يقترب الذهب من تحقيق أقوى أداء سنوي له منذ 45 عاماً، بعد أن سجل مستويات قياسية خلال عام 2024. وارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 33% هذا العام، مع استقرار الأسعار عند 2,756.70 دولاراً للأونصة يوم الأربعاء، وفقاً لبيانات «داو جونز ماركت داتا».
ويبدو أن المعدن النفيس في طريقه لتحقيق أفضل أداء سنوي له منذ العام 1979، حيث سجل 46 إغلاقاً قياسياً، كان آخرها عند 2,800.80 دولاراً في 30 أكتوبر، وفقاً لتقرير نشره موقع «ماركت ووتش».
وكان الطلب من البنوك المركزية عاملاً محورياً في دفع هذا الارتفاع، وفقاً لما أعلنه «مجلس الذهب العالمي».
وشكلت مشتريات البنوك المركزية ما بين 7% إلى 10% من المكاسب الإجمالية. كما ساهم الطلب من المستثمرين بشكل كبير، مما عوّض الانخفاض الملحوظ في الطلب الاستهلاكي. وفي الولايات المتحدة، عززت عوائد سندات الخزانة المنخفضة، وضعف الدولار خلال الربع الثالث تدفقات الاستثمار.
علاوة على ذلك، كان الأداء الاستثنائي للذهب، خلال عام 2024، مدعوماً بدوره كتحوط ضد المخاطر الجيوسياسية وتقلبات الأسواق. وذكر «مجلس الذهب العالمي» أن «هذه العوامل -على الأرجح- تفسّر أداءه المميز».
وحدد «مجلس الذهب العالمي» العوامل الرئيسة التي يُتوقع أن تؤثر في مسار الذهب خلال عام 2025.
وأشار المجلس في تقرير توقعات الذهب لعام 2025 إلى أن التغيرات في السياسات والاتجاهات الاقتصادية، ستكون حاسمة في تحديد أسعار الذهب. وتأتي هذه الديناميكيات في وقت يستعد فيه الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، لتولّي منصبه لفترة رئاسية ثانية، مما يضيف مزيداً من عدم اليقين.
وقال خوان كارلوس أرتيغاس، رئيس قسم الأبحاث العالمية في «مجلس الذهب العالمي»: «هناك قدر كبير من عدم اليقين حول تأثير الفترة الثانية لترامب على الاقتصاد العالمي». وأضاف أن التوجه نحو المخاطر قد يشكل تحديات أمام الذهب في بداية عام 2025. ومع ذلك، أكد أرتيغاس أن السياسات المتعلقة بالتجارة، والتعريفات الجمركية، وسلاسل التوريد، قد تزيد الضغوط التضخمية، مما يعزز جاذبية الذهب كتحوط ضد التضخم، وربما يدفع الأسعار إلى الارتفاع.
تشكل الأسواق الآسيوية أكثر من 60% من الطلب السنوي على الذهب، باستثناء البنوك المركزية، مما يجعلها محركاً رئيساً لأداء المعدن النفيس.
وأشار المجلس إلى أن المستثمرين الآسيويين ظلوا «حاضرين بشكل شبه دائم» في السوق، بينما يرتبط الطلب الاستهلاكي في الصين ارتباطاً وثيقاً بنمو الاقتصاد المحلي. كما حذّر المجلس من مخاطر التوترات التجارية وتأثيرها في الديناميكيات الاقتصادية العالمية.
يتوقع المجلس أن يبقى الطلب على الذهب قوياً في عام 2025، وإن كان بمستويات أقل قليلاً مقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية.
وقال أرتيغاس: «على الرغم من صعوبة التنبؤ بمشتريات البنوك المركزية بسبب العوامل السياسية، فإن الدوافع الأساسية، مثل تنويع الاحتياطيات في ظل ارتفاع الديون السيادية، والتوترات الجيوسياسية، من المرجح أن تستمر».
وحدد «مجلس الذهب العالمي» في تقريره عدة عوامل من المتوقع أن تؤثر في أسعار الذهب في عام 2025، منها التوسع الاقتصادي الذي يؤثر بشكل مباشر على الطلب الاستهلاكي، بالإضافة إلى المخاطر وعدم اليقين التي تدفع المستثمرين إلى البحث عن الذهب كوسيلة للتحوط.
كما أشار التقرير إلى تكلفة الفرصة البديلة، التي تجعل الذهب أكثر أو أقل جاذبية بالمقارنة مع عوائد السندات، فضلاً عن دور الزخم الذي قد يعزز الاتجاهات الحالية للأسعار، أو يعيدها إلى متوسطها على المدى الطويل.
وأشار التقرير إلى أنه إذا كان أداء الاقتصاد العالمي متوافقاً مع التوقعات، فقد يواصل الذهب التداول ضمن نطاق مشابه لما كان عليه في أواخر عام 2024، مع احتمال وجود مكاسب إضافية.
على العكس، قد يؤدي ضعف النمو الاقتصادي مع ارتفاع أسعار الفائدة إلى تقليل الطلب، في حين أن انخفاض أسعار الفائدة بشكل كبير أو تفاقم التوترات الجيوسياسية قد يعزز أداء الذهب.
كما أظهرت تحليلات «مجلس الذهب العالمي» أن التغيرات الاقتصادية والسياسات ستبقى عوامل حاسمة في تحديد آفاق الذهب، مما يبرز دوره كمؤشر على الأوضاع المالية والجيوسياسية العالمية.