اختتم سوق الأسهم الأميركية عام 2024 متفوقاً بلا منازع على الأسواق العالمية، مدعوماً بأداء اقتصادي قوي، وازدهار في قطاع التكنولوجيا.
ومع ذلك، يشير خبراء إلى أن هذه الهيمنة قد تواجه تحديات في عام 2025، بسبب حالة عدم اليقين المرتبطة بسياسات التجارة الأميركية واستراتيجيات الاحتياطي الفيدرالي، وفقاً لتقرير نشره موقع «ماركت ووتش».
حقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب بنسبة 23.3% خلال عام 2024، متجاوزاً بفارق كبير النمو المتواضع لمؤشر «ستوكس يوروب 600» الذي ارتفع بنسبة 6%، ومؤشر «نيكاي 225» الياباني الذي حقق زيادة بنسبة 19.2%. كما سجل مؤشر «شنغهاي كومبوزيت» الصيني زيادة بنسبة 12.7%، إلا أن أياً من هذه المؤشرات لم يضاهِ الأداء القوي للأسهم الأميركية.
وبحسب بيانات «فاكتسيت»، حققت صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) المرتبطة بمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب تجاوزت 23%، بينما سجلت صناديق المؤشرات الدولية نتائج أكثر تواضعاً، مما يعكس قوة الأسهم الأميركية مقارنة بالأسواق الأخرى.
ومع نهاية العام، شكلت الأسهم الأميركية أكثر من 50% من القيمة السوقية العالمية، حيث بلغت قيمتها السوقية الإجمالية 63 تريليون دولار، بزيادة 11 تريليون دولار عن عام 2023. وفي المقابل، لم تتجاوز الحصة المجمعة للأسواق الأوروبية ،والصينية ،وهونغ كونغ نسبة 25% من إجمالي السوق العالمية، مما يعكس التأثير الكبير للشركات المدرجة في الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي.
كانت شركات التكنولوجيا الأميركية العامل الأساسي وراء هذا الأداء القوي، إذ أنهت الشركات الكبرى المعروفة بـ«العظماء السبع»، عام 2024 بقيمة سوقية مجتمعة بلغت 17.6 تريليون دولار، متجاوزة بذلك إجمالي القيمة السوقية لأوروبا البالغ 16.1 تريليون دولار.
وأضاف التقرير أن شركة «إنفيديا» لعبت دوراً محورياً في هذا النمو، حيث ارتفعت قيمتها السوقية بمقدار 2.1 تريليون دولار، لتنهي العام عند 3.29 تريليون دولار. جاء هذا الأداء مدفوعاً بزيادة الطلب على تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
لكن بالرغم من هذا الأداء القوي، حذر محللو بنك باركليز من أن النمو قد يتباطأ في عام 2025، وأشاروا إلى أن «المخاطر السياسية، خاصة المتعلقة بالتجارة وإجراءات الاحتياطي الفيدرالي، تمثل تحديات محتملة أمام السوق».
تزيد التوترات بين الولايات المتحدة والصين من حالة عدم اليقين، خاصة في قطاع التكنولوجيا. كما أثارت تحقيقات مكافحة الاحتكار الأخيرة التي أجرتها الحكومة الصينية ضد شركة «إنفيديا» مخاوف من رد فعل صيني محتمل تجاه القيود الأميركية على التكنولوجيا.
وأشار التقرير إلى أن هذه التوترات قد تؤدي إلى تقويض ثقة المستثمرين، مع تصاعد المخاطر الجيوسياسية التي تهدد بالتأثير السلبي على القطاع.
على الرغم من هذه المخاطر، أظهر الاقتصاد الأميركي صموداً لافتاً في عام 2024، حيث انخفضت معدلات البطالة إلى مستويات تاريخية، على حين بلغ الدولار الأميركي أعلى مستوياته خلال أكثر من عامين.
ويرى الخبراء أن هذه العوامل قد تدعم استمرار الأداء القوي للأسواق الأميركية في عام 2025، خاصة إذا تبنت إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب سياسات تعزز النمو المحلي.
وأكد مارك مالك، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «سيبرت فاينانشال» (Siebert Financial)، أن التوقعات بنمو اقتصادي قوي وسياسات تجارية حمائية قد تحافظ على قيادة السوق الأميركية. ومع ذلك، حذر خبراء آخرون من أن الحروب التجارية وخطط الرسوم الجمركية قد تؤثر سلباً على هذا التفوق.
وأعرب براد كونغر، مدير الاستثمار في شركة «هيرتل كالاهان» (Hirtle Callaghan & Co)، عن قلقه إزاء تهاون السوق بشأن ردود الفعل العالمية. وقال: «المستثمرون يستهينون بالتأثير المحتمل للرسوم الجمركية على الشركات الأميركية»، متوقعاً «أداءً أقل للأسهم الأميركية مقارنة بالأسواق الدولية في عام 2025».
مع بداية العام الجديد، ارتفع مؤشر الدولار الأميركي بأكثر من 2% خلال الشهر الماضي، ما يعكس استمرار ثقة المستثمرين في قوة الاقتصاد الأميركي. ومع ذلك، أظهرت تداولات يوم الاثنين أداءً متبايناً، حيث ارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 1.2%، وزاد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.6%، بينما تراجع مؤشر داو جونز بنسبة 0.1%، وفقاً لبيانات «فاكتسيت».
وفي ظل حالة عدم اليقين المرتبطة بسياسات التجارة، وإجراءات الاحتياطي الفيدرالي، والتوترات الجيوسياسية، توقع التقرير أن يشهد العام المقبل منافسة أشد للأسهم الأميركية من الأسواق العالمية.