logo
اقتصاد

الاحتيال الرقمي وفخ الربح السريع.. آلاف الضحايا في مصر

الاحتيال الرقمي وفخ الربح السريع.. آلاف الضحايا في مصر
سيدة تخرج من مكتب صرافة في العاصمة المصرية القاهرة، يوم 24 أغسطس 2022.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:6 مارس 2025, 01:46 م

في عالم يسعى فيه الكثيرون لتحقيق الثراء السريع، عادت جرائم توظيف الأموال لتطل برأسها من جديد على الساحة المصرية، لكن بواجهة رقمية تواكب عصر التطبيقات، والمنصات الإلكترونية.

وفي 24 فبراير الماضي، أعلنت وزارة الداخلية المصرية القبض على تشكيل عصابي دولي مكون من 13 شخصاً، بينهم 3 أجانب، تورطوا في الاحتيال الإلكتروني عبر منصة (FBC)، بعدما استولوا على نحو 2 مليون جنيه ( 39498 دولاراً) من 101 مواطن، بزعم استثمارها في البرمجيات والتسويق الإلكتروني.

أخبار ذات صلة

اتحاد الأوراق المالية يدعو الحكومة المصرية لمواجهة الاحتيال المالي

اتحاد الأوراق المالية يدعو الحكومة المصرية لمواجهة الاحتيال المالي

استدراج الضحايا

واستدرجت المنصة - باعتبارها شركة إعلانات عالمية - الضحايا للعمل في التسويق الرقمي من خلال تطبيق إلكتروني يطلب تسجيل البيانات الشخصية وربطه بالمحفظة الإلكترونية لاستقبال الأرباح، بحسب علي خليل أحد الضحايا.

ويوضح خليل في حديثه مع «إرم بزنس» أن المنصة كانت تعتمد على نظام اشتراكات يبدأ من ألف جنيه، ويصل إلى مئات الآلاف، وكل ما زاد الاشتراك زادت نسبة الأرباح.

وفي البداية كان المستخدم يدفع «وديعة ضمان وظيفي» لمرة واحدة كاشتراك، بعدها يقوم بتنفيذ مهام يومية مثل تحميل تطبيقات أو مشاهدة مقاطع مصورة، قبل إضافة الأرباح لحساب المستخدم، مع إمكانية سحبها لاحقاً سواء أسبوعياً أو شهرياً.

المنصة نفذت عملية احتيال مزدوجة وفق خليل، عبر إقناع المشتركين بترقية اشتراكاتهم للحصول على أرباح أكبر ثم تعطيل السحب حتى تم إغلاق المنصة، في 22 فبراير الماضي، بزعم تعرضها للاختراق بعد نحو شهرين من تدشينها.

ووفق شيماء محمد من إحدى محافظات دلتا النيل (شمال مصر) فإن هناك منصات أخرى ضحاياها بالآلاف، مثل منصات: GME وRGA وHAVAS، لافتة إلى أنها ضحية للمنصة الأولى التي لم تكتف بالمهام، بل طوقت ضحايا بنوع آخر تحت مسمّى «استثمارات إضافية» تصل أرباحها إلى نحو 1000% خلال فترات وجيزة، ومن ثم أغلقت قبل أن يحصل أي مشترك على أي مبلغ.

أسباب الانتشار

ويرجع رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية خالد الشافعي انتشار النصب الإلكتروني في مصر، ومنه نموذج منصة (FBC)، إلى التوسع في استخدام الإنترنت، ونقص الوعي المالي لدى كثير من الأفراد، مما يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل المحتالين، ورغبة البعض الآخر في تحقيق مكاسب سريعة.

ويوضح الشافعي خلال حديثه مع «إرم بزنس» أن ارتفاع معدل الفقر في مصر، والذي وصل إلى 35.7% خلال عامي 2022-2023، يؤدي دوراً رئيساً في انتشار جرائم توظيف الأموال، حيث يدفع تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع البطالة الكثيرين للبحث عن أرباح سريعة.

رئيس مركز العاصمة يؤكد أن ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الأسعار، دفعا البعض للبحث عن طرق بديلة لتنمية مدخراتهم بشكل سريع، مما جعل العروض الوهمية لتوظيف الأموال تبدو جذابة للبسطاء، وتهدد استقرار الأسر والاقتصاد.

وتراجع التضخم، في يناير الماضي، إلى 22.6% مقابل 23.2% لشهر ديسمبر العام 2024، فيما بلغ ذروته 40% في فبراير 2023، وفق بيانات البنك المركزي المصري.

أخبار ذات صلة

الذكاء الاصطناعي يرفع عمليات الاحتيال في العملات المشفرة لمستوى قياسي

الذكاء الاصطناعي يرفع عمليات الاحتيال في العملات المشفرة لمستوى قياسي

الحماية من الاحتيال 

ولحماية المواطنين من الوقوع ضحايا لجرائم توظيف الأموال عبر المنصات الوهمية، ينصح رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية رشاد عبده، بضرورة التحقق من مصداقية المنصات الاستثمارية قبل ضخ أي أموال، وذلك عبر التأكد من حصولها على تراخيص رسمية من الجهات الرقابية المعتمدة في مصر، مثل الهيئة العامة للرقابة المالية، إلى جانب البحث عن سجلها التجاري.

ويؤكد عبده في حديثه مع «إرم بزنس» علامات تدل على عمليات احتيال، مثل الوعود بأرباح خيالية في فترات قصيرة، أو مطالبة المستثمرين بجلب مشتركين جدد مقابل عمولات، أو غموض هوية القائمين على المنصة، وعدم وضوح بياناتهم القانونية.

أما فيما يتعلق بـالبدائل الآمنة للاستثمار الرقمي، فينصح عبده بالتوجه إلى القنوات الشرعية، مثل: البنوك، والبورصة والعقارات والذهب، الودائع البنكية، وصناديق الاستثمار المعتمدة التي تخضع للرقابة المالية، مع أهمية تنويع مصادر الاستثمار.

تداعيات سلبية على الاقتصاد

تؤثر هذه الجرائم أيضاً على الاقتصاد الوطني، إذ يرى رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية عبدالمنعم السيد، أن جرائم توظيف الأموال تمثل تهديداً مباشراً للاستقرار الاقتصادي.

ويشير السيد في حديثه مع «إرم بزنس» إلى أن هذه الجرائم تؤدي إلى تجفيف المدخرات المحلية، وتبعد المواطنين عن الأدوات المالية الرسمية مثل البنوك، وشهادات الاستثمار، الأمر الذي ينعكس سلباً على معدلات الادخار والتمويل داخل القطاع المصرفي.

هذه الجرائم لا تقتصر على المستوى المحلي فحسب، بل تعد ظاهرة دولية، إذ تعد فضيحة «بيرني مادوف» في الولايات المتحدة من أشهر قضايا الاحتيال المالي في العصر الحديث، بعدما نجح مادوف في إدارة أكبر مخطط بونزي في التاريخ، تجاوزت خسائره 65 مليار دولار، قبل أن يُدان بالسجن 150 عاماً.

وفي أوروبا، برزت قضية (Wirecard) في ألمانيا، حيث انهارت الشركة بعد اكتشاف تلاعب محاسبي ضخم، وإخفاء أصول وهمية بمليارات اليوروهات، في واحدة من أكبر الفضائح المالية بالقارة.

عقوبة توظيف الأموال

وفقاً للمحامي أحمد حسن، فإن المادة 21 من القانون رقم 146 لسنة 1988 تنص على أنه: كل من قام بتلقي أموال من الغير بالمخالفة لأحكام هذا القانون، أو امتنع عن رد الأموال المستحقة لأصحابها، سواء بالكامل أو جزء منها، يعاقب بالسجن، بالإضافة إلى غرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على قيمة الأموال التي تلقاها أو قيمة الأموال المستحقة. كما يُلزم الجاني برد الأموال إلى أصحابها.

ويشير حسن في حديثه مع «إرم بزنس» إلى أن منصة (FBC) تعد ثالث منصة احتيال إلكتروني تُنفذ عملياتها في مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وذلك بعد منصتي «الرمال البيضاء» في يناير 2022 التي انتهت بالحكم على المتهمين بأحكام حتى 3 سنوات ومنصة «هوج بول»، في مارس 2023، والتي لا تزال تنظرها المحاكم.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC