في ظل الاضطراب السياسي المتزايد في فرنسا، يجد عالم الأعمال نفسه في حالة من القلق العميق. الأزمة الاقتصادية التي تتفاقم منذ أشهر أصبحت أكثر وضوحاً بعد قرار حلّ البرلمان، ما أدى إلى تصاعد التوترات السياسية وانعدام الثقة بين قطاع الأعمال والحكومة الفرنسية بحسب صحفية «لي زيكو» الفرنسية.
في أروقة المال والأعمال الباريسية، أصبح الحديث عن إيطاليا شائعاً. مجموعة من رجال الأعمال والمديرين التنفيذيين ينظرون إلى ما وراء جبال الألب، حيث تغريهم السياسة الضريبية الجذابة التي تقدمها الحكومة الإيطالية، بما في ذلك ضريبة ثابتة لا تتجاوز 200 ألف يورو سنوياً.
أحد المصرفيين الفرنسيين علّق قائلاً: «الجميع يتحدث عن إيطاليا كوجهة جذابة، وهذا ليس فقط لقضاء الإجازات».
منذ إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عن حل البرلمان في يونيو الماضي، تعيش الأوساط الاقتصادية في حالة من الصدمة. الزيادات الضريبية المقررة ضمن مشروع موازنة 2025، التي تقدر بمليارات اليوروهات، عمّقت هذا الإحباط.
يقول باتريك مارتن، رئيس اتحاد الشركات الفرنسية «ميديف»: «ما يحدث جنون مطلق. الرسائل التي أتلقاها من رجال الأعمال مليئة بالغضب».
ويبدو أن حالة الغضب لم تعد تقتصر على الضرائب. فحتى الدعوة التي وجهها ماكرون لأعضاء «أفيف»، التي تضم أكبر الشركات الفرنسية، لتناول الغداء في قصر الإليزيه نهاية أكتوبر، قوبلت بغياب ملحوظ لبعض المدعوين.
لم يعد ماكرون يحتفظ بثقة قطاع الأعمال. يقول أحد الشخصيات البارزة في المجال: «الغضب تجاه ماكرون تحول إلى كراهية، والجميع تخلّى عنه».
في خطوة صادمة، أشار المحلل السياسي ألان مينك إلى أن استقالة ماكرون أصبحت فكرة مطروحة على الطاولة، «لا يمكن إدارة البلاد لعامين ونصف إضافيين في ظل هذه الفوضى».
إلى جانب الأزمة السياسية، تواجه فرنسا أزمات اقتصادية كبرى تتعلق بارتفاع تكاليف الطاقة، وتراجع الاستثمارات الأجنبية، وزيادة القوانين المقيّدة. دراسة حديثة من شركة «إرنست ويونغ» كشفت أن نصف المستثمرين الأجانب قلصوا خططهم الاستثمارية في فرنسا.
في المقابل، تواصل الولايات المتحدة جذب الأنظار، إذ يرى العديد من رجال الأعمال في الاستقرار الاقتصادي وانخفاض أسعار الطاقة هناك فرصة ذهبية مقارنة بالمشهد الفرنسي.
بينما تستمر الأزمة السياسية في فرنسا بلا حلول واضحة، يتزايد القلق بين رجال الأعمال من أن البلاد قد تفقد قدرتها التنافسية أمام دول أكثر استقرارًا كإيطاليا والولايات المتحدة. وفي ظل هذه الأوضاع، يبدو أن قطاع الأعمال الفرنسي يستعد لمرحلة جديدة من التحديات، قد تعيد تشكيل خريطته الاقتصادية في المستقبل القريب.