في خطوة مفاجئة وصادمة للوسط الإعلامي، أقدمت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إنهاء اتفاقية المنحة المخصصة لـ«شبكة الشرق الأوسط للإرسال» (MBN)، والتي تُموَّلها الوكالة الأميركية للإعلام الدولي (USAGM)، ما يهدّد بإغلاق وشيك لـ«قناة الحرة» والمواقع الإلكترونية والمنصات الأخرى التابعة للشبكة.
تبلغ إيرادات الشبكة بحسب ميزانية عام 2025، نحو 107 ملايين دولار، وهي عبارة عن منحة حكومية. وقد أُبلغت إدارة الشبكة بحسب ما قاله رئيسها التنفيذي جيفري غدمن لـ«إرم بزنس»، بقرار «إنهاء المنحة المقدمة لها»، موضحاً أن هذا القرار «جاء من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وليس من الكونغرس».
أضاف غدمن في تصريحات مكتوبة ردّاً على أسئلة «إرم بزنس»، أن السبب المعلن هو تقليص التكاليف، بينما يرجع السبب غير المعلن إلى توجه إدارة ترامب نحو التركيز على الشؤون الداخلية للولايات المتحدة. وقال: «لا نعتبر القرار نهائياً بعد، ونسعى إلى تدخل القضاء الأميركي والكونغرس لإنصافنا».
نظراً لأن ميزانيتها تأتي من أموال دافعي الضرائب، غالباً ما تخضع الشبكة، وتحديداً قناة الحرة، للتدقيق من قبل الكونغرس وجهات أميركية مختلفة بشأن سياستها التحريرية، وما إذا كانت تعكس توجهات السياسة الخارجية الأميركية، لا سيما في القضايا التي تتعلق بالشرق الأوسط وإيران. وفي هذا السياق، ذكرت «اللجنة المعنية بدقة التقارير والتحليلات حول الشرق الأوسط» (CAMERA) في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني الشهر الماضي، أنها حدّدت ما لا يقل عن 18 حالة قدّمت فيها الشبكة «إرهابيين» أو «داعمين للإرهاب» على أنهم «محللون محايدون»، وهو ما استدعى «تغييراً جذرياً في قيادتها واتجاهها»، بحسب تقرير لمجلة «ناشيونال ريفيو» الأميركية.
هذا التغيير الذي حمله معه الرئيس التنفيذي الجديد الذي عُيّن في الصيف الماضي، ترافق مع استمرار ضغوط عصر النفقات، حيث جرى تخفيض ميزانية «شبكة الشرق الأوسط للإرسال» من 130 مليون دولار في 2022، إلى 127 مليوناً في 2023 ثم إلى 100 مليون دولار في العام الماضي، بحسب أرقام «بروبابليكا» (ProPublica) الأميركية وموقع (USAGM).
بعد إبلاغ الموظفين يوم الأحد الماضي بوقف التمويل، عادت الشبكة وأرسلت إلى موظفيها رسالة بالبريد الإلكتروني، تجيب عن عدد من الأسئلة الشائعة حول الإجازات المؤقتة غير المدفوعة التي سيبدأ العمل بها يوم الأحد الموافق في 23 مارس الجاري، والتي ستكون لمدة أسبوعين قابلة للتمديد.
وبحسب هذه الرسالة التي اطلع عليها موقع «إرم بزنس»، فإن هذه الإجازات القسرية هي «إجراء احترازي»، لن يُسمح للموظفين المشمولين به بالعمل أو بدخول مقرات الشبكة. كما سيتم تعليق حساباتهم الوظيفية، مع استمرار تغطيتهم بالتأمين الصحي وإمكانية التقدم لإعانات البطالة في ولاية فرجينيا. في الوقت ذاته، سيُطلب من بعض الموظفين مواصلة العمل لضمان استمرارية العمليات الأساسية.
قال غدمن لـ«إرم بزنس» إن هناك محاولات جارية لضمان استمرار العمليات وكذلك حقوق الموظفين بأسلوب أخلاقي ومسؤول. وأضاف: «الوضع الحالي غير مستقر، وهو أمر غير عادل لموظفي (قناة الحرة) الذين عملوا بإخلاص».
كذلك، حذّر غدمن من أن إغلاق القناة سيشكل «خسارة كبيرة» للجمهور، وللمصالح، وللقيم الأميركية، مضيفاً أنه «في المقابل، يرحب منافسونا بهذا القرار، لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بسيادة القانون وحقوق الإنسان.. لا يمكن للولايات المتحدة أن تتراجع، بينما تتقدم الأنظمة غير الديمقراطية».
أبلغت الشبكة موظفيها في رسالتها الإلكترونية بأنها ستطلق موقعاً إلكترونياً مخصصاً للاطلاع على آخر المستجدات في هذا الشأن، فيما كشفت بعض التسريبات عن أن الإدارة أمهلت بعض موظفيها ممن لا يحملون البطاقة الخضراء أو «الغرين كارد» الأميركي، 30 يوماً لمغادرة البلاد.
يُذكر أن الشبكة كانت قد نفّذت في سبتمبر الماضي أكبر عملية تسريح جماعي للموظفين منذ نشأتها في 2004، عندما أنهت خدمات 21% من مواردها البشرية أو 160 موظفاً (غالبيتهم في مقرها بولاية فيرجينيا وبمكاتبها في مدينة دبي)، حيث أعلنت حينها عن خطة لتقليص مصاريفها بواقع 20 مليون دولار، بحسب ما صرّح به وقتها الرئيس التنفيذي للشبكة، جيفري غدمن.