logo
اقتصاد

«مشروع القرن» بين المغرب وإسبانيا.. متى يدخل حيز التنفيذ؟

«مشروع القرن» بين المغرب وإسبانيا.. متى يدخل حيز التنفيذ؟
الدار البيضاء، المغرب، 20 أبريل 2023.المصدر: شاترستوك
تاريخ النشر:17 أبريل 2025, 04:27 ص

اتفاقات مغربية إسبانية جديدة لتسريع مشروع النفق البحري بين البلدين الذي يعد أول حلقة وصل بين قارتي أوروبا وأفريقيا، حرَّكت تساؤلات جديدة لإمكانية ظهوره للعلن بعد نحو نصف قرن عززها اقتراب مونديال 2030 لكرة القدم، مع استمرار الدراسات المعنية منذ 2024، وتجديد الحديث إعلامياً عن تكلفة بين 6 مليارات إلى 15 مليار دولار.

خبراء في الشأن الاقتصادي المغربي، يرون في أحاديث لـ«إرم بزنس»، أن ذلك الاستثمار المنتظر لبناء نفق للسكك الحديدية بطول 42 كيلومتراً، منها 28 كيلومتراً تحت قاع البحر، يعد «مشروع القرن» بشكل مؤكد إذ سيكون، بحسب الدراسات، «معبراً لـ13 مليون مسافر، وناقلاً تجارياً لـ12 مليون طن سنوياً، وبوابة لإيرادات ضخمة للمغرب وإسبانيا، ونمواً للقارتين الأوروبية والإفريقية».

ويرجح خبراء مغاربة أنه في ظل عدم تحديد التكلفة الإجمالية المحتملة والممولين، وعدم اكتمال الدراسات، ونظراً لصعوبات تقنية ومالية منتظرة أن تنطلق الإنشاءات قبل المونديال الذي تستضيفه المغرب وإسبانيا والبرتغال في 2030 على أن يستغرق 10 أعوام للاكتمال نهائياً في 2034، أو في العام الذي يليه الذي يتوافق مع مونديال 2035 للسيدات الذي تبحث الدول الثلاث أيضاً استضافته على أراضيها.

أخبار ذات صلة

المغرب.. خط ائتمان جديد من صندوق النقد الدولي بـ4.5 مليار دولار

المغرب.. خط ائتمان جديد من صندوق النقد الدولي بـ4.5 مليار دولار

حراك جديد

وفي 11 أبريل الجاري، وقّعت الحكومة المغربية، اتفاقيتي تعاون مع الحكومة الإسبانية لتعزيز شراكتهما في مجالي الرقمنة والهندسة المرتبطة بالدراسات الخاصة بمشروع الربط الثابت عبر مضيق جبل طارق (النفق البحري)، لاسيما في مجالات الطرق، وهندسة التربة والصخور، والنقل السككي، والنقل العام، فضلًا عن قطاعات المياه، والسلامة الطرقية، والبيئة، بحسب وكالة الأنباء المغربية الرسمية.

وتهدف الاتفاقيتان، بحسب الوكالة، إلى «تعزيز التآزر حول المشروع تنفيذاً للقرارات المتخذة خلال الاجتماع الـ43 للجنة المغربية-الإسبانية المشتركة المنعقد في أبريل 2023»، وذلك بعد مرور 14 سنة منذ الدورة الـ42، وينتظر أن تنعقد الدورة الـ44 في يونيو المقبل.

ونقل الموقع الإخباري المغربي «هسبريس» في أبريل الجاري عن صحيفة لاراثون الإسبانية أن مشروع النفق البحري «قد تصل تكلفته إلى 15 مليار يورو، بأكثر من ضعف التقديرات الأولية التي كانت تشير إلى 6 مليارات فقط»، لافتاً إلى أن ذلك يضع الحكومتين المغربية والإسبانية أمام تحديات جديدة، سواء على المستوى المالي، أو على صعيد اتخاذ القرارات الحاسمة.

وأُطْلِق المشروع رسمياً، العام 1979، بمبادرة من الملِكين المغربي الحسن الثاني، والإسباني، خوان كارلوس الأول، مع إنشاء لجنة مشتركة مغربية إسبانية، وأسس كل منهما شركة للأبحاث، قبل أن تراوح الفكرة مكانها، وتتخذ دفعة مع اجتماع أبريل 2023، والذي تلاه اختيار شركة دولية، في 2024، لإجراء دراسات لمدة عامين عن مسار النفق الذي يناهز إجمالي طوله يناهز 42 كيلومتراً.

ويمتد النفق تحت الماء على مسافة 17 ميلاً (28 كيلومتراً) بعمق أقصى يبلغ 1550 قدماً (475 متراً)، ويربط بونتا بالوما، غرب طريفة، مع مالاباتا شرق طنجة المغربية، وسط تقديرات غير رسمية بتكلفة تقدر بـ8 مليارات يورو (8.56 مليار دولار)، وفق ما ذكرته صحيفة تليغراف البريطانية في مايو 2024، لافتة إلى أن النفق، بحسب دراساته الأولية الذي سيربط شبكات السكك الحديدية في إسبانيا والمغرب، يمكن أن يحمل 12.8 مليون مسافر سنوياً، كما أنه سيكون معبراً تجارياً مهما، مع إمكانية نقل 13 مليون طن من البضائع بين إفريقيا وأوروبا.

وتعد الزلازل أحد المخاطر التي تهدد المشروع، إذ شهدت منطقته عدداً منها، إذ يقع الصدع الجيولوجي (الأزور-جبل طارق) قريباً منها، لذا وافقت حكومة إسبانيا في نوفمبر 2024، على استثمار حوالي 500 ألف يورو لشراء أجهزة قياس الزلازل من شركة أميركية ستستخدم في منطقة المضيق، في أول دراسة من نوعها لقياس المخاطر الزلزالية في المضيق منذ عشر سنوات، ويمهد لتسريع وتيرة إنجاز مشروع النفق بين البلدين، والذي سيصبح أول حلقة وصل بين قارتي أوروبا وأفريقيا في التاريخ، بحسب موقع "vozpopuli" الإسباني آنذاك.

ورغم التحديات راج في صحف مغربية وإسبانية وعربية حديث عن رؤية المشروع النور قبل تنظيم المغرب مع البرتغال وإسبانيا كأس العالم للرجال لعام 2030، دون أن تحسم الجارتان المغربية والإسبانية موعداً أو تكلفة بعد، فيما تعتزم الدول الثلاث أيضاً تقديم ترشيح مشترك لاستضافة كأس العالم للسيدات 2035، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي" أواخر مارس الماضي.

ووسط تلك الضبابية، تطرح دراسة مغربية حديثة عن المشروع المنتظر للباحث يونس بومعاز، نشرت بإعلام مغربي مطلع أبريل الجاري، 3 سيناريوهات للمشروع أولهم متفائل، تشير إلى أن احتمال انطلاق أعمال البناء بحلول عام 2030، وتنفيذه على مدى 15 عاماً تقريباً، بخلاف سيناريو يشمل تنفيذاً تدريجياً بإنشاء لنفق حديدي مبدئي لتقليل التكلفة والسماح باختبار فعالية النموذج قبل التوسع الكامل، على أنه يكتمل بحلول 2060، إضافة لسيناريو ثالث متشائم يتمثل في إلغاء المشروع أو تأجيله لوجود أولويات لدى حكومتي البلدين أو عوائق كنشاط زلزالي مرتفع يجعل تنفيذ المشروع غير قابل للتنفيذ.

أخبار ذات صلة

المغرب يجمع تمويلاً بملياري يورو لدعم جهود الاستثمار قبل المونديال

المغرب يجمع تمويلاً بملياري يورو لدعم جهود الاستثمار قبل المونديال

أهمية ضخمة

رئيس المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، الخبير الاقتصادي رشيد الساري، قال لـ«إرم بزنس» إن ذلك المشروع يحتاج إرادة أكبر للتنفيذ، ودعم قاري أوروبي إفريقي للمغرب وإسبانيا، للتعجيل في المشروع أياً كانت التكلفة، سواء 10 مليارات أو 15 مليار دولار، لافتاً إلى أن المشروع يحمل أهمية اقتصادية ضخمة للقارتين الأوروبية والأفريقية مع 13 مليون مسافر، ونقل 12 مليون طن سنوياً، وسيكون نقلة حقيقية، غير أنه يواجه إشكاليات تقنية، وقد تكون هناك أيضاً مشكلات مالية، بخلاف مخاطر بسبب الزلازل، وننتظر نتائج الدراسات لحسمها.

ودعا الساري لأن تكون هناك واقعية بالنسبة لبدء المشروع واكتماله، قائلا: «نتمنى أن ندرك المونديال لو توافرت الإرادة، ولكن الأمر صعب جداً للغاية»، موضحاً أن «الدراسات التي إن انتهت على أحسن تقدير في 2026، فمن الصعب أن يكتمل المشروع مع مونديال 2030، ولكن قد يبدأ العمل قبل ذلك المارثوان الرياضي بسنوات قليلة، على أن يأخذ فترة ليست بقليلة للاكتمال لن تكون قبل 2035».

مشروع القرن

أستاذ قانون الأعمال والاقتصاد في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والمستشار الوزاري المغربي السابق، بدر الزاهر الأزرق، في حديث لـ«إرم بزنس»، يرى أن «تسمية ذلك المشروع المثارة مشروع القرن ترجع؛ لأنه لا يهم المغرب وإسبانيا فقط، بل يمتد للقارتين الأوروبية والإفريقية».

ويرى بدر الزاهر الأزرق أنه «بغض النظر عن تكلفة المشروع المتداولة بين 6 مليارات أو 15 مليار دولار ولم تحسم حتى الآن، غير أن التمويل يمكن أن يجد مساراً إيجابياً مع رغبة الاتحاد الأوروبي في الانخراط بدعم المشروع، وكذلك دعم إسبانيا القوة الاقتصادية الأوروبية المعتبرة، وكذلك المغرب بالتعاون مع حلفائه بالشرق الأوسط، ويمكن تدبير التكلفة، خاصة أنها لن تكون دفعة واحدة، ولكن ممتدة على 10 سنوات على الأقل».

لذا يعتقد الزاهر أن «مسألة أن يكون المشروع شبه جاهز مع مونديال 2030، شبه مستحيلة خاصة أنه قد يمتد للاكتمال في نحو عقد من الزمن من بدء الدراسات على الأقل».

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC