إغلاقان عام 2023 خفّضا إيرادات ليبيا من النفط 6%
يتخوف خبراء من انعكاسات ارتدادية لإعلان حالة "القوة القاهرة" بحقل الشرارة النفطي في ليبيا تطال الدينار الليبي، واستثمارات الأجانب، والموازنة العامة، والأوضاع المعيشية للمواطن البسيط وفاتورة المحروقات.
وأكد خبيران لـ"إرم بزنس" أن خسائر الإغلاق الجزئي الجديد نتيجة إعلان "القوة القاهرة" تتجاوز 20 مليون دولار يومياً، ما يزيد حدة التحديات التي يواجهها الاقتصاد الليبي، التي يعتمد بشكل يقارب 95% على عائدات النفط، التي يمثل إنتاج حقل الشرارة نحو 40% منها، في ظل انقسام البلاد بين حكومتين في شرق البلاد وغربها.
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا، في بيان الأربعاء الماضي، حالة القوة القاهرة في حقل الشرارة إثر احتجاجات في منطقة فزان للمطالبة بخدمات عامة ومشاريع تنموية.
وأوضحت أن "الظروف الحالية التي يشهدها الحقل النفطي الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 300 ألف برميل يومياً، تمنع الشركة من القيام بعمليات تحميل النفط الخام"، فيما وصفت حكومة "الوحدة الوطنية"، غربي ليبيا، ما يحدث بأنه "تعطيل لشريان اقتصادي مهم".
ولفتت إلى أن الحقل الواقع جنوب غربي ليبيا، يمثل نحو 40% من إنتاج النفط في البلاد، مبينة أن حصة إنتاج ليبيا بالحقل 88%، مقابل 12% للمشغل الأجنبي "شركات رپسول الإسپانية"، و"توتال الفرنسية" و"أو.إم.في النمساوية" و"إكوينور النرويجية".
قال المسؤول الليبي السابق والمستشار في قطاع النفط نجيب الأثرم، إن هذا الإغلاق يأتي في ظل ظروف تحتاج فيها ليبيا إلى سيولة لتطوير البنية التحتية للقطاع، وفتح مشروعات وإيجاد فرص عمل، بينما النفط هو المورد الوحيد والأكبر الذي يجب تعظيم إنتاجه لتحقيق مكاسب.
وتُصدر ليبيا نحو 1.024 مليون برميل من إنتاج 1.27 مليون برميل يومياً، بينما تعتمد الموازنة العامة للدولة التي أقرها البرلمان مؤخراً بقيمة تناهز 37.2 مليار دولار بشكل كبير على الإيرادات النفطية.
واعتبر الأثرم أن إغلاق حقل الشرارة يمثل إهدار فرص لإيرادات الدولة الليبية، خاصة وأن تدفق النفط بهذا الحقل يمكن أن يسهم بدعم الوضع المالي والاقتصادي الذي يعاني فيه المواطن.
وفي مايو الماضي، كشفت بيانات مصرف ليبيا المركزي عن وجود عجز في استخدامات النقد الأجنبي بنحو 7.5 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024 حيث بلغ إجمالي إيرادات النقد الأجنبي 6.4 مليار دولار بينما بلغ إجمالي الاستخدامات والالتزامات القائمة 13.8 مليار دولار.
وحذر الأثرم من "اهتزازات بسوق النفط الليبي جراء ذلك الإغلاق"، مؤكداً أنه منذ 2013، تعاني البلاد من تلك الإغلاقات التي تؤثر في مصداقية السوق، وتزيد مخاطر الاستثمار الخارجي، وكلفته على الدولة.
ولفت إلى أن التأثير لا يَطال السوق النفطي الليبي فقط، بل العملة الوطنية "الدينار" أيضاً لارتباطهما بدورة اقتصادية واحدة،؛ ما يؤثر في الأسواق المحلية واحتياجات المواطنين، وأسعار السلع.
قال الخبير النفطي السابق بمنظمة "أوبك" محمد الشحاتي، إن حقل الشرارة يمثل مصدر تغذية لمصفاة الزاوية، وهي التي يعتمد عليها الجزء الغربي في ليبيا للتزويد بالمنتجات البترولية بما فيها البنزين والديزل وغاز الطهي ووقود الطائرات.
وأشار إلى انعكاسات سلبية على الاقتصاد من قفل خام الشرارة تتمثل بانخفاض جزئي للدخل النفطي، وبعض خسائر التوقف الفنية وارتفاع فاتورة توريد المحروقات من الخارج، لتعويض انخفاض طاقة التكرير من مصفاة الزاوية.
ولفت إلى أن الحل سياسي وليس فنياً، داعياً النخبة السياسية إلى علاج مشكلة عدالة توزيع الإيرادات النفطية، والتي تتسبب في تكرار هذه الاحتجاجات.
وسجل آخر إنتاج 1.27 مليون برميل يومياً مطلع أغسطس الجاري، وفق بيانات المؤسسة الوطنية للنفط، (رسمية) عبر صفحتها بفيسبوك، دون أن تكشف عن إحصاءات جديدة عن حجم الإنتاج، الذي تأثر مع إغلاق حقل الشرارة.
وتتطلع ليبيا للوصول إلى حجم إنتاج 1.4 مليون برميل يومياً بنهاية 2024، ثم إلى مليوني برميل في 2027،.
وقبل إسقاط نظام معمر القذافي عام 2011، بلغ إنتاج النفط أعلى مستوياته، عند 1.6 مليون برميل يومياً، قبل أن يتراجع مع انقسام سياسي ومواجهات مسلحة شهدت عمليات إقفال للحقول النفطية.
وشهد الحقل إغلاقاً لمرتين عام 2023؛ ما خفّض إيرادات ليبيا من النفط 6% إلى 20.7 مليار دولار، مقارنة مع 22 مليار دولار في العام السابق، وفقاً لبيانات مصرف ليبيا المركزي.