logo
اقتصاد

هل تعاود أسعار الدولار الارتفاع في مصر؟

هل تعاود أسعار الدولار الارتفاع في مصر؟
القانون المصري يحظر عمليات شراء وبيع العملات الأجنبية خارج القطاع المصرفي - 3 أبريل 2023المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:15 أكتوبر 2024, 02:32 م

مع تزايد التصعيد العسكري في منطقة الشرق الأوسط وعودة التضخم للارتفاع، تتنامى المخاوف من تأثير ذلك سلباً على أداء سعر الصرف في مصر، ما قد يؤدي إلى ارتفاعه مجدداً في الأسواق، مكرراً الأزمة التي شهدتها البلاد قبل تعويم الجنيه في 6 مارس الماضي.

ويُعدُّ سعر صرف الدولار مرآة لكثير من العوامل الاقتصادية، مثل العرض والطلب، والسياسات النقدية، بالإضافة إلى الظروف الجيوسياسية.

وربط خبراء اقتصاديون تحدثوا لـ«إرم بزنس» إمكانية ارتفاع سعر الدولار في المدة المقبلة بمدى اتساع نطاق الحرب في المنطقة، مع مخاوف من زيادة التضخم ومخاطر خروج الأموال الساخنة وعزوف المستثمرين عن ضخ أي استثمارات جديدة في البلاد.

وأواخر الأسبوع الماضي، شهدت تعاملات سعر صرف الدولار أمام الجنيه ارتفاعاً طفيفاً بنحو 10 قروش في عدد من البنوك المصرية، في ثاني زيادة منذ قرار تعويم الجنيه في 6 مارس، وجاء ذلك بعد ارتفاعه مطلع أغسطس إثر خروج نحو 12 مليار دولار من الأموال الساخنة التي كانت تستثمر في أدوات الدين المصرية.

وفي تعاملات الخميس الماضي، ارتفع سعر الدولار أمام الجنيه إلى 48.56 جنيهاً، بعد أن كان 48.47 جنيهاً بنهاية اليوم السابق، ليستقر حالياً عند 48.52 جنيهاً.

وباستثناء هذه الزيادات، شهد سوق الصرف استقراراً منذ انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار في 6 مارس بما يزيد على 60%، عندما سمح البنك المركزي بتحرير سعر الصرف، ما رفع سعر الدولار في السوق الرسمي من 30.85 جنيهاً إلى ما يزيد على 48 جنيهاً.

وقبل تعويم الجنيه، شهدت مصر أزمة حادة في نقص الدولار؛ ما أدى إلى توسع السوق السوداء، إذ وصل سعر العملة الأميركية لما يزيد على 70 جنيهًا، بالإضافة إلى ذلك، توقفت عمليات استيراد السلع والمواد الخام بسبب عدم القدرة على توفير العملة الأجنبية؛ ما أحدث تباطؤاً اقتصادياً. 

الأموال الساخنة

يخشى الخبير المصرفي محمد عبد العال من أن يؤدي اتساع نطاق الحرب الحالية في منطقة الشرق الأوسط إلى خروج الأموال الساخنة، كما حدث في أغسطس الماضي عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، ما أدى إلى ارتفاع الدولار لمدة قصيرة أمام الجنيه المصري.

وفي الأسبوع الأول من أغسطس، خرج من مصر نحو 12 مليار دولار من الأموال الساخنة، وهي استثمارات أجنبية غير مباشرة في أذون الخزانة المصرية، كرد فعل على تزايد التوترات في المنطقة.

ومنذ تحرير سعر الصرف في مارس، تدفقت نحو 37.5 مليار دولار من الأموال الساخنة على أذون الخزانة للاستفادة من عائدها المرتفع الذي وصل إلى 27% في المتوسط، وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.

وفي تصريحات لـ«إرم بزنس»، أشار عبد العال إلى أن السوق المصرية تتأثر بشدة بالتطورات الإقليمية مثل حربي غزة ولبنان، وهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، التي خفضت عائدات قناة السويس؛ بسبب تراجع حركة الملاحة بها، ولجوء شركات الشحن إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وهذه العوامل جميعها يمكن أن تؤثر في استقرار العملة المحلية.

وانخفضت إيرادات قناة السويس بنحو 6 مليارات دولار في أول 8 أشهر من 2024؛ بسبب التوترات التي تشهدها المنطقة، وفقاً لتصريحات أدلى بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي وأوردها الإعلام المحلي.

ويرى عبد العال، أن هذه الصراعات المسلحة في المنطقة تعكس قلقاً لدى المستثمرين الأجانب، الذين قد يترددون في ضخ استثمارات جديدة في حال استمرار عدم الاستقرار لفترات أطول أو اتساع نطاق الحرب.

ويؤكد الخبير المصرفي أن استقرار الجنيه يعتمد على هدوء الأوضاع الإقليمية، وقدرة الحكومة المصرية على التعامل مع هذه الأزمات؛ لأنه مع استمرار الحرب أو توسعها، قد يفضل المستثمرون الانسحاب من السوق المصرية، ما يزيد من ضغط الطلب على الدولار، وبالتالي ارتفاع سعره.

تقلبات سعر الصرف

وفي ظل الظروف الإقليمية الراهنة، يتوقع الخبير المصرفي أحمد شوقي، في حديث لـ«إرم بزنس»، أن تتسم المدة المقبلة بتقلبات في سعر الصرف بالبلاد، مشيراً إلى أن هناك إمكانية لارتفاع سعر الدولار في حال تخلي البنك المركزي المصري عن سياسة التشديد النقدي وخفض أسعار الفائدة، وهو أمر مرجح حدوثه في العام المقبل، وهذا قد يؤدي إلى خروج بعض الأموال الساخنة، بالإضافة إلى توجه بعض المستثمرين للاستثمار في الدولار بوصفه ملاذاً آمناً.

ولكن شوقي أضاف أن أي إجراءات من الحكومة والبنك المركزي لخفض التضخم وتعويض خسائر قناة السويس وزيادة الموارد الدولارية، مثلما حدث مع صفقة رأس الحكمة التي وفرت للدولة نحو 35 مليار دولار، ستعزز الاستقرار المالي وتدعم الجنيه، ما يقلل الضغوط على سعر الدولار. 

فجوة تمويلية

ورجح الخبير الاقتصادي هاني جنينة، في حديث لـ«إرم بزنس»، ارتفاع سعر الدولار بنهاية العام الجاري، مشيراً إلى أن مصر تعاني فجوة تمويلية كبيرة، إذ تتجاوز مصروفاتها الدولارية إيراداتها.

وتوقع جنينة أن يتحرك سعر الدولار خلال الربع الأخير من هذا العام بين 48.50 و50 جنيهًا، وقد يصل على أقصى تقدير إلى 54 جنيهاً في العام المقبل.

واستبعد الخبير الاقتصادي تعرض مصر لأزمة في الدولار مجدداً، رغم وجود عجز في ميزان المعاملات الجارية بلغ 20 مليار دولار، بالإضافة إلى التراجع الكبير في إيرادات قناة السويس.

وشدد على أن الدولة لديها موارد تمكنها من السيطرة على أي أزمة محتملة ودعم الجنيه، من خلال عائدات السياحة المرتفعة والتدفقات الدولارية من صفقة رأس الحكمة، وعودة تحويلات المصريين في الخارج التي سجلت مستوى قياسياً في يوليو الماضي.

وارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى 3 مليارات دولار في يوليو الماضي، مقارنةً بـ1.6 مليار دولار في الشهر نفسه من العام 2023، بزيادة بلغت 87%، واستقبلت مصر في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 7 ملايين سائح، بإيرادات بلغت 6.6 مليار دولار.

وكان تقرير حديث صدر الشهر الماضي عن وكالة «فيتش سوليوشنز» توقع أن يشهد سعر صرف الدولار تقلبات متزايدة في الربع الأخير من عام 2024، إذ من المتوقع أن يرتفع إلى 49.50 جنيه؛ بسبب المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

وأشار التقرير إلى احتمال تدهور سعر الصرف ليصل إلى 55 جنيهاً للدولار في حال تفاقمت التوترات في المنطقة نتيجة الحرب في غزة.

ورغم ذلك، رجح التقرير أن تتدخل السلطات المصرية لدعم الجنيه، ومنع حدوث تقلبات حادة، خاصة مع ارتفاع الاحتياطي النقدي للبلاد.

ووفقاً لبيانات البنك المركزي المصري الأخيرة، بلغ الاحتياطي النقدي الأجنبي نحو 46.736 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2024، مقارنةً بـ35.220 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2023، مسجلاً زيادة قدرها 11.516 مليار دولار ونسبة نمو 32.7%.

وأشارت توقعات «فيتش سوليوشنز» إلى أن متوسط سعر الدولار مقابل الجنيه المصري سيبلغ 49.19 جنيه خلال العام المالي 2024/2025، على أن يرتفع إلى 50.17 جنيه في العام المالي 2025/2026، وصولاً إلى متوسط 57.63 جنيه في العام المالي 2032/2033.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC