logo
اقتصاد

بسبب التوترات الجيوسياسية والتضخم.. اقتصاد العالم في قبضة الإفلاس

بسبب التوترات الجيوسياسية والتضخم.. اقتصاد العالم في قبضة الإفلاس
واجهة مبنى يضم مكاتب وشركات متنوعةالمصدر: إرم بزنس
تاريخ النشر:25 ديسمبر 2024, 06:59 م

لا تزال المخاطر الجيوسياسية العالمية تُلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي، خاصة الحرب في أوكرانيا وكذلك الحرب المتشعبة في الشرق الأوسط والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بجانب سياسة البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لكبح ارتفاع معدلات التضخم.

وإلى جانب ذلك أيضا، يوجد الانتشار السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي، والتي دفعت العديد من الشركات الناشئة إلى إغلاق أبوابها لعدم تماشيها مع رقمنة الخدمات المقدمة.

هذه العوامل ساهمت بشكل أو بآخر في تحديد الأداء الاقتصادي، وعكست بدورها التحديات التي تعصف بالاستقرار الاقتصادي، وتزيد حدة الأزمات المالية التي أثقلت بدورها كاهل الشركات بالديون والاقتراضات، ودفعت بأغلب المتعثرين منها لإعلان إفلاسها.

منذ بداية 2024، تشهد أوروبا موجة من الإفلاس بين شركاتها لترتفع 8% خلال الربع الثاني من عام 2024، بما يعكس حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها القارة العجوز.

كشفت الأرقام الرسمية، أن حالات الإفلاس وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ 2015، بما يكشف عمق الأزمة التي تعصف بقطاعات حيوية في الاقتصاد الأوروبي.

أخبار ذات صلة

الإفلاس يلتهم 55 ألف شركة فرنسية في 2023

الإفلاس يلتهم 55 ألف شركة فرنسية في 2023

ألمانيا في وجه العاصفة من جديد

يخيم شبح الإفلاس على الشركات الألمانية التي سجلت نسبة هي الأكبر منذ عقدين بحسب البيانات الاقتصادية الصادرة عن مكتب الإحصاء الاتحادي، والتي أظهرت ارتفاعاً وصل إلى 22.9% في طلبات الإفلاس التي تقدمت بها الشركات في شهر نوفمبر من عام 2024، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وفي ظل عجز الحكومة الألمانية لإيجاد حلول للأزمة، كشف معهد «لايبنيتس» للأبحاث الاقتصادية، عن زيادة حادة في حالات الإفلاس وصلت إلى 1530 حالة مشيراً إلى أن 1400 منها أعلنت إفلاسها في شهر يوليو وحده، ومن المتوقع أن يصل كامل عدد الشركات المفلسة إلى 20 ألفاً حتى نهاية العام 2024.

عزا رئيس قسم أبحاث الإفلاس بالمعهد «شتيفن مولر» في تصريح مسبق، الارتفاع بحالات الإفلاس في ألمانيا، بالإضافة لتأثيرات تراكمية منذ جائحة كورونا، حيث دعمت الحكومة برامج المساعدات الحكومية حينها الشركات الضعيفة؛ مما أدى إلى تأجيل حالات الإفلاس، إلى وطأة الركود الاقتصادي المستمر والتوترات الجيوسياسية.

وأضاف مولر: «بالمقارنة مع متوسط عدد حالات الإفلاس في أكتوبر خلال الفترة من 2016 إلى 2019، أي قبل الجائحة، فإن حالات الإفلاس هذا العام تزيد بنسبة 66%، وهي الأعلى منذ عقدين بحسب وكالة الأنباء الألمانية».

ووفقاً للمعهد، فإن القطاعات الأكثر تضرراً طالت قطاع البناء والتجارة والخدمات القريبة من الأعمال التجارية. بالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة وتضرر الموظفين لتأثر نحو 11 ألف وظيفة بحالات الإفلاس خلال شهر أغسطس الماضي.

الإفلاس يعصف بشركات أوروبا

في بريطانيا وحدها أعلنت 47 ألف شركة إفلاسها، حيث زادت حالات إفلاس الشركات بنسبة 64% خلال أسبوع واحد مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، بحسب شبكة «بلومبرغ» الأميركية، التي أضافت أن 1022 شركة تقدمت بطلبات للإغلاق في الأسبوع المنتهي في 8 من نوفمبر الماضي، بزيادة قدرها 64% عن العام السابق، وفقاً للإخطارات المقدمة إلى الصحيفة الرسمية بالدولة.

لأول مرة منذ 15 عاماً، أعلنت 3300 شركة في النمسا عن إفلاسها في الأشهر الستة الأولى من عام 2024، لتشهد الدولة أكبر ارتفاع على أساس سنوي في تعثر الشركات عبر أوروبا بزيادة قدرها 90%. بحسب تقرير صادر عن وكالة التصنيف الائتماني «سكوب ريتينغز».

تلتها هولندا والسويد، حيث شهدتا ارتفاعاً في تعثر الشركات بنسبة 37% و34% على التوالي، في حين ازداد تعثر الشركات في فرنسا بواقع 18%، بحسب التقرير.

فيما أظهرت بيانات المكتب الأوروبي للإحصاءات «يوروستات»، الصادرة في أغسطس الماضي، ارتفاع عدد الشركات المفلسة بالاتحاد الأوروبي في الربع الثاني من 2024 بنسبة 3.1% مقابل الثلاثة أشهر السابقة.

وكان سيباستيان زانك، رئيس قسم ائتمان الشركات صرح حينها لموقع «ذا بانكر»، بأن مخاطر الائتمان لا تزال تتركز في القطاعات التي أظهرت انقسامات مرتفعة للغاية ومنافسة شرسة. 

اليابان تقع تحت وطأة الإفلاس

حالات الإفلاس لم تقف عند حدود أوروبا، بل وصلت إلى اليابان، رابع أكبر اقتصاد في العالم، البلد المعروف بالانضباط والعمل والذي يحاول الخروج من عقود من الانكماش والركود الاقتصادي، تأثر بالمنظومة الاقتصادية العالمية كونه جزءاً من منظومة عالمية تشترك في السياسات المالية والتكنولوجية، بحسب تقرير لوكالة «بلومبرغ» الأميركية.

ووصل مجموع الشركات التي أعلنت إفلاسها إلى 9461 ألفاً، مع توقعات بوصولها إلى 10 آلاف شركة تغلق أبوابها بنهاية 2024.

موجة الإفلاس تزامنت مع توجهات البنك المركزي برفع أسعار الفائدة ليواصل تطبيق سياساته النقدية مع شركائه حول العالم بهدف توفير تكاليف الاقتراض، ومن جهة أخرى أصبحت الشركات اليابانية غير قادرة على تكاليف المواد الأولوية بسب ارتفاع أسعارها وتباطؤ في وتيرة الاستهلاك اليومي لدى المواطن الياباني نتيجة لفقد ثقة المستهلك وضعف القدرة الشرائية.

ووفقاً لـ«بلومبرغ»، فإن المؤسسات التي لم تتأقلم مع التغييرات التكنولوجية ومنظومات السوق الجديدة التي تدخل فيها أدوات الذكاء الاصطناعي، تسببت في العديد من المشاكل الاقتصادية عند الشركات والخدمات والتكنولوجيا حول العالم، مسجلة ارتفاعاً من 9% لعام 2023 إلى 11% لعام 2024.

وبحسب محامين، لم يقتصر الإفلاس في اليابان على الشركات، وإنما طال الأفراد والأسر التي باتت تلجأ إلى الانتحار كوسيلة للهروب من الديون.

بلغت نسبة ديون الأسر مستوى قياسياً وصل إلى 122% في عام 2022، وفقاً لأحدث الأرقام التي جمعتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

الاقتصاد الأقوى عالمياً في قبضة الإفلاس 

وبالانتقال إلى أقوى اقتصاد عالمي، الولايات المتحدة الأميركية، فقد ارتفع عدد الشركات الناشئة التي أعلنت إفلاسها بنسبة 60% خلال العام الماضي، بحسب بيانات نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز» الأميركية، في 19 من أغسطس الماضي.

يعكس هذا الارتفاع عاملين مهمين يعدان من أسباب ارتفاع الإفلاس، الأول يتمثل في مدى تأثُّر الشركات الأميركية بسياسات التشديد النقدي، ومواجهتها لعقبات مالية في ظل الأوضاع الاقتصادية، إذ تتوجُّه رؤوس أموال الاستثمار الجريء إلى شركات الذكاء الاصطناعي؛ الأمر الذي يسبب فجوة تمويلية للشركات الناشئة بالقطاعات الأخرى، فبحسب الفايننشال تايمز حصلت شركات الذكاء الاصطناعي على معظم الاستثمارات الجريئة البالغة 55.6 مليار دولار بالربع الثاني من 2024.

والعامل الثاني يدور حول تأثُّر الشركات الناشئة بارتفاع أسعار الفائدة، والتي على إثرها أعلن بنك «سيليكون فالي»، إفلاسه، البنك الذي كان يوفر ديوناً ميسرة للشركات الناشئة حيث بلغ سعر الفائدة 5.50% ما يسهم بزيادة تكاليف الاقتراض للشركات، ويحد من السيولة المالية.

وبرؤية معمقة لما آلت إليه الأمور نرى أن استمرار إفلاس الشركات الناشئة على النهج الحالي، يرجَّح ارتفاع نسب البطالة؛ ما قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الأميركي، حيث تقدَّر القوى العاملة بالشركات الناشئة عند 4 ملايين موظف.

وأظهرت بيانات جديدة من وزارة العمل الأميركية، ارتفاعاً في إجمالي الطلبات المقدمة للحصول على الإعانات حتى 30 من نوفمبر وصل إلى نحو مليوني طلب، بزيادة قدرها 272 ألف طلب.

أخبار ذات صلة

البريد البريطاني يقترب من الإفلاس

البريد البريطاني يقترب من الإفلاس

 كندا تسجل 400 حالة إفلاس يومياً 

بالانتقال إلى كندا التي اعتبرت حالة خاصة، بتسجيلها لـ400 حالة إفلاس لأفراد وشركات بمعدل يومي في الربع الثاني من عام 2024، بحسب تقرير للجمعية الكندية لمتخصصي قضايا الإفلاس وإعادة الهيكلة.

وقال «أندريه بولدو» رئيس الجمعية في التقرير: «1541 شركة تقدمت بطلب إفلاس خلال الربع الثاني، أي ما يعادل 17 شركة يومياً، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 41.4% على أساس سنوي، ومع ذلك، انخفضت حالات الإفلاس بنسبة 23.1% مقارنة بالربع الأول من العام».

موجات الإفلاس، وإن ارتبطت معظمها بنقص عمليات التمويل وموجات الغلاء التي أعقبت حرب أوكرانيا، وتسببت بارتفاعات الفائدة لمستويات قياسية لبعض الدول، ودفعت باقتصاداتها نحو حالة من الركود، إلا أنه لا يمكن تجاهل تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي كان لها النصيب الأكبر في التوترات التي حصلت في البحر الأحمر حيث تأثرت حركة النقل واللوجستيات، وارتفعت تكاليف شركات التأمين، مما كان له أثر في حركة التجارة العالمية.

وما يؤكد تأثر الاقتصاد العالمي بالأزمات الجيوسياسية تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي حول توقعات النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي سجلت 2.7% لعام 2024 و 4.2% لعام 2025، أما في الاقتصادات المتقدمة، فقد سجلت 1.7% في عام 2024 و 1.8% في عام 2025.

وتوقع صندوق النقد في تقريره نمواً عالمياً بنسبة 3.2% في عام 2024 و 3.3% في عام 2025، إلا أن النسب المتوقعة تعد أقل من المتوسط التي كانت عليه قبل تفشي وباء كورونا وحتى منذ بداية القرن.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC