في الوقت الذي لا تزال فيه مفاوضات تونس مع صندوق النقد الدولي في حالة من الجمود، انسحبت على صعوبات كبيرة تواجهها البلاد عند اللجوء إلى الاقتراض الخارجي لتمويل احتياجاتها، أعلنت الحكومة عن موازنة الدولة للعام المقبل 2025 بزيادة كبيرة في الاعتماد على الاقتراض الداخلي تزامنا وبوادر أزمة تلوح في الأفق بشأن اختصاصات وصلاحيات البنك المركزي التونسي.
في غضون ذلك كشف مشروع الموازنة التي يبدو أنه سيكون للبنك المركزي التونسي دور كبير فيها كما العام الجاري، جاءت الموازنة أقرب ما تكون للموزانات التقشفية حيث تتراجع 20% عن موازنة العام الماضي.
وتشير وثيقة مشروع قانون موازنة 2025 إلى أن حجم القروض الداخلية سيتضاعف ليصل إلى 7.08 مليار دولار من 3.57 مليار دولار العام الماضي، بينما ستتراجع حجم القروض الخارجية إلى 1.98 مليار دولار في 2025 مقارنة مع 5.32 مليار دولار في 2024.
يأتي مشروع الموزانة بعدما اقترح نواب تونسيون مشروع قانون يجرد البنك المركزي من السلطة الحصرية في تعديل أسعار الفائدة وسياسة الصرف ويقترح أن يتم ذلك بالتوافق مع الحكومة، وأن يكون البنك المركزي مطالباً بشراء سندات حكومية وتمويل مباشر لخزينة الدولة.
ومع تعثر حصول تونس على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، بسبب ما وصفه مسؤولو الحكومة التونسية بأنها إملاءات مرفوضة بشأن الفقراء والدعم وقضايا أخرى، لجأت تونس إلى الاقتراض من البنك المركزي.
من بين الفرضيات المطروحة للعام الجاري اللجوء إلى الاقتراض المباشر من البنك المركزي مجدّداً، خصوصاً بعدما حصلت الحكومة خلال فبراير الماضي على تمويل مباشر استثنائي من البنك المركزي، بقيمة 2.25 مليار دولار لسد العجز في ميزانية العام الجاري.
في الوقت ذاته أظهر مشروع قانون موازنة 2025، أن من بين الفرضيات لتمويل العجز إصدار سندات إسلامية للمرة الأولى لتعبئة موارد الميزانية، دون الإشارة إلى مبلغ محدّد.
ووفقاً لبيان الرئاسة التونسية، شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على أن المالية العمومية يجب أن تقوم في المقام الأول على القدرات الذاتية، وعلى الاختيارات الوطنية، وأن ترتكز على العدل والإنصاف.
من بين الفرضيات لتمويل العجز إصدار سندات إسلامية للمرة الأولى لتعبئة موارد الميزانية
مشروع قانون الموازنة
سيبلغ حجم موازنة تونس 20.45 مليار دولار في 2025 متراجعاً من 25.20 مليار دولار للعام الجاري، بينما يتوقع أن يصل العجز المالي إلى 3.18 مليار دولار العام المقبل.
بحسب مشروع قانون الموزانة تتوقع الحكومة التونسية أن يهبط الدين العام في 2025 إلى 80.5% من الناتج المحلي الإجمالي من 82.2% في 2024.
كما تتوقع الحكومة في تونس رفع النمو الاقتصادي إلى 3.2% في 2025 مقابل 2.1% متوقعة في 2024، بينما تسعى إلى خفض العجز إلى 5.5% في 2025 من 6.3% متوقعة في 2024.
أظهر مشروع قانون موازنة الحكومة التونسية، الذي نشر اليوم الاثنين، على موقع وزارة المالية، أن الحكومة التونسية تهدف إلى خفض فاتورة الأجور إلى 13.3% من الناتج الاجمالي الإجمالي في 2025 من 13.6% هذا العام.
بينما أظهر مشروع قانون الموازنة في تونس أن الحكومة سترفع الضرائب على الموظفين أصحاب الدخل المتوسط والعالي وعلى الشركات، وستخفض الحكومة الضرائب على أصحاب الدخل الضعيف.
وفقاً لمشروع الموزانة، وحين تعتزم الحكومة خفض الضريبة على أصحاب الدخل المحدود، فإنها سترفعها تدريجياً لمن يتجاوز راتبه الشهري 30 ألف دينار سنوياً (9733.94 دولار).
فيما يتعلق بالضريبة على من يبلغ دخله السنوي 50 ألف دينار (16183 دولارا) أو أكثر فسترتفع من 35% حالياً إلى 40% عام 2025.
تعتزم الحكومة زيادة الضريبة على الشركات التي يبلغ حجم أعمالها 20 مليون دينار (6.5 مليون دولار) من 15% حاليا إلى 25% العام المقبل.
وبحسب مشروع قانون الموازنة ستكون البنوك وشركات التأمينات مطالبة بدفع ضريبة على الأرباح تبلغ 40% بشكل دائم.
تعتزم الحكومة خفض الضريبة على أصحاب الدخل المحدود، مع رفعها تدريجياً على من يتجاوز راتبه الشهري 30 ألف دينار
مشروع قانون الموازنة
رغم أن الحكومة التونسية لم تنجح في عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي، لكنها حصلت في المقابل، على قروض جديدة لمواجهة تفاقم عجز الميزانية الذي فاق عام 2023 ما نسبته 7%.
أسفرت الحصيلة بين يوليو 2023 ويوليو 2024 عن الحصول على قروض بـنحو 3.2 مليار دولار من العديد من الدول والمؤسسات المالية الدولية.
وحسب ما نُشر في جريدة الرائد الرسمي التونسية خلال سنتين، تحصلت تونس من المؤسسات المالية الدولية والإفريقية والعربية والآسيوية على 1.620 مليار دولار خلال تلك الفترة.
بينما حصلت البلاد على قروض من أوروبا، في حدود 1.58 مليار دولار، أبرزها ما يناهز 810.5 مليون يورو خلال السنتين الأخيريتين، من البنك الأوروبي للاستثمار.