أثار إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية جديدة على الواردات من المكسيك وكندا والصين، موجة من القلق بين الشركات والمستهلكين، إذ تشير تقديرات إلى أن معدل التضخم سيرتفع بسببها إلى حوالي 3%.
وقالت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارولاين ليفيت للصحافيين إنّ «الرئيس سيفرض السبت، رسوماً جمركية بنسبة 25% على المكسيك، وبنسبة 25% على كندا، وبنسبة 10% على الصين؛ بسبب الفنتانيل غير القانوني الذي ينتجونه ويسمحون بتوزيعه في بلادنا».
ومن شأن فرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على السلع الواردة من كندا والمكسيك أن يعطل سلاسل التوريد، ويرفع معدل التضخم إلى حوالي 3%، ما يبقيه أعلى بكثير من هدف الاحتياطي «الفيدرالي» البالغ 2%، كما أن فرض رسوم إضافية على الصين سيتسبب في زيادة أكبر، وفقاً لشركة تحليل البيانات «كابيتال إيكونوميكس».
وقللت إدارة ترامب من مخاطر التضخم، وقالت إن التعريفات الجمركية المرتفعة ستجلب المزيد من الإيرادات للخزائن الفيدرالية.
خبراء اقتصاديون يرون أن الزيادات في أسعار الغذاء قد تكون أول تضخم يلاحظه المستهلكون، إذا أجبرت التعريفات الجمركية المستوردين على دفع 25% أكثر.
إد جريسر، وهو مساعد سابق للممثل التجاري الأميركي، قال إن المكسيك تمد الولايات المتحدة بحوالي نصف وارداتها من المنتجات الطازجة خاصة في الشتاء، وفقاً لما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.
ووفقاً لوزارة الزراعة الأميركية، يأتي أكثر من 80% من الأفوكادو الأمريكي من المكسيك، كما تعد كندا مورداً كبيراً لكل شيء من الفاصوليا إلى الطماطم الكرزية.
وحتى مع إيجاد بدائل محلية، فإن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن ارتفاع أسعار الواردات وتأخير سلاسل التوريد في الحدود، قد يدفع الموردين المحليين إلى رفع أسعارهم أيضاً.
بنت شركات صناعة السيارات المحلية والأجنبية، شبكة معقدة من المصانع في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وفي بعض الأحيان تعبر قطع الغيار والسيارات نصف المصنعة الحدود عدة مرات قبل اكتمال الإنتاج.
ومن شأن فرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على كل معبر من معابر الاستيراد تلك، أن ترفع تكاليف التصنيع والأسعار، على الرغم من ارتفاعها الكبير خلال جائحة كورونا.
وقالت شركة جنرال موتورز هذا الأسبوع، إنها تعمل على تسريع واردات السيارات من المكسيك وكندا، وتدرس طرقاً لبناء المزيد من سيارات البيك آب محلياً، إذ تمتلك مساحة إضافية في المصنع.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من ثلث مبيعات الشركة في الولايات المتحدة تأتي من السيارات المنتجة في المكسيك وكندا.
لطالما دعا قطاع الصلب والألومنيوم إلى الحماية من المنافسين ذوي التكلفة المنخفضة في الخارج، ومن المرجح أن يرحب بفرض رسوم جمركية صارمة، على الصلب والألومنيوم المكسيكي.
فيما يرى مسؤولون تنفيذيون في هذه الصناعة أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب على الصلب خلال فترة ولايته الأولى تسببت في ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة، ما جعل من الصعب التخطيط لمشاريع البناء الكبيرة وتسليمها في حدود الميزانية.
قال غريسر إن التعريفات الجديدة يمكن أن ترفع أسعار الولايات المتحدة للبنزين ووقود الطائرات وزيت التدفئة المنزلي، إذ تزود كندا الولايات المتحدة بحوالي 60% من واردات النفط الخام والمكسيك 10% أخرى.
وأضاف أن هذه الواردات تشكل معاً حوالي 30% من النفط الخام المستخدم في الولايات المتحدة، إذ أُنشئت العديد من المصافي المحلية لمعالجة النفط الكندي، ما يجعل تعديلها مهمة صعبة.
وتدرس الحكومة الكندية اتخاذ إجراءات انتقامية قد تطال شحنات النفط، ويقول الاقتصاديون إنه إذا تباطأ أو توقف إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام أو السيارات، فمن المحتمل أن يتضرر النمو الاقتصادي.
ومن شأن فرض تعريفة جمركية شاملة بنسبة 10% على الصين أن يؤثر في العديد من السلع الاستهلاكية لأول مرة، ما قد يؤدي إلى زيادات محتملة في أسعار التجزئة وانتقام تجاري من الصين.
وخلال فترة إدارة ترامب الأولى ومرة أخرى في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، فرضت واشنطن رسوماً جمركية على سلع صينية مثل أشباه الموصلات والصلب.
ووفق براد سيتسر، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية حالياً، فإن ترامب يستخدم الرسوم الجمركية كهراوة للمساومة، وليس كأداة دائمة، لذا قد يحدث اضطرابات، وسيدفع الناس تكاليف معيشة أعلى، وفقاً لـ«وول ستريت جورنال».