كشفَت مجلة «ذا ديبلومات» الأميركية عن ملامح جديدة للتجارة الدولية في العهد الجديد لرئاسة دونالد ترامب، حيث انتهت مرحلة الانفتاح الاقتصادي التي كان يفترض أن تعزز التنمية المشتركة، وأصبحت التبادلات التجارية تخضع فقط لحسابات القوة والنفوذ.
أفردت المجلة الأميركية المتخصصة في شؤون آسيا «ذا ديبلومات» غلاف عدد مارس 2025 لسفينة حاويات هشة تشق طريقها بين عملتين معدنيتين، إحداهما تحمل رموز «جمهورية الصين الشعبية» والأخرى نسر «الولايات المتحدة الأميركية»، مع عنوان لافت: «العصر الجديد للتجارة العالمية».
وفي تحليل موسع، يصف الخبير الهندي-الأميركي بالقانون التجاري الدولي، راج بالا، تحولاً جوهرياً في نظرية وممارسة التجارة العالمية، فبدلاً من التوجه نحو التجارة الحرة المصحوبة بضوابط تنظيمية، تتجه الدول نحو «حماية تجارية مبررة بأسباب أمنية وطنية»، وهو ما يسميه بـ«المركنتيلية الجديدة العدوانية».
بحسب بالا، فإن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تعيد صياغة مفهوم التجارة، حيث لم يعد الأمر يتعلق بانفتاح اقتصادي يسعى لتحقيق الانسجام بين الدول، بل أصبح مسألة مواجهة الآخر – أي الصين – لترسيخ الهيمنة الأميركية.
تمثل الرؤية الجديدة قطيعة مع المبادئ الكلاسيكية لليبرالية الاقتصادية التي أسسها الإسكتلندي آدم سميث في القرن الثامن عشر، إذ تدعو "المركنتيلية" الجديدة إلى تعظيم الفائض التجاري وتفضيل الحمائية لحماية الوظائف الوطنية، باعتبار أن المنافسة الأجنبية تعني، وفق هذا النهج، أن الأجانب «يسرقون وظائفنا».
وفي هذا السياق، يوضح بالا أن «التجارة، بالنسبة للولايات المتحدة والصين على حد سواء، لم تعد مجرد تبادل تجاري، كما أن الرسوم الجمركية لم تعد مجرد ضرائب على الواردات».
ووراء هذه التوجهات الاقتصادية الجديدة، تقبع قضايا تتجاوز مسألة الاستيراد والتصدير، حيث لم يعد الدافع الأساسي هو الكفاءة أو التعاون الدولي أو حتى حسن النية، بل الأمن القومي وتعظيم الهيمنة.