logo
اقتصاد

ماكرون في المغرب.. شراكة اقتصادية واعدة وآفاق جديدة للاستثمار

ماكرون في المغرب.. شراكة اقتصادية واعدة وآفاق جديدة للاستثمار
الملك المغربي محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائهما في القصر الملكي بالعاصمة الرباط في 28 أكتوبر 2024.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:29 أكتوبر 2024, 06:17 م

زيارة مهمة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، تعد الأولى له منذ 6 سنوات، في مسعى لدفع العلاقات بين باريس والرباط نحو مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي وفتح آفاق جديدة للاستثمار، بعد خلافات دامت عدة سنوات وانتهت الصيف الماضي بتأييد سيادة الرباط على الصحراء المغربية.

وخلال جلسة مباحثات برئاسة ملك المغرب محمد السادس وماكرون في الرباط، الاثنين، تم إبرام عقود واتفاقيات استثمار بقيمة تناهز 10 مليارات يورو، في خطوة لطي صفحة التوتر بين البلدين وتعميق الشراكة والتعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة المتجددة والطيران والنقل. كما وقع الجانبان إعلاناً مشتركاً لإرساء «شراكة وطيدة استثنائية»، تؤكد على مبادئ المساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

وعن أهمية الزيارة وتوقيتها، يقول الخبير الاقتصادي المغربي محمد الجدري في حديث مع «إرم بزنس»، إن العلاقات الاقتصادية بين البلدين رغم أنها مرّت بمرحلة صعبة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وشهدت تغيّرات في ترتيب الشركاء العالميين للمملكة، لكنها لم تتأثر بشكل كبير، ولا يزال التعاون بين البلدين قوياً.

الجدري أوضح أن الجزء الأكبر من التبادل التجاري بين البلدين لا يزال منحصراً في القطاعات التقليدية التي تتمتع ببنية أساسية قوية، ولا تزال فرنسا تحافظ على وجود قوي في المغرب، ولا يمكن إغفال التاريخ الاقتصادي العريق بين البلدين، والتعاون الوثيق في مجال التعليم والثقافة.

الاتفاقيات الجديدة، التي تم توقيعها بين البلدين، وفق الخبير الاقتصادي، ستكون حجر أساس للعلاقات الاقتصادية مستقبلاً، وستكون فرصة لفرنسا للاستثمار في مختلف القطاعات الواعدة في المغرب، وخاصة في مجالات الطاقة والنقل، وتأكيد دعم المغرب في عملية التحول الاقتصادي والتحول الطاقي.

ويرى أن الاتفاقيات الجديدة ستفتح آفاقاً جديدة للعلاقات بين البلدين، وستتيح فرصة لفرنسا لاستعادة مكانتها الاقتصادية في المغرب، والتنافس مع الشركاء العالميين، وتطوير مناطق جديدة للاستثمار، وخاصة في قطاعات التكنولوجيا والابتكار.

وأكد أهمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وضرورة العمل على تعزيزها وتطويرها، وأنه يعتقد أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين ستشهد نموًا مُلفتاً في السنوات القادمة، وسيكون لها أثر إيجابي على النمو الاقتصادي في كلا البلدين.

وتعد فرنسا الشريك التجاري الأول للمغرب عالمياً والمستثمر الأجنبي الأكبر في البلاد، كما تمكنت الرباط من توسيع استثماراتها خلال السنوات الأخيرة لتصبح  أكبر مستثمر أفريقي في فرنسا.

أخبار ذات صلة

ماكرون: المغرب شريك أساسي في تأمين الطاقة المتجددة لأوروبا

ماكرون: المغرب شريك أساسي في تأمين الطاقة المتجددة لأوروبا

مرحلة جديدة من الشراكة

بحسب الباحث الاقتصادي في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بدر الزاهر، فإن العلاقات المغربية الفرنسية شهدت في الآونة الأخيرة تحولات جذرية على جميع المستويات، لا سيما المستوى الاقتصادي والسياسي، ودخل التعاون بين البلدين مرحلة جديدة من الشراكة مبنية على احترام السيادة المغربية ووضع قواعد جديدة للتعاون الاقتصادي.

وفي حديث لـ«إرم بزنس»، أكد الزاهر أن العلاقات المغربية الفرنسية تعيش في الوقت الحالي مرحلة جديدة تختلف عن الماضي، وذلك بسبب التغيرات السياسية التي شهدها البلدان، وتطور الوعي الوطني في المغرب، وتأكيد فرنسا على مبدأ احترام السيادة المغربية والاستراتيجيات الاقتصادية والتنموية.

وأوضح الباحث الاقتصادي أن الخطوات التي أخذتها فرنسا في السنوات الأخيرة كانت حاسمة في إنهاء الخلاف بينهما الذي طرأ على العلاقات منذ نحو 3 سنوات لتأخر فرنسا في الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية.

تأسيس قواعد جديدة للشراكة الاقتصادية بين البلدين، وفق الزاهر، سيسهم في تطوير العلاقات الاقتصادية وتحويلها من العلاقات التقليدية التي كانت تعتمد على مبدأ التبعية إلى علاقات جديدة مبنية على الشراكة والاحترام المتبادل.

تحول كبير بالعلاقات

تستعد العلاقات الاقتصادية بين البلدين للدخول في مرحلة جديدة ستكون لها آثار إيجابية على النمو الاقتصادي والتنمية في كلا البلدين، وسيكون لها أثر مباشر على تحسين مستوى العيش والرفاه للشعوب، وفق الزاهر.

وأوضح أن المغرب خلال السنوات الماضية شهد تحولاً اقتصادياً كبيراً وتوجهاً نحو قطاعات جديدة ومُبتكرة، وأن فرنسا تُعد شريكاً استراتيجياً للمغرب في هذه المرحلة، وتتمتع بمكانة مهمة في دعم المغرب في مسيرته الاقتصادية والتنموية.

فرص واعدة

الزاهر أشار إلى أن التعاون بين البلدين يمتد إلى مجالات عديدة، من بينها فرص واعدة للاستثمار في المغرب الذي يعمل على تنويع شركائه الاقتصاديين، وتطوير اقتصاده، وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجهه.

وتُشكل الفرص الواعدة للاستثمار في المغرب عامل جذب لفرنسا، وستُساهم في زيادة التبادل التجاري بين البلدين، وتعزيز الشراكة الاقتصادية والاستراتيجية بين البلدين، وفتح أبواب جديدة للتعاون في المستقبل، وفق الزاهر.

ونوه إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تستعد للدخول في مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية، وستكون لها آثار إيجابية على النمو الاقتصادي والتنمية في كلا البلدين.

وشدد الباحث الاقتصادي على أن فرنسا بحاجة إلى المغرب في مجال الطاقة المتجددة، مشيراً إلى أن المملكة تقدم عروضاً جذابة على مستوى الهيدروجين الأخضر والطاقة الكهرومائية، ووصف هذه الشراكة بأنها "فرصة حقيقية لكلا الطرفين"، لافتا إلى أن فرنسا تضمن من خلالها استدامة التزويد بالطاقة المتجددة والحصول على الطاقة بتكلفة منخفضة، فيما تتمكن المغرب من تلبية احتياجاتها الداخلية وتطوير قطاع الطاقة لديها.

وذكر الزاهر أن المغرب تستطيع توفير التكنولوجيا ورأس المال اللازم لتطوير قطاع الطاقة في فرنسا، معتبراً أن «هذه الشراكة مفيدة لكلا البلدين».

الاستثمارات الأجنبية

بدوره، يرى المحلل الفرنسي بيير لويس ريموند أن باريس ما زالت تتصدر قائمة المستثمرين الأجانب في المغرب، إذ تبلغ قيمة المبادلات التجارية بين البلدين نحو 14 مليار يورو، إضافة إلى الاستثمارات الجديدة التي تم توقيعها خلال زيارة الرئيس الفرنسي بـ10 مليارات يورو.

ويؤكد ريموند في حديث لـ«إرم بزنس» أن الشراكة الاقتصادية بين البلدين ليست جديدة، بل هي جزء من سلسلة استثمارات طويلة في القطاعات التي تحتاجها المجتمعات الحديثة، مثل الطيران، والسيارات، والطاقة المتجددة. وتبرز مشاريع الطاقة الخالية من الكربون، وخصوصاً الهيدروجين الأخضر الذي أصبح المغرب رائداً فيه على مستوى أفريقيا، إلى جانب استثمارات واسعة في الطاقة الشمسية والرياح.

وتميل كفة التبادل التجاري بين الطرفين لصالح المغرب، حيث حققت صادرات المغرب إلى فرنسا خلال 2023 نمواً بنسبة 8.6% لتصل إلى 8.8 مليار دولار في المقابل لم تتجاوز واردات المغرب من فرنسا نحو 7.6 مليار دولار بعد أن تراجعت بنسبة 3.1% مقارنة بمستويات 2022.

تعاون استراتيجي طويل الأمد

وبحسب المحلل الفرنسي تأتي زيارة ماكرون الأخيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي ولتصفية الخلافات الدبلوماسية بين البلدين، ومنها دعم فرنسا لملف الصحراء المغربية، لافتاً إلى أن الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء يعزز من فرص تنامي الشراكة، بعيداً عن أي تأثير للخلافات السياسية مع الجزائر.

ويشير إلى أن الاستثمارات المغربية في فرنسا أيضاً شهدت نمواً ملحوظاً، حيث ارتفعت من 372 مليون يورو في 2015 إلى 1.8 مليار يورو في 2022، ما يؤكد على أهمية الشراكة بين البلدين في دعم مؤشرات الاقتصاد ليس فقط في المغرب، بل في أفريقيا عموماً.

1300 شركة فرنسية

وتعمل 1300 شركة فرنسية في المغرب، كثير منها مدرج في سوق باريس للأسهم، وتعد إحدى دعائم النمو الاقتصادي للمغرب، مما يسهم في تعزيز الاستقرار والنمو المستدام، وفق ريموند، الذي يرى أن العلاقة الاقتصادية بين البلدين تتجه نحو تنامٍ أكبر، مؤكداً على فصل المسار الاقتصادي عن الخلافات السياسية، خاصة بعد الموقف الفرنسي الرسمي الداعم لسيادة المغرب.

ويعتقد المحلل الفرنسي أن هذه الشراكة ستواصل التوسع استناداً إلى الاتفاقيات الأخيرة بين الطرفين، ما يدعم التوجه نحو تعاون استراتيجي مستدام يعزز من فرص التنمية والنمو لكلا البلدين.

22 اتفاقية جديدة

من جانبه، أكد المحلل الاقتصادي المغربي إدريس العيساوي، في حديث مع «إرم بزنس»، أن زيارة ماكرون إلى المغرب تعد نقطة تحول تاريخية في العلاقات، حيث تمثل فرصة كبيرة لدعم اقتصاد البلدين من خلال توقيع 22 اتفاقية تشمل مجالات حيوية، مثل صناعة الطائرات، والهيدروجين الأخضر، والقطارات فائقة السرعة.

ووصف المحلل الاقتصادي هذه الاتفاقات بأنها شراكة اقتصادية مربحة للطرفين، مشيراً إلى أن فرنسا في حاجة متزايدة للطاقة النظيفة، بينما يحتاج المغرب إلى الدعم في مجالات النقل وصناعة الطائرات، مما يعزز من تكامل المصالح بين البلدين.

وتوقع العيساوي التنفيذ الفوري لهذه الشراكة، مؤكداً أنها ليست مجرد خطوة بروتوكولية، بل مرحلة جديدة تتسم بمكتسبات اقتصادية هائلة للطرفين، مما يجعل هذه الشراكة خطوة فعلية نحو دعم التنمية الاقتصادية المشتركة وتوسيع الأفق الصناعي والتقني لكلا البلدين.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC