حيث أصبح العديد من المستثمرين أكثر حذراً من السوق الصينية. على سبيل المثال، فقد صندوق «آي شيرز إم إس سي آي تشاينا» (iShares MSCI China ETF)، المدرج في البورصات الأميركية، نصف قيمته منذ مارس 2021، مما يعكس القلق المتزايد بين المستثمرين. وما كان يُعتبر سابقاً وسيلة مضمونة لتعزيز النمو في الإيرادات أصبح الآن عبئاً محتملاً على الشركات العالمية.

تقول مارغريت فيترانو، المدير المشارك لاستراتيجيات النمو الكبرى في شركة (ClearBridge Investments)، إن الاستثمار في الصين كان يُعتبر قبل عشر سنوات وسيلة لزيادة الإيرادات في محافظ الشركات العالمية، ولكن في الوقت الحالي، أصبح هذا الاستثمار يشكل مخاطرة تحتاج إلى إدارة دقيقة.

وتتوقع فيترانو تحسناً في الوضع بحلول عام 2025، لكنها تحذر من أن التعافي سيكون بطيئاً، مشيرة إلى وجود مخاطر إضافية مثل نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وإمكانية فرض تعريفات جمركية أعلى.

خلفية التباطؤ

يعود التباطؤ الاقتصادي الحالي في الصين إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك تغير عادات المستهلكين، التغيرات في السياسات الاقتصادية، والتوترات الجيوسياسية. فقد أصبح المستهلكون الصينيون مترددين في الإنفاق بسبب فقدان الوظائف، الانخفاض المستمر في قيمة العقارات، وحالة عدم اليقين الاقتصادي العامة.

ووفقاً للتقرير، تخشى الشركات من الاستثمار بسبب عدم اليقين في السياسات، خاصة مع سعي الرئيس شي جين بينغ لإعادة توجيه النموذج الاقتصادي للصين بشكل كبير، وتقليص الاعتماد على قطاعي العقارات والبنية التحتية اللذين كانا محركي النمو في الماضي.

تركز الصين الآن بشكل كبير على الاستثمار في التصنيع والتصدير لتعزيز الاكتفاء الذاتي وحماية البلاد من التوترات الجيوسياسية المتزايدة. ومع ذلك، يواجه هذا التحول في الشركات الغربية متعددة الجنسيات تحديات كبيرة، حيث تواجه ضغوطاً انكماشية وسط زيادة في طاقة الإنتاج.

في هذا السياق، يقول جوزيف كوينلان، رئيس استراتيجية السوق في مكتب الاستثمارات الرئيسي لدى «ميريال» و«بنك أوف أميركا»، إن «مجتمع الاستثمار بدأ في تخفيض توقعاته لهذه الشركات، لأن عليها تعديل استراتيجياتها لتقديم منتجات وخدمات أقل تكلفة». ويضيف كوينلان أن العديد من الشركات متعددة الجنسيات تعاني منافسة شديدة من الشركات الصينية المحلية، التي غالباً ما تحظى بدعم حكومي كما تجد بعض الشركات العالمية صعوبة في مواكبة الابتكارات المحلية، مما يزيد الضغط عليها.

على سبيل المثال، شهدت شركات صناعة السيارات «جنرال موتورز» تراجعاً كبيراً في مبيعاتها في الصين، حيث يتجه المستهلكون الصينيون بشكل متزايد نحو السيارات الكهربائية من الشركات المحلية مثل (BYD) و(NIO). هذه الشركات تقدم سيارات كهربائية بأسعار تنافسية مقارنةً بتلك التي تعمل بالوقود التقليدي والتي تصنعها الشركات الأجنبية.

تقول كريستين فيلبوتس، مديرة صناديق استثمار الأسواق الناشئة في شركة «أرييل للاستثمارات»، إن شركات تصنيع السيارات الكهربائية الصينية قد تفوقت بشكل كبير على العلامات التجارية الأجنبية، التي لا تزال مرتبطة بالنموذج التقليدي للربح من محركات الاحتراق الداخلي، والذي لا ترغب الشركات في تغييره.

وتضيف فيلبوتس أن الشركات الصينية غالباً ما تكون أسرع في طرح منتجات جديدة أو إجراء تحسينات مقارنة بمنافسيها العالميين. وتوضح: «دورة الإنتاج لدى الشركات الصينية قد تكون نصف المدة التي تحتاجها الشركات متعددة الجنسيات، التي تمر بعمليات تحقق من المقر الرئيسي وإجراء تحليلات قبل تنفيذ التحديثات».

الطريق إلى الأمام

رغم التحديات، لا تنوي معظم الشركات العالمية مغادرة السوق الصينية في الوقت القريب. تشير دانا تيلسي، الرئيسة التنفيذية لمجموعة (Telsey Advisory Group)، إلى أن الشركات الكبرى في قطاعات الاستهلاك والتجزئة لا تزال تستثمر في الصين، معتبرة إياها سوقًا واعدًا على المدى الطويل.

شركة «ستاربكس»، على سبيل المثال، تظلّ ملتزمة بالسوق الصينية، حيث يرى مسؤولوها أن الفرص المستقبلية كبيرة ويعتقدون أن هناك إمكانيات للنمو مع تحول السكان من المناطق الريفية إلى الضواحي.

من جهة أخرى، باعت «وولمارت» في أغسطس حصتها في شركة التجارة الإلكترونية الصينية (JD.com) مقابل 3.6 مليار دولار بعد انتهاء اتفاقية عدم التنافس التي دامت ثماني سنوات.

ويتوقع محللون أن تستثمر «وولمارت» هذه الأموال في تعزيز عملياتها في الصين، خاصة في «سامز كلوب» و«وولمارت» الصين، اللتين استفادتا من اتجاه المستهلكين الصينيين نحو شراء المنتجات الأرخص.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC