logo
اقتصاد

نفوذ المليارديرات.. كيف يشكل الأثرياء مستقبل السياسة الأميركية؟

نفوذ المليارديرات.. كيف يشكل الأثرياء مستقبل السياسة الأميركية؟
حجم تمويل الحملات الانتخابية الرئاسية الأميركية الحالية بلغ 7.2 مليار دولار حتى الآنالمصدر: بارونز
تاريخ النشر:26 أغسطس 2024, 04:32 م

تمثل مسألة تمويل الحملات الانتخابية الرئاسية لعام 2024 إحدى أبرز القضايا في تاريخ الولايات المتحدة، إذ بلغ حجم التمويل المجموع حتى الآن 7.2 مليار دولار، وفقاً لتقرير نشرته مجلة "بارونز".

ويبرز التقرير أيضاً أن حوالي 1.2 مليار دولار من هذا المبلغ تم جمعه من 100 متبرع فقط، مما يسلط الضوء على تأثير مجموعة ضئيلة من المليارديرات وأصحاب الثروات الكبيرة على السياسة الأميركية بشكل متزايد.

كما أشار موقع (OpenSecrets)، المتخصص في تتبع بيانات تمويل الحملات، إلى أن هذه المبالغ الضخمة تجعل الانتخابات المقبلة الأغلى في تاريخ البلاد، حيث يعتمد كلا الحزبين السياسيين بشكل كبير على هذه التبرعات لتمويل حملاتهما الرئاسية وحملات المرشحين في الكونغرس.

وعلى الرغم من دور المانحين الصغار في حملات هاريس وترامب، إلا أن الانتخابات الرئاسية لعام 2024 تشهد هيمنة متزايدة لمساهمات الأثرياء.

في حملة ترامب، يبرز دعم عدد من الشخصيات البارزة في وول ستريت، مثل ستيف ألين شوارزمان من مجموعة "بلاكستون" الاستثمارية، وروبرت ميرسير من "رينيسانس تكنولوجيز" لإدارة الاستثمارات.

بالإضافة إلى ذلك، يساهم في دعم ترامب أيضاً كل من إيلون ماسك ورواد الأعمال في مجال العملات المشفرة كاميرون وتايلر وينكليفوس، فضلاً عن رجال الأعمال في مجال رأس المال المغامر مارك آندرسن وبن هوروويتز.

من جانب الحزب الديمقراطي، تستفيد نائب الرئيس كامالا هاريس من دعم مجموعة من المليارديرات، بما في ذلك ريد هوفمان، المؤسس المشارك لموقع "لينكد إن". كما حصلت حملة بايدن على مساهمات كبيرة من وول ستريت، حيث تبرع جيم سيمونز، مؤسس شركة "رينيسانس تكنولوجيز" قبل وفاته، بمبلغ 6.6 مليون دولار للجنة العمل السياسي للرئيس جو بايدن.

ومن بين الداعمين البارزين أيضاً ستيفن ماندل من شركة "لون باين كابيتال" لإدارة الأموال وصناديق التحوط.

وتشير التوقعات إلى أن التدفق الكبير للأموال من هؤلاء المتبرعين سيؤدي إلى تمويل إعلانات سياسية بقيمة قياسية تصل إلى 10.7 مليار دولار في دورة الانتخابات الحالية، بزيادة قدرها 19% عن الدورة السابقة، وفقاً لشركة "أد إمباكت" للتحليل.

وفقاً للتقرير، يظهر الاعتماد المتزايد على التبرعات الكبيرة بشكل واضح، حيث تشكل هذه المساهمات 16% من إجمالي تمويل الحملات هذا العام، مقارنة بـ 14.6% في عام 2022 و9.5% في عام 2020.

تشير الأبحاث التي أجراها البروفيسوران مارتن غيلينز من جامعة كاليفورنيا وبنجامين بيج من جامعة نورث وسترن إلى أن آراء النخب الثرية تؤثر بشكل كبير على السياسة الحكومية الأميركية، في حين يكون تأثير المواطن العادي محدوداً. ويسلط التقرير الضوء على القلق المتزايد حول دور المال في السياسة، خاصةً أن المليارديرات غالباً ما يقدمون مساهمات كبيرة في وقت مبكر من الحملات، مما يساهم بشكل كبير في تحديد مرشحي الانتخابات التمهيدية.

توضح ديانا دويير، أستاذة العلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا، أن التمويل الكبير ضروري للأحزاب السياسية على مدار العام، لكنه في الوقت ذاته يحد من تنوع القضايا التي تُطرح على الأجندة السياسية.

ويشير التقرير إلى أن قرار المحكمة العليا في عام 2010 في قضية "سيتيزنز يونايتد"، وهي منظمة غير ربحية أميركية تهتم بقضايا التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة، كان له تأثير كبير على الوضع الحالي لتمويل الحملات. فقد دعت المنظمة إلى تقليص القيود المفروضة على التمويل السياسي، مؤكدة على حقوق المنظمات والأفراد في التعبير السياسي. هذا القرار سمح بمساهمات غير محدودة للجان العمل السياسي الكبرى، مع الحفاظ على قيود صارمة على التبرعات المباشرة للمرشحين.

وفقاً للتقرير، شهدت سنة 2024 تزايداً ملحوظاً في التبرعات الضخمة، حيث يتصدر تيموثي ميلون، من سلالة المصرفي البارز أندرو ميلون، قائمة المتبرعين بمبلغ يتجاوز 150 مليون دولار، بما في ذلك 50 مليون دولار تم تقديمها للجنة العمل السياسي في اليوم التالي لإدانة ترامب.

كما أصبح تأثير هذه التبرعات أكثر وضوحاً، حيث نجحت صناعة العملات المشفرة، التي جمعت مبالغ ضخمة خلال هذه الدورة الانتخابية، في الحصول على دعم كبير من عدد من الديمقراطيين في مجلس النواب. هؤلاء النواب صوتوا لصالح مشروع قانون تدعمه صناعة العملات المشفرة، وذلك بعد فترة قصيرة من بدء حملة ترامب في السعي بنشاط لجمع التبرعات من هذا القطاع.

أفاد التقرير بأن المليارديرات يستخدمون نفوذهم للدفع نحو تغييرات سياسية محددة. على سبيل المثال، كان كريس لارسن، رئيس مجلس إدارة شركة "ريبل لابس"، صريحاً في دعواته لإقالة رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات غاري غينسلر، بعد أن رفعت اللجنة دعاوى ضد العديد من شركات العملات المشفرة. وقدمت شركته مبلغ 45 مليون دولار للجنة العمل السياسي الخاصة بالعملات المشفرة (Fairshake)، التي تهدف إلى انتخاب سياسيين داعمين لهذه الصناعة.

وفي قطاع التكنولوجيا، اقترح ريد هوفمان من "لينكد إن"، الذي تبرع بحوالي 28 مليون دولار لدعم الديمقراطيين في هذه الدورة، مؤخراً أنه ينبغي على نائب الرئيس كامالا هاريس النظر في إقالة رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية لينا خان، التي قامت بجهود ملحوظة في قضايا مكافحة الاحتكار ضد شركات التكنولوجيا. على الرغم من أن هوفمان أوضح لاحقاً دعمه الثابت لهاريس، ونفى مناقشته لشأن خان معها، فإن هذه الحادثة تسلط الضوء على العلاقة المعقدة بين المتبرعين المليارديرات والنفوذ السياسي.

وفقاً للتقرير، فإن علاقة حملة ترامب بمموليها من المليارديرات واضحة للغاية، فقد تعهد ترامب بسياسات داعمة للوقود الأحفوري أمام المسؤولين التنفيذيين في صناعة النفط والغاز، الذين ردوا بدعم مالي كبير لحملته. في الوقت نفسه، انحاز إيلون ماسك، رغم دعمه للطاقة الخضراء، إلى ترامب وأنشأ لجنة عمل سياسي متحالفة مع المرشح الرئاسي، مما يشير إلى نيته في تقديم مساهمات مالية لحملة ترامب.

وتتضمن استعدادات ترامب المحتملة للعودة إلى البيت الأبيض أيضاً دعم كبار المتبرعين، حيث تقود ليندا مكماهون، التي شاركت في تأسيس شركة (WWE) للترفيه، وترأست إدارة الأعمال الصغيرة تحت قيادة ترامب، وهوارد لوتنيك، المدير التنفيذي لشركة "كانتور فيتزجيرالد" للخدمات المالية، فريقه الانتقالي الرئاسي. وقدمت مكماهون 11.5 مليون دولار للمرشحين واللجان المحافظة في هذه الدورة، بينما تبرع لوتنيك بمبلغ 4 ملايين دولار.

وأفاد المتحدث الرسمي باسم حملة كامالا هاريس، جو كوستيلو، بأن الحملة تتمتع بدعم شعبي كبير من آلاف المانحين الصغار، رغم أنها تواجه تحديات وتعقيدات بسبب تأثير المليارديرات على السياسة.

ومع تقدم انتخابات 2024، يسلط التقرير الضوء على أن دور المليارديرات في تمويل الحملات سيواصل تشكيل المشهد السياسي بشكل بارز، مما يثير تساؤلات حول توازن القوى ومستقبل الديمقراطية في الولايات المتحدة.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC