أثارت تصريحات دونالد ترامب بشأن رغبته في ضم كندا قلقاً جدياً لدى سكان البلاد، بعدما كانت في البداية تُعتبر مجرد مزحة. في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بكندا، وبالإضافة إلى الضغوط المتزايدة القادمة من الولايات المتحدة، لم يتمكن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من الصمود أمام هذه التحديات. وفي 6 يناير، أعلن ترودو استقالته، مُدخلاً البلاد في مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي.
تصريحات ترامب في نوفمبر حول فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على كندا والمكسيك أشعلت الأزمة، التي تفاقمت مع إصدار الحكومة الكندية تحديثاً لميزانيتها منتصف ديسمبر، الأرقام التي كشفتها الميزانية أشارت إلى وضع مالي متدهور، تزامناً مع استقالة وزيرة المالية الكندية كريستيا فريلاند، ما أثار تساؤلات حول فعالية السياسات المقترحة.
مثل العديد من الدول، عانى الاقتصاد الكندي من تبعات جائحة «كوفيد-19» والتضخم المرتفع، ومع نشر تحديث الخريف الاقتصادي في 16 ديسمبر، تبين أن العجز المالي المتوقع لعام 2023-2024 سيصل إلى 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ1.3% الذي تم التنبؤ به في أبريل الماضي.
يرجع هذا الارتفاع في العجز إلى تكاليف غير متوقعة لتسوية مطالبات السكان الأصليين، وفقاً لخبراء «بنك أوف أميركا». بالنسبة لعام 2025-2026، يتوقع أن يصل العجز إلى 1.6%، نتيجة تخفيف الضرائب على بعض السلع وانخفاض معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي.
رغم أن هذه الأرقام قد تبدو متواضعة مقارنة بعجز فرنسا المتوقع لعام 2025 (5.4% من الناتج المحلي الإجمالي)، فإن انتخاب ترامب ألقى بظلاله على الاقتصاد الكندي. سياسات الولايات المتحدة التجارية، بما في ذلك الرسوم الجمركية المرتفعة، تهدد بتقليص الناتج المحلي الإجمالي الكندي.
في الوقت نفسه، قرر البنك المركزي الكندي خفض أسعار الفائدة بسرعة أكبر من الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يبلغ سعر الفائدة حالياً 3.25% في كندا مقارنة بـ4.5% في الولايات المتحدة، ما أدى إلى ضغط على الدولار الكندي. تصريحات ترامب أضافت مستوى جديداً من عدم اليقين، حيث ارتفعت علاوة المخاطر على الدولار الكندي بنسبة 2%، وفقاً لمحللي «آي إن جي».
الأزمة الكندية قد تبدو بعيدة عن أوروبا، لكنها تحمل آثاراً عالمية، بحسب خبراء «أوكسفورد إيكونوميكس». التجارة داخل أميركا الشمالية، التي بلغت 1.5 تريليون دولار في 2023، تمثل 8% من الواردات العالمية. أي تغييرات في شروط التجارة داخل المنطقة قد تمنح أوروبا مكاسب على صعيد السوق الأميركي، لكنها أيضاً قد تؤدي إلى تقلبات كبيرة في الأسواق العالمية.