أصبحت السلع الفاخرة التي تشتهر بها باريس، أقل ضرورة، مع تراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها الأمنية وتزايد نفوذ الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، باتت المعدات العسكرية من السلع الباهظة الأساسية للدول.
ووفق وكالة «بلومبرغ» الأميركية، فطائرة «داسو رافال» المقاتلة الفرنسية الصنع ليست رخيصة - إذ يكلف شراء 26 منها حوالي 7.4 مليار دولار، على الأقل إذا حكمنا على شروط الشراء التي وافقت عليها الهند في 9 أبريل الجاري. ومع ذلك فإن العتاد العسكري أصبح شكلاً ضرورياً من أشكال السلع الفاخرة في عالم اليوم، في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية.
وقالت «بلومبرغ» إن السلع الفاخرة التي تشتهر بها باريس، أصبحت أقل طلبًا في الوقت الحالي. فقد أعلنت شركة (LVMH)، صانعة سترات «كريستيان ديور» وحقائب «لوي فويتون»، هذا الأسبوع عن انخفاض المبيعات في كل مجال باستثناء الساعات والمجوهرات.
وحذر الملياردير الفرنسي ورئيس شركة (LVMH) برنار أرنو، من أن هناك ألمًا اقتصاديًا «دراماتيكيًا» قادمًا.
كل هذا واضح في أداء أسعار أسهم بعض أكبر العلامات التجارية الفرنسية: فقد خسرت شركة (Kering) 31% من قيمتها هذا العام، وريمي كوينترو 25%، و(LVMH) 24%، و(Pernod) 15%.
وبحسب تقرير «بلومبرغ» مع عدم استعجال دونالد ترامب على ما يبدو في منح الاتحاد الأوروبي اتفاقًا لتجنب الرسوم الجمركية، يتمتع كبار أبطال صناعة المنتجات الفاخرة بالمرونة المالية اللازمة للانطلاق في مجالات أخرى، وقد يستفيدون من حقيقة أن كبار عملائهم يمكنهم تحمل دفع أسعار أعلى في حرب التعريفة الجمركية.
وقد أعلنت شركة «هيرميس» (Hermes)، أكثر الشركات ترفاً، بالفعل أنها ستتطلع إلى تعويض تكلفة الرسوم الجمركية الشاملة البالغة 10% في الولايات المتحدة بالكامل من خلال رفع الأسعار للأميركيين.
ولا يقتصر الأمر على عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية الأميركية، لقد كان انتعاش الاقتصاد الصيني الذي طال انتظاره بعد جائحة كوفيد-19 مخيباً للآمال، حيث أثر الركود العقاري على المستهلكين الذين يبتعدون عن المجوهرات. حتى شركة «هيرميس» أعلنت عن مبيعات مخيبة للآمال؛ بسبب تباطؤ الطلب الصيني.
وبينما يمكن أن تؤدي التهديدات بحرب حقيقية إلى زيادة الطلب على الأدوات الدفاعية المصنوعة في فرنسا، فمن المرجح أن تؤدي الحرب التجارية التي تختمر إلى تأثير معاكس لكل شيء آخر.
وفي الوقت نفسه، فإن أولئك الذين يستثمرون في الشركات الدفاعية بفرنسا الجيوسياسي يرون أفقاً أفضل، فقد ارتفعت أسهم شركات تاليس وإكسوسينس وداسو للطيران المُصنعة لطائرات رافال بنسبة 82% و73% و54% على التوالي هذا العام.
وسجلت شركة داسو للطيران قفزة بنسبة 30% في المبيعات في العام 2024، وهو العام الذي شهد تعزيز مكانة فرنسا كثاني أكبر مُصدّر للأسلحة في العالم، وفق «بلومبرغ»
وقال التقرير إنه، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق من نوع ما بشأن التعريفات الجمركية، يبدو الأمر وكأنه عالم جديد لاحتياجات القوة الصلبة: فالولايات المتحدة حريصة على «الخروج» من أوكرانيا، وتضغط على فرنسا وغيرها من حلفاء الناتو لقيادة الجهود الدفاعية في القارة، بل إنها دفعت بولندا إلى اللجوء إلى باريس من أجل الردع النووي.
ووفق «بلومبرغ» فلم تعد سلع الرفاهية أساساً في حرب الرسوم الجمركية - ولم يعد الدفاع ترفاً في عصر أكثر خطورة.
وكانت صحيفة لوموند» الفرنسية أشارت في تقرير العام الماضي، إلى أن معدلات الإنتاج الدفاعي تتسارع مدفوعة بطلبيات غير مسبوقة، كما تنظم الصناعة نفسها لإنتاج المزيد، مضيفة أن الإنفاق على الأسلحة آخذ في الارتفاع، رغم قيود الميزانية الفرنسية وقتها.