logo
اقتصاد

قطاع التوصيل في الأردن.. كيف يخفف البطالة ويدعم التجارة الإلكترونية؟

قطاع التوصيل في الأردن.. كيف يخفف البطالة ويدعم التجارة الإلكترونية؟
صورة أرشيفية لعامل توصيل بشركة «طلبات» في الأردن.المصدر: وكالة الأنباء الأردنية (بترا).
تاريخ النشر:2 ديسمبر 2024, 12:17 م

شهد قطاع التوصيل في الأردن تطوراً متسارعاً في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بزيادة التجارة الإلكترونية والظروف التي فرضتها جائحة كورونا، ما جعل الاعتماد على شركات التوصيل يتحول إلى حالة مستمرة حتى بعد انقشاع الجائحة.

هذا التوجه دفع الأفراد والشركات على حد سواء لاختيار خدمات التوصيل لتلبية احتياجاتهم.

ويعد هذا القطاع الذي يُطلق عليه «الديليفري»، أحد أهم المحركات الرئيسية للاقتصاد الأردني. فهو يوفر آلاف فرص العمل للشباب الأردني، ويجذب الاستثمارات المحلية والإقليمية.

بالإضافة إلى ذلك، يعزز عمل العديد من القطاعات التجارية، أبرزها مطاعم الوجبات السريعة التي تعتمد بشكل كبير في مبيعاتها على خدمات التوصيل، حتى إن بعض المطاعم قد استحدثت نموذج عمل يعتمد بالكامل على خدمة «الديليفري».

واقع قطاع التوصيل

رغم أن جائحة كورونا قد أسهمت في زيادة عدد الشركات المرخصة لمزاولة مهنة التوصيل، ليصل عددها بعد انتهاء الجائحة إلى أكثر من 200 شركة، وفقاً لبيانات صادرة عن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الأردنية التابعة لوزارة الاقتصاد الرقمي والريادة آنذاك، إلا أن عدد هذه الشركات تقلص نتيجة لخروج الشركات الصغيرة التي لم تتمكن من المنافسة في السوق. 

وبحسب إحصاءات الهيئة، بلغ عدد الشركات في الأردن حتى نهاية عام 2023 نحو 170 شركة، منها 13 شركة تقدم خدمات دولية و157 شركة تعمل محلياً. ويعمل في القطاع أكثر من 43 ألف موظف، منهم 862 موظفاً في البريد العام، وهي شركة مملوكة بالكامل للحكومة.

وبالإضافة إلى هذه الشركات المرخصة، يعمل الكثير من مالكي السيارات والحافلات الصغيرة في الأرياف الأردنية في خدمة التوصيل، بالتعاون مع المطاعم والمتاجر الصغيرة، كما يوجد العديد من المجموعات غير المرخصة في هذا المجال، مما يجعل حصر عدد العاملين في هذا القطاع أمراً صعباً. 

ومع ذلك، يظل قطاع التوصيل في الأردن مصدراً مهماً لتوفير فرص العمل، سواء بدوام جزئي أو كامل، فضلاً عن فرص لرواد الأعمال لتأسيس مشاريعهم الخاصة. 

فرص عمل للشباب

ويعتبر غالبية العاملين في القطاع من فئة الشباب الذين يستفيدون من مرونة العمل، حيث تشمل الوظائف مجالات متعددة مثل التنسيق، إدارة العمليات، وخدمات التوصيل الميداني، مما يعكس دور القطاع في دعم الاقتصاد الوطني والحد من البطالة.

أخبار ذات صلة

الأردن يخفض أسعار البنزين ويرفع الديزل

الأردن يخفض أسعار البنزين ويرفع الديزل

 

زينة نشة، شابة أردنية تحمل شهادة في البرمجة من الجامعة الهاشمية، تخرجت عام 2016، ورغم أنها لم تتمكن من العثور على وظيفة في مجال تخصصها، قررت استغلال مهاراتها بطريقة مختلفة، وانضمت إلى إحدى شركات التوصيل للعمل من منزلها كمنسقة طلبات. 

تتولى زينة التنسيق بين الشركات التي تبيع المنتجات وعاملي التوصيل والعملاء، مما يضمن سير العملية بسلاسة ورضا الأطراف جميعهم. 

تقول زينة لـ«إرم بزنس» إن هذا العمل منحها مرونة كبيرة في تنظيم وقتها، بالإضافة إلى دخل شهري مستقر، مؤكدة أنها تشعر بارتياح تجاه هذا العمل، خصوصاً أنها تسهم في تحسين تجربة العملاء وتعزيز كفاءة الشركة.

تعكس قصة زينة كيفية استغلال الشباب الأردني للفرص المتاحة في قطاع التوصيل لتطوير أنفسهم والمساهمة في دعم الاقتصاد الرقمي بدلاً من انتظار وظيفة ضمن التخصص الجامعي التي قد تتأخر لسنوات. كما رصدت «إرم بزنس» العديد من الإعلانات الجلية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لشركات توصيل تطلب موظفين، سواء إداريين أو سائقين للعمل لديها. وتتقاضى شركات التوصيل في الأردن بالمتوسط دينارين على كل طلب داخل المحافظة نفسها، و3 دنانير (نحو 4.23 دولار أميركي) أو أكثر للتوصيل إلى المحافظات الأخرى.

ووفقاً لهيئة تنظيم الاتصالات، فقد شهد عدد الطرود البريدية المتداولة نمواً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، حيث تم تسجيل أكثر من 39 مليون طرد في عام 2023، منها حوالي 37 مليون طرد محلي و2 مليون طرد دولي صادر ووارد. 

دور التكنولوجيا في دعم القطاع

أسهم التوجه نحو التجارة الإلكترونية في تعزيز نشاط خدمات التوصيل، حيث حققت التجارة الإلكترونية في الأردن نمواً سنوياً بلغ 18% بين عامي 2018 و2023، وفقاً لتقارير وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة في الأردن. وقد أدى ذلك إلى زيادة الطلب على خدمات التوصيل التي أصبحت جزءاً أساسياً من الحياة اليومية للأردنيين. كما ذكرت غرفة تجارة عمان في دراسة لها أصدرتها منتصف العام الفائت أن نحو 64% من الأردنيين يفضلون الشراء عبر الإنترنت، أو من خلال خدمة التوصيل.

أخبار ذات صلة

5.4 مليار دولار التبادل التجاري بين الأردن ودول «التعاون» في 8 أشهر

5.4 مليار دولار التبادل التجاري بين الأردن ودول «التعاون» في 8 أشهر

 

وأشارت هيئة تنظيم قطاع الاتصالات في الأردن، إلى أن قطاع البريد بشكل عام شهد طفرة غير مسبوقة خلال جائحة كورونا وما بعدها، حيث تضاعف النشاط اللوجستي بنسبة تجاوزت 100% مقارنة مع ما قبل الجائحة. وتعتمد معظم شركات التوصيل في عملها على تطبيقات خاصة بها أو عبر صفحات مخصصة على شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك ومجموعات واتساب أو عبر الهاتف مباشرة من خلال قوائم تتعلق بمندوبي التوصيل الذين يتعاملون بشكل فردي مع عدة شركات أو مع المحال التجارية التي ترغب في خدمة التوصيل مباشرة. 

التحديات

رغم النمو المتسارع الذي يشهده قطاع التوصيل، يواجه هذا القطاع العديد من التحديات، أبرزها ارتفاع التكاليف التشغيلية مثل الوقود والصيانة، والتي تشكل عبئاً كبيراً على الشركات، خاصة الناشئة منها. ومع التغير المستمر في أسعار الوقود في الأردن، يواجه مقدمو الخدمات صعوبة في الحفاظ على أسعار تنافسية للعملاء مع تحقيق هامش ربح مرضٍ.

كما أن المنافسة الشديدة في السوق الأردني بين الشركات المحلية والدولية، سواء الكبيرة أو الصغيرة، تمثل تحدياً أمام الشركات الناشئة للاحتفاظ بحصتها السوقية. فشركات إقليمية ضخمة مثل «طلبات» و«ديليفرو» تتمتع بموارد كبيرة تمكنها من تقديم خدمات بجودة وأسعار تنافسية. علاوة على ذلك، فإن التغطية الجغرافية غير المتكافئة في الأردن تشكل تحدياً آخر، حيث تتركز أعمال الشركات في القطاع في كبرى المدن، بينما تعاني المناطق الريفية من نقص في مثل هذه الخدمات. 

هذا التفاوت في التغطية يحد من استفادة جميع فئات المواطنين من خدمات التوصيل، ويفتح المجال أمام العمل الخاص لمالكي المركبات للتعاون مع المتاجر أو المطاعم في المدن لنقل الطلبات إلى الأرياف. 

خير مثال على ذلك هو بلدة «الحصن» في محافظة إربد شمال المملكة، التي تشهد رواجاً في المطاعم السريعة ومتاجر بيع احتياجات المنازل، حيث يعتمد معظم أصحاب هذه المحال على سيارات خاصة لمواطنين لتشغيلهم في خدمة التوصيل إلى القرى المجاورة.

إضافة إلى ذلك، يواجه قطاع التوصيل في الأردن تحديات أخرى تتعلق بالتقنية وبنيتها التحتية، حيث إن العديد من الشركات الصغيرة لا تمتلك الموارد لتوفير أنظمة تتبع ذكية. كما أن السلامة المرورية تُعد من التحديات الهامة، خاصة فيما يتعلق بـ«السكوترات»، التي بلغ عددها في قطاع التوصيل نحو 5 آلاف سكوتر حتى نهاية 2023، حيث يواجه السائقون تحديات مرتبطة بالسلامة المرورية والبنية التحتية غير الملائمة أو غير المخصصة لحركة الدراجات النارية، مما يعرض العديد من السائقين لحوادث مرورية.

ورغم الجهود التنظيمية المبذولة في الأردن لتنظيم القطاع، لا تزال بعض القوانين والإجراءات بحاجة إلى تحديث لدعم الشركات الصغيرة وضمان تنافسيتها في السوق.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC