بين ركام الحرب، تستعد سوريا لمرحلة جديدة من إعادة الإعمار؛ هي الأضخم في تاريخ المنطقة، في ظل الحاجة إلى جهود ضخمة.
فالطرق والجسور والمنازل والبنية التحتية بشتى أنواعها التي دمرتها سنوات الصراع، تحتاج إلى مواد بناء ضخمة ودعم لوجستي وأياد ماهرة.
هنا يبرز الأردن كلاعب أساس، مستفيدا من موقعه الجغرافي القريب من سوريا، وترسانته من شركات البناء، وتوافر المواد الخام بأسعار تنافسية.
في هذا السياق، أكد نقيب المقاولين الأردنيين، المهندس فؤاد الدويري، في تصريح لـ«إرم بزنس»، أن حجم العمل المتوقع في سوريا، وخاصة في المناطق الجنوبية القريبة من الحدود الأردنية، هائل، مشيراً إلى أن العديد من المقاولين الأردنيين سيشاركون في مشاريع إعادة الإعمار؛ نظرًا للقرب الجغرافي وتوافر المواد الخام بأسعار تنافسية.
الدويري أوضح أن تصدير المواد الخام من الأردن إلى سوريا، سيكون أقل تكلفة مقارنة بتوفيرها محلياً في سوريا، لافتاً إلى «وجود تواصل مع مقاولين من دول الإمارات وقطر والسعودية والعراق لتشكيل تجمعات متخصصة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية في سوريا».
إلى ذلك، تحدث الدويري عن زيارات ميدانية سابقة أظهرت حاجة سوريا الماسة إلى جميع أنواع المشاريع، بما يشمل الطرق، والصرف الصحي، والجسور، والطاقة المتجددة، وشبكات الكهرباء.
وأضاف أن «أكثر من 100 مقاول أردني سيزورون سوريا قريباً لتقييم الوضع، والتواصل المستمر مع نقيب المقاولين السوريين».
نقيب المقاولين الأردنيين، بين أن هناك اجتماعاً قريباً يتم التحضير له، سيعقد في الأردن، ويضم مقاولين ومهندسي بناء ومستشارين عرباً، بهدف التنسيق وتوحيد الجهود في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا.
في السياق ذاته، كشف الدويري، أن النقابة حثت المقاولين الأردنيين جميعاً على الاستعداد للعمل في سوريا، خصوصاً في ظل تقارير تشير إلى أن تكلفة إعادة الإعمار قد تصل إلى 120 مليار دولار، مع وجود تقديرات أخرى أعلى من ذلك.
وفي إطار دعم الأردن لسوريا، قال الدويري أيضاً، إن نقابته تعتزم إنشاء مركز تدريب على الحدود مع سوريا لتأهيل الكوادر السورية وفق أحدث أساليب البناء. كما أكد أن المقاول الأردني يتمتع بالجاهزية للعمل مباشرة في المشاريع، وسيكون هناك دور للشركات الصغيرة والمتوسطة من الفئة الثالثة كمزودي خدمات للمشاريع.
من جهته، أكد رئيس غرفة تجارة الأردن، العين خليل الحاج توفيق، في تصريحات لـ"إرم بزنس"، أن إعادة إعمار سوريا ستشمل جميع القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الخدمات، والإنشاءات، ومواد البناء، والهندسة، وغيرها، داعياً التجار الأردنيين، إلى الاستعداد للمساهمة في هذه المرحلة.
وأوضح الحاج توفيق، أن سوريا ستحتاج إلى كوادر بشرية مؤهلة، تشمل المهندسين وأصحاب المهن والفنيين، وستعتمد بشكل كبير على الأردن لتلبية هذه الاحتياجات، خاصة في الجنوب السوري؛ نظراً لقرب المسافة وانخفاض التكاليف.
وأضاف أن دولاً عدة في المنطقة ستشارك في إعادة الإعمار، مع توقع أن يصبح الأردن مركزاً لوجستياً لهذه الجهود. بالإضافة إلى ذلك، أشار الحاج توفيق، إلى بدء إنشاء مستودعات كبيرة عند مدخل المنطقة التنموية في المفرق، وعلى الحدود السورية لتخزين المواد الخام اللازمة لإعادة الإعمار.
الأكثر من ذلك، قال النقابي الأردني، إن التعاون مع سوريا سيتم على مستوى الدول، أو من خلال شراكات بين الشركات الأردنية والإقليمية والعالمية، مما يعزز دور البلد كمحور أساس في هذه المرحلة.
تشير تقارير اقتصادية صادرة عن البنك الدولي والأمم المتحدة إلى أن سوريا ستحتاج إلى استثمارات ضخمة لإعادة بناء بنيتها التحتية المدمرة. وفقًا لتقديرات البنك الدولي، فإن الأضرار التي لحقت بالقطاعات المختلفة في سوريا خلال السنوات الماضية، قد تتجاوز 250 مليار دولار.
كما أشارت تقارير الأمم المتحدة إلى أن 50% من المساكن في سوريا تعرضت للدمار الكلي أو الجزئي، إضافة إلى تدمير نحو 60% من البنية التحتية للنقل والكهرباء. وتعد هذه الأرقام مؤشراً على حجم الفرص الاستثمارية المتاحة في المرحلة المقبلة.
رغم الفرص الاقتصادية الكبيرة في إعادة إعمار سوريا، إلا أن هناك تحديات كبيرة يجب التغلب عليها.
أبرز هذه التحديات يشمل تأمين التمويل اللازم، وتوفير الكوادر البشرية المؤهلة، وخلق بيئة قانونية واستثمارية تشجع القطاع الخاص على الانخراط في جهود إعادة الإعمار.
في المقابل، يمثل القرب الجغرافي للأردن، والبنية التحتية اللوجستية التي يمتلكها، ووجود خبرات أردنية متخصصة في مختلف القطاعات، عوامل داعمة لدور المملكة في إعادة الإعمار، وفق مراقبين.