logo
شركات

«تيمو» تتحدى عمالقة التجارة الإلكترونية.. نجاح سريع أم فقاعة مؤقتة؟

«تيمو» تتحدى عمالقة التجارة الإلكترونية.. نجاح سريع أم فقاعة مؤقتة؟
زوار يتفقدون جناح Temu في معرض للأزياء في هانغتشو، الصين - 5 ديسمبر 2024المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:18 فبراير 2025, 04:11 م

في وقت قياسي، تمكنت منصة التجارة الإلكترونية الصينية «تيمو» من إثبات وجودها بقوة في السوق العالمية، حيث تصدرت قائمة أكثر المواقع التجارية زيارة في أكتوبر 2024، ورغم هذا النمو السريع، أثار هذا النجاح المتسارع تساؤلات ونقاشات واسعة حول استدامة وأخلاقيات استراتيجية المنصة التسعيرية.

وبينما يجادل النقاد بأن الأسعار التنافسية للغاية لـ«تيمو» ناتجة عن ممارسات مشكوك فيها، أشار تقرير نشره موقع «ذي كونفيرزيشن» إلى أن نجاح المنصة يعود إلى نموذج العمل المثبت للشركة الأم، «بيندودو» (Pinduoduo)، التي أحدثت تحولاً جذرياً في الأسواق منذ تأسيسها.

تم إطلاق «تيمو» في سبتمبر 2022، ونجحت بسرعة في إثبات نفسها كلاعب رئيس في التجارة الإلكترونية العالمية، حيث تعمل في 79 دولة، وقد حققت نجاحاً سريعاً من خلال تقديم منتجات بأسعار أقل بنسبة تتراوح بين 40% إلى 60% مقارنة بالمنافسين مثل «أمازون»، مستخدمةً استراتيجية تسعير يعتبرها بعضهم مثيرة للجدل.

ويشير النقاد إلى القلق بشأن جودة المنتجات والتسويق المكثف والممارسات التجارية المضللة، إلا أن «تيمو» تواصل استثمار مبالغ ضخمة في الإعلانات والتوسع في الأسواق، وقد أثارت قدرة المنصة على التفوق على الشركات العملاقة اهتماماً كبيراً، وجذبت الخبراء والمستهلكين على حد سواء.

استراتيجيات تسعير مبتكرة

يُبنى هيكل تسعير «تيمو» على نموذج العمل الذي تبنته شركة «بيندودو»، التي تأسست في عام 2015، ونجحت في إحداث ثورة في التجارة الإلكترونية من خلال استهداف المتسوقين ذوي الدخل المحدود في المدن الصغيرة والمناطق الريفية، وقد أدى نجاح المنصة إلى إنشاء «تيمو» كذراع دولي لها.

وبحلول عام 2023، أعلنت «بيندودو» مع «تيمو» عن إيرادات بلغت 34.879 مليار دولار وصافي دخل قدره 8.267 مليار دولار، ما عزز موقعها كقوة مهيمنة في مجال تجارة التجزئة الإلكترونية.

النموذج الأساسي لاستراتيجية تسعير «تيمو» هو نموذج الأعمال من «المستهلك إلى الشركة المصنعة» (C2M) الذي قدمته «بيندودو» في 2023. من خلال المزادات العكسية، تجبر «تيمو» الشركات المصنعة على التنافس لتقديم أقل الأسعار الممكنة، التي تحددها «بيندودو»، ما يلغي الحاجة إلى احتفاظ «تيمو» بالمخزون.

ويتيح هذا النموذج للمصنعين تحمل تكاليف التخزين، بينما يستفيدون من اللوجستيات الواسعة النطاق التي تخفض أسعار المنتجات أكثر. كما تجمع «تيمو» خدمات الشحن، ما يمكنها من تحقيق وفورات الحجم، وهي التوفير في التكاليف الناتجة عن زيادة حجم العمليات.

بفضل هذه الاستراتيجية، تتمكن «تيمو» من تقليل تكلفة الشحن لكل منتج عن طريق تجميع الشحنات من مصادر متعددة، وهو ما يعود بالنفع على المصنعين الصغار الذين يواجهون صعوبة في تحقيق مستويات طلب عالية بشكل مستقل.

إلى جانب استراتيجيتها التي تستهدف المستهلكين، تستخدم «بيندودو» أيضاً نموذج الشراء الجماعي، حيث تشجع المتسوقين على تشكيل مجموعات شراء للحصول على صفقات أفضل. ساعدت هذه الاستراتيجية في جعل «بيندودو» المنصة الرائدة عالمياً في مجال التجارة الاجتماعية، حيث بلغ عدد مستخدميها في الصين فقط 694 مليوناً بحلول منتصف عام 2024.

كما تعتمد المنصة على ميزات التسوق المدمجة بالألعاب، وهي استراتيجية شائعة في الصين، والتي تدفع المستهلكين إلى الشراء بشكل اندفاعي وزيادة التفاعل مع المنصة.

الاستفادة من سياسة الضرائب

بالإضافة إلى استراتيجيتها التسعيرية، تحقق «تيمو» مزايا من السياسات الضريبية المواتية في الصين، حيث يبلغ معدل الضريبة على الشركات 15% فقط، مقارنة بـ 25% للشركات التقليدية. من خلال الاستفادة من استراتيجيات الشراء بالجملة، واللوجستيات المحسّنة، وهيكل عمل خالٍ من العمولات، تتمكن كل من «بيندودو» وتيمو من الحفاظ على أسعار تنافسية، مماثلة لتلك التي تقدمها منصات التكلفة المنخفضة الأخرى مثل «شي إن».

كما ساعدت السياسات التجارية المواتية أيضاً في توسع «تيمو» الدولي. على سبيل المثال، تعفي الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة السلع التي تقل قيمتها عن 800 دولار من الرسوم الجمركية، بينما يوفر الاتحاد الأوروبي إعفاءً مشابهاً للمنتجات التي تقل قيمتها عن 150 يورو. وبما أن معظم منتجات «تيمو» تقع ضمن هذه الحدود، تتمكن المنصة من شحن المنتجات دون رسوم جمركية.

وفي غضون عامين فقط، نجحت «تيمو» في توقيع عقود مع أكثر من 200,000 تاجر، وشحنت 4 ملايين طرد يومياً من 60 مستودعاً في الصين، وجذبت 467 مليون مستخدم عالمي. ولتعزيز نموها، استثمرت «تيمو» بشكل مكثف في حملات إعلانية، خاصة على منصات مثل «تيك توك» و«إنستغرام» و«سناب شات». ووفقاً للتقارير، أنفقت شركة «بيندودو» حوالي 10.7 مليار يورو على التسويق في عام 2023، مع تخصيص ما بين 4 إلى 5 مليارات دولار لهذه الجهود.

تحديات في الأفق

ورغم استراتيجيتها التوسعية الطموحة، تواجه «تيمو» تحديات لوجستية، لا سيما فيما يتعلق بتكاليف الشحن المرتفعة من الصين. لمعالجة هذه التحديات، بدأت «تيمو» في تعديل عملياتها اعتباراً من مارس 2024، حيث انتقلت من نموذج الإدارة الكامل إلى نموذج شبه مُدار.

بموجب هذا النموذج، يشحن ممثلو «تيمو» المنتجات عبر الشحن البحري إلى مستودعات في الولايات المتحدة، لتوزيعها محلياً، وهو ما يساهم في تقليص تكاليف الشحن.

كما اعتمدت «تيمو» نموذج عمل جديد في عدة دول أوروبية، حيث يحدد البائعون أسعارهم بأنفسهم، على غرار منصات مثل «إيباي» و«علي إكسبريس». قد يترتب على هذا التحول تحديات في الحفاظ على استراتيجيتها التسعيرية المنخفضة للغاية، ما قد يؤثر على قدرتها على التفوق في السوق.

ومع انتقال المنصة نحو نموذج سوق أكثر تقليدية، يبقى السؤال قائماً: هل يمكن لاستراتيجيات «تيمو» التسعيرية الطموحة أن تصمد أمام عمالقة الصناعة في المدى الطويل؟

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC