قال رئيس هيئة الاستثمار في إقليم كردستان العراق، محمد شكري سعيد، إن الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة قد تؤثر على صادرات الإقليم إلى السوق الأميركي، خصوصاً المنتجات الزراعية والغذائية.
وأوضح في حديث خاص لـ«إرم بزنس»، أن هذه التعريفات تشكّل تحدياً جديداً، لكنها في الوقت ذاته فتحت المجال للنظر في تنويع الأسواق، وخاصة باتجاه دول الخليج والشرق الأوسط.
وأشار شكري إلى أن «أغلب الصادرات الصناعية والزراعية من كردستان تُوجّه اليوم نحو الأسواق الإقليمية القريبة، وهناك بدائل متاحة، خاصة مع الدول التي لا تفرض تعريفات مرتفعة»، لكنه شدّد في الوقت ذاته على أهمية السوق الأميركي، ووجود رغبة في التوصل إلى حلول دبلوماسية واقتصادية تسمح باستمرار التصدير دون عراقيل تجارية.
في سياق متصل، كشف رئيس هيئة الاستثمار عن محادثات متقدمة مع شركة «دي بي وورلد» (DP World) الإماراتية، بهدف إنشاء موانئ جافة في كردستان، إضافة إلى مناطق اقتصادية حرة قيد الدراسة. وأكد أن «النقاشات جارية وهناك تقارب في وجهات النظر، ونتوقع أن تُثمر عن اتفاقيات فعلية في المستقبل القريب».
وأضاف أن هذه المشاريع من شأنها أن ترفع من قدرة الإقليم اللوجستية، وتمنحه دوراً إقليمياً في حركة البضائع بين تركيا وإيران وسوريا، ما يدعم البيئة الاستثمارية، ويوفّر بوابات تصدير أوسع للمنتجات المحلية.
في ما يخص أولويات الاستثمار، أوضح شكري أن إقليم كردستان وضع القطاع الزراعي في مقدمة القطاعات المستهدفة. وقال: «لدينا إمكانيات كبيرة غير مستغلة بعد. الإقليم يتمتع بخصائص مناخية وجغرافية مثالية، ونمتلك وفرة من المياه والأراضي الصالحة».
وتابع: «هناك شركات أجنبية تعمل حالياً في زراعة البطاطا، والخضروات، والفواكه، بالإضافة إلى إنتاج زيت الزيتون»، مشيراً إلى مشاريع جديدة أُطلقت بالشراكة مع مستثمرين إماراتيين بقيمة تتجاوز قيمتها 150 مليون دولار.
إلى جانب الزراعة، تسعى الهيئة إلى تعزيز القطاع الصناعي، وتركّز خططها الحالية على بناء 16 منطقة صناعية موزعة على مدن ومحافظات الإقليم، وفق اختصاص كل منطقة ومواردها المتاحة. «ننتج اليوم أكثر من 4 ملايين طن من الحديد سنوياً، إلى جانب الإسمنت والنحاس، وهذه المواد تفتح المجال لتصنيع محلي متكامل»، قال شكري.
وفي القطاع التكنولوجي، بدأ كردستان فعلياً بتجميع هواتف ذكية من طراز «إنفينيكس» بشراكة مع شركات صينية، وهناك مفاوضات لتوسيع خطوط الإنتاج، وتشمل تجميع السيارات الكهربائية، وهو ما وصفه شكري بأنه «نقلة نوعية» باتجاه اقتصاد صناعي متقدم.
رئيس الهيئة أوضح أن قانون الاستثمار في الإقليم، رقم 4 لعام 2006، يمنح المستثمر الأجنبي امتيازات كبيرة، منها التملك الكامل للمشروع، وتحويل الأرباح بنسبة 100% إلى الخارج، وإعفاءات ضريبية وجمركية طويلة الأجل.
وأشار إلى أن القانون لا يفرض أي شراكات محلية، ويمنح المستثمر خدمات البنية التحتية – من كهرباء ومياه وطرق – حتى باب المشروع، وهو ما يُعد من أبرز عناصر الجذب.
بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية في إقليم كردستان، بحسب شكري، حوالي 20 مليار دولار خلال السنوات الماضية، تتوزع على قطاعات متنوعة تشمل الاتصالات، الزراعة، إعادة التدوير، والصناعة. وقال: «لدينا شراكات مع مستثمرين من السعودية والإمارات في أكثر من مشروع، وبعضها دخل مرحلة التشغيل الفعلي».
رغم التوترات الأمنية في العراق والمنطقة، أكّد شكري أن إقليم كردستان يُصنَّف كمنطقة أكثر استقراراً، وهو ما انعكس إيجاباً على استقطاب المستثمرين. وأضاف: «الاستقرار عامل مهم في القرار الاستثماري، وقد استفدنا من هذه السمعة خلال السنوات الماضية، ونسعى اليوم لتوسيع هذه الفرص بشكل أكثر تنظيماً».
وعن توازن مصالح المستثمر والمجتمع المحلي، قال شكري إن القانون يفرض على المستثمرين توظيف 75% من القوى العاملة من سكان الإقليم، ويسمح فقط بـ25% من الكوادر الأجنبية. كما يتم تشجيع تشغيل الخريجين والمهنيين المحليين ضمن المشاريع الاستثمارية، ما يساهم في خفض معدلات البطالة.
وفي رده على سؤال حول فرص الإقليم في المساهمة بإعادة إعمار سوريا، قال رئيس الهيئة إن كردستان يمتلك القدرة اللوجستية والإنتاجية لتوريد كميات كبيرة من الحديد، والصلب، ومواد البناء. وأضاف: «لدينا طريق مفتوح تجارياً مع سوريا، ولدينا فائض إنتاجي يمكنه تغطية جزء كبير من احتياجات مرحلة إعادة الإعمار بكلفة منافسة».