logo
اقتصاد

هل يخفف أول تشريع للاجئين في مصر الضغط على الاقتصاد؟

هل يخفف أول تشريع للاجئين في مصر الضغط على الاقتصاد؟
بائع شراب سوري، مرتدياً الزي التقليدي، في منطقة سوق خان الخليلي في القاهرة، في 29 أغسطس/آب 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:6 ديسمبر 2024, 02:43 م

في أواخر 2012، غادر رجل الأعمال السوري المهندس الستيني خلدون الموقّع بلاده إلى القاهرة، تاركا خلفه شركات في التجارة والإنشاءات مع تصاعد التوترات السياسية في بلاده وظروف لا تناسب عائلته، وبعد عام من رحيله من سوريا ضخ استثمارات في مصر، وترأس في يونيو من ذلك العام تجمع رجال الأعمال السوريين لتنظيم استثماراتهم في البلد الذي شهد خلال الآونة الأخيرة تحركات واسعة لتقنين أوضاع اللاجئين.

وفي 20 نوفمبر الماضي، أقر البرلمان المصري قانونا جديدا للاجئين على أمل سد فجوة ضخمة بين تقديرات مفوضية شؤون اللاجئين وحكومة البلاد لأعدادهم، في ظل تكلفة اقتصادية للاستضافة تتضاعف.

يقول رئيس مجلس الأعمال السوري المصري خلدون الموقّع، في حديث لـ«إرم بزنس»، إن استثماراته بمجالي التجارة والمواد الغذائية في مصر تنامت، مضيفاً أن الاستثمارات السورية لم تحصل على أي معاملة استثنائية أو مزايا، وكانت مثل نظيرتها المصرية، ونجحت مع احتضان الشعب المصري لها.

أخبار ذات صلة

أين تذهب أموال مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 2024؟

أين تذهب أموال مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في 2024؟

قنوات اتصال جديدة

عن التشريع الجديد للاجئين، أوضح الموقّع: «لا تغيير كبير عن الوضع السابق إنما هو تقنين سنتكيّف معه، ونتطلع لمقاربة تأخذ الظروف الاستثنائية التي أدت إلى قدوم السوريين بعين الاعتبار، وتقنين أوضاعهم كي لا يكونوا عبئا على الاقتصاد والمجتمع المصري».

ويأمل فتح قنوات اتصال أعلى بين المستثمرين السوريين وصاحب القرار الاقتصادي، فضلاً عن منح الشباب السوريين بعد تطبيق القانون حق العمل في المشاريع السورية القائمة؛ مما يقنن وجودهم بمصر، ويدعمون بعملهم اقتصاد مصر.

وبينما يقر خبير دراسات الهجرة وشؤون اللاجئين في مركز دراسات الهجرة بالجامعة الأميركية في القاهرة، أيمن زهري، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن وجود اللاجئين سبّب تأثيراً سلبي على بعض الفئات كرفع قيمة إيجارات الوحدات السكنية على المستأجرين، مستدركاً: «لكن كان له تأثير إيجابي على الملاك».

ويوضح زهري أن التأثير الإيجابي له وجهان، الأول: عودة إدارة شؤون اللاجئين للحكومة لأول مرة، وليست للمفوضية الدولية كما كان سابقا باعتباره حقاً سيادياً، والثاني: منح اللاجئ مزايا عديدة في إمكانية العمل والاهتمام بكامل الخدمات وتأسيس الشركات دون رسوم أو ضرائب إضافية، والحصول على الجنسية، بحسب زهري.

ويشير «خلدون الموقع» إلى أن عدد المستثمرين السوريين الذي يقدر بـ40 ألف مستثمر هم أحد أبرز مكونات أعداد السوريين الذين قدموا عقب التوترات ببلادهم في 2011، ويقدرون بنحو 1.5 مليون نسمة، بحسب تقدير المنظمة الدولية للهجرة، وينتظرون كجنسيات أخرى، تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على أول تشريع للاجئين.

وفي أحاديث لـ«إرم بزنس»، مع معنيين، تذهب تقديرات اقتصادية إلى أن «أعداد اللاجئين المتزايدة دون إضافة قوية للاقتصاد تمثل عبئاً وتهديداً كبيراً له»، وسط توقعات نيابية معنية بشؤون اللاجئين أن يكون تشريع اللجوء بداية لزيادة دعم المجتمع الدولي للقاهرة؛ مما يخفف الأعباء المتزايدة على الاقتصاد في ظل أزمة عالمية.

أخبار ذات صلة

مصر.. تراجع عجز الموازنة إلى 2.65% مع قفزة تاريخية بإيرادات الضرائب

مصر.. تراجع عجز الموازنة إلى 2.65% مع قفزة تاريخية بإيرادات الضرائب

 عبء اقتصادي ضخم

يوجد 9 ملايين مهاجر ولاجئ يعيشون في مصر من نحو 133 دولة، يمثلون 8.7% من حجم سكان مصر، وفق بيان لمجلس الوزراء، عقب اجتماع ترأسه رئيس الحكومة مصطفى مدبولي في يناير 2024، بشأن «بحث تكلفة استضافة تلك الأعداد»، وبعد نحو 3 أشهر، أعلن المسؤول المصري على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض بأن التكلفة «تتخطى 10 مليارات دولار سنوياً تتحملها الحكومة رغم الأزمة الاقتصادية».

حينها أوضح متحدث الحكومة المصرية، المستشار محمد الحمصاني، في تصريحات متلفزة، أن «رقم العدد والتكلفة سيُسْتَخْدَم في التواصل مع الجهات الدولية المانحة والشركاء الدوليين لإطلاعهم على الأعباء التي تتحملها مصر في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، وأهمية أن يساهموا في تحمل جزء منها لدعم مصر في مواجهة تلك الأعباء».

ذلك الرقم الضخم، كان حاضرا بعد 5 أشهر من التدقيق، خلال النظر في مشروع قانون اللجوء، وأوضح النائب فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، في 17 نوفمبر الجاري، أنه «بحسبة بسيطة، فإن الـ9 ملايين الذين يمثلون 8% من السكان يستفيدون بما يزيد على 300 مليار جنيه، وبما يوازي 6 مليارات دولار في السنة الواحدة بسعر الصرف المتاح حالياً من خدمات تقدمها الموازنة العامة للدولة المقدرة هذا العام بنحو 3.9 تريليون جنيه (نحو 80 مليار دولار)».

تلك الأرقام الضخمة التي صاحبت التشريع الذي وافق عليه مجلس النواب في 19 نوفمبر الماضي، تدعمها دراسة لمنظمة الهجرة الدولية في أغسطس 2022 تقول إن المهاجرين في مصر من 133 دولة من مناطق العالم المختلفة.

وبحسب الدراسة، فإن مجموعات كُبرى مثل المهاجرين السودانيين، والذين يبلغ عددهم 4 ملايين والسوريون 1.5 مليون واليمنيين والليبيون مليوني لاجئ ومهاجر، يشكلون 80% من المهاجرين المقيمين حالياً في البلاد، بينما يشكل السوريون 17% من أعداد المهاجرين في مصر، ويعتبرون من أبرز الجنسيات التي تساهم بشكل إيجابي في سوق العمل والاقتصاد بمصر.

منافع متبادلة

بالعودة إلى التأثيرات الاقتصادية للسوريين، في ضوء تلك التقديرات الدولية واعتبارهم من أبرز جنسيات اللاجئين التي تواجه انتقادات بمنصات التواصل، يقول خلدون الموقّع، في حديث لـ«إرم بزنس»، إن «أموال السوريين في مصر كاستثمارات صناعية وخدمية وإيداعات وكاش وعقارات وأصول ثابتة حسب تقرير للأمم المتحدة تبلغ نحو 23 مليار دولار، ويتراوح عدد مصانعهم ما بين 8 إلى 10 آلاف مصنع تضخ نحو 120 مليون وحدة إنتاجية شهرياً في السوق المصرية».

وأضاف أن ذلك يدعم حاجة السوق المحلي، ويعفي الاقتصاد المصري من تداعيات استيراد بدائل مماثلة بالعملة الصعبة، مما يؤكد إيجابية وجودهم على الصعيد الاقتصادي والتنموي والاجتماعي بما توفره استثماراتهم من فرص عمل لعدد كبير من الشباب المصري.

ولا ينزعج «الموقّع» مما يصدر ببعض المنصات تجاه استثمارات السوريين «المنتشرة والناجحة»، معتقداً أن «هذا أمر يظهر أن بيئة الاستثمار في مصر بيئة إيجابية ومجدية، في ظل أن المستثمرين السوريين يضخون أرباحهم داخل مصر، وتختص بعض مشاريعهم بالمأكولات السورية، ولا تشكل حالة تنافسية مع نظيرتها المصرية؛ مما يصب في دعم التنمية الاقتصادية بعكس سلاسل المطاعم العالمية التي يلتزم مستثمروها بتحويل جزء من أرباحها للشركات الأم بالخارج بالعملة الصعبة».

استيعاب للوافدين

من وجهة نظر مصرية، يرى رئيس مجلس الأعمال المصري السوداني، وعضو البرلمان شريف الجبلي، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن مصر ترحب بأي نشاط اقتصادي يقام على أراضيها، سواء يقيمه السوريون أو السودانيون أو غيرهم طالما سيحقق تنمية اقتصادية.

وأضاف أن «القانون الجديد صدر لتنظيم أوضاع اللاجئين بشكل إيجابي وحضاري، وسيمكن مصر لأول مرة من إعداد إحصائية دقيقة شاملة بأعدادهم والكلفة الاقتصادية الهائلة التي يتحملها الاقتصاد المصري».

ويتوقع الجبلي أن يدعم المجتمع الدولي مصر اقتصاديا باستثمارات جديدة لتخفيف عبء تلك الكلفة الكبيرة كما يفعل مع كثير من الدول التي تستضيف لاجئين بما يتناسب مع ما تتحمله مصر من أعباء لتوفير حياة كريمة للوافدين إليها، وبشكل غير موجود في دول أخرى.

تخفيف أعباء

قالت مدير المركز الدولي للاستشارات ودراسات الجدوى الاقتصادية، الدكتورة هدى الملاح، في حديث لـ«إرم بزنس»، إن أعداد اللاجئين الكبيرة تعد عبئاً اقتصادياً كبيراً وتقاسماً لأرزاق المواطنين، ومهما تتحصل القاهرة من دعم أو مستحقات إقامة لا تقارن نهائياً بالأعباء الملقاة على عاتقها، والتي هي في غنى عنها في ظل أزمة اقتصادية عالمية.

أضافت: «مهما قدموا من عملة صعبة، فإن قيمة استهلاكهم للخدمات والسلع والطلب على العقارات ومشاركتهم فيها للمصريين أكبر من قيمة الإقامة، ولا يقدمون إضافة للاقتصاد».

وأوضحت: «تسبَّب اللاجئون السودانيون في رفع أسعار تأجير الوحدات السكنية شهرياً في مناطق بمحافظة الجيزة من 1500 جنيه شهرياً (50 دولاراً)، إلى سبعة آلاف دولار (140 دولاراً)».

ودعت الملاح المجتمع الدولي لتقديم تعويض مناسب لمصر على استضافتها للاجئين، وتحمل اقتصادها هذا العبء الكبير الذي لن يخفف ضغوطه سوى ضخ حصص مالية سنوية تتناسب مع أرقام اللاجئين التي سترصدها اللجنة المصرية بعد تنفيذ التشريع. 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC