صوّت العمال المضربون في شركة صناعة الطائرات المتعثرة «بوينغ» في وقت متأخر من مساء أمس الاثنين على قبول أحدث عرض من الشركة، لينهوا بذلك الإضراب الأكثر تكلفة في الولايات المتحدة منذ أكثر من 25 عاماً.
وفقاً للرابطة الدولية لعمال الماكينات والطيران، التي تمثل 33 ألف مضرب عن العمل، صوّت 59% من أعضاء النقابة لصالح العقد الجديد الذي يتضمن زيادة الأجور 38% على مدى 4 سنوات وتعزيز مساهمات التقاعد.
كان أعضاء الرابطة صوتوا بالإجماع تقريباً ضد العرض الأول الذي قدمته «بوينغ» عشية بدء الإضراب، ثم صوتوا بنسبة 64% ضد العرض الثاني قبل أقل من أسبوعين، الأمر الذي أدى إلى تمديد الإضراب.
قال رئيس أكبر نقابة محلية في «بوينغ» والمفاوض الرئيس للنقابة، جون هولدن: «إنه فوز تاريخي، لقد حققنا الكثير، ونحن مستعدون للمضي قدماً الآن»، ومن المقرر أن يبدأ أعضاء النقابة البالغ عددهم 33 ألفاً، والذين كانوا مضربين منذ 13 سبتمبر، العودة إلى العمل غداً الأربعاء.
لم يكن أمام «بوينغ» خيار سوى تسوية الإضراب وإعادة العمال إلى وظائفهم، إذ أدى الإضراب إلى خنق مصدر إيراداتها الرئيس، حيث تحصل على معظم الأموال من بيع الطائرات التجارية في وقت تسليمها لشركات الطيران.
وفقاً لتقديرات مجموعة أندرسون الاقتصادية، شركة الأبحاث ومقرها ميشيغان، فإن خسائر «بوينغ» حتى نهاية الأسبوع الماضي تبلغ نحو 6.5 مليار دولار، حيث أدى الإضراب إلى توقف عمليات تسليم جميع طائرات «737 ماكس» وكذلك نماذج الشحن.
تأتي هذه الخسائر إضافة إلى خسائر تشغيلية أساسية بلغت نحو 40 مليار دولار أعلنت عنها «بوينغ» منذ أن أدت حادثتان مميتتان إلى إيقاف تشغيل طائرتها الأكثر مبيعاً، «737 ماكس»، لمدة 20 شهراً في عامي 2019 و2020.
تمثل الأجور التي تدفعها شركة «بوينغ» لعمالها أقل بكثير من 10% من إجمالي تكلفة إنتاج الطائرة، حيث تذهب معظم التكلفة إلى المواد الخام والمشتريات من الموردين الذين ينتجون كل شيء من إلكترونيات الطيران إلى أجسام الطائرات نفسها.
لا تزال شركة «بوينغ» مساهماً رئيساً في الاقتصاد الأميركي، باعتبارها أكبر مصدر في الولايات المتحدة، وبشكل عام، تجاوزت التكلفة التي تكبدها الاقتصاد الأميركي 11.5 مليار دولار، بحسب تقديرات مجموعة أندرسون الاقتصادية.
تقدر «بوينغ» مساهمتها السنوية في الاقتصاد الأميركي بنحو 79 مليار دولار، وتدعم 1.6 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر. ولديها 150 ألف موظف أميركي، بما في ذلك من المضربين.
تنص الصفقة الجديدة على زيادة فورية في الرواتب بنسبة 13% وزيادات بنسبة 9% في كل من العامين التاليين، ثم 7% أخرى في العام الرابع والأخير من العقد.
وبجمع هذه الزيادات، يحصل الأعضاء على زيادة في الرواتب تتجاوز 43% على أساس تراكمي، ويحصل العمال أيضاً على مكافأة تصديق تبلغ 12 ألف دولار، ويمكنهم المساهمة بجزء منها في حسابات التقاعد 401 (ك).
لكن الصفقة لم تعد خطة التقاعد التقليدية التي فقدوها في العام 2014 بسبب صفقة العمل السابقة، إلا أن قيادة النقابة حثت الأعضاء على قبول العرض الأخير، رغم أنه لم يكن مختلفاً بشكل كبير عن العرض الذي رفضوه في 23 أكتوبر، وحذرت من أن رفضاً آخر قد يهدد بعرض رجعي أو أقل في المستقبل.
وفقاً للاتفاق ابتعدت «بوينغ» عن خطة المعاشات التقاعدية التقليدية، المعروفة باسم خطط المزايا المحددة، والتي كانت تدفع بموجبها للمتقاعدين مبلغاً محدداً كل شهر بصرف النظر عن مدة حياتهم، أو مدى أداء أصول صندوق المعاشات التقاعدية.
وتضع خطط المزايا المحددة المخاطر على عاتق الشركات، بحسب هولدن، ولهذا السبب، لا تتوفر خطط المزايا المحددة إلا لنحو 8% من العاملين ضمن القطاع الخاص في الولايات المتحدة، وفقاً لبيانات معهد أبحاث مزايا الموظفين، مقارنة بنحو 39% في العام 1980.
قال هولدن عقب التصويت: «لم نتمكن من الحصول على معاش التقاعد من (بوينغ) وسنواصل العمل على هذه القضية في المستقبل».