عدم اليقين والتحديات الاقتصادية تعمق الأزمة
مهمة صعبة تنتظر المستشار الألماني الجديد
قبل أن يتجه إلى تولي منصبه الجديد، تلقى فريدريش ميرز الفائز بالانتخابات الألمانية الأخيرة، بيانات جديدة جسدت عمق الأزمة التي يعيشها أكبر اقتصاد في أوروبا، وثالث أكبر اقتصاد في العالم، الاقتصاد الألماني الذي واصل انكماشه بعدما سقط فعلياً في حالة الركود التقني.
في غضون ذلك، أعلن مكتب الإحصاء الألماني، اليوم الثلاثاء، أن الاقتصاد الألماني انكمش بنسبة 0.2% في الربع الأخير من عام 2024 مقارنة بالربع السابق، في قراءة أولية.
قال مكتب الإحصاء الألماني، إن صادرات السلع والخدمات انخفضت بشكل كبير، حيث انخفضت بنسبة 2.2% مقارنة بالربع السابق، مع تسجيل انخفاض أعلى في الربع الثاني من عام 2020.
تأتي البيانات الأحدث، بعد يوم واحد من إعلان هزيمة قاسية لحزب المستشار الألماني أولاف شولتس، بعد ولاية واحدة من قيادة ألمانيا، إذ أسفرت الانتخابات عن فوز حزب المحافظين بقيادة فريدريش ميرز، والذي ينتظره العديد من الملفات الشائكة أبرزها محاولة إنعاش الاقتصاد المنكمش في ظل حرب تجارية محتملة.
في أواخر التسعينيات، عانت ألمانيا من تباطؤ اقتصادي وارتفاع البطالة ما أكسبها لقب «رجل أوروبا المريض». لكنها تخلصت منه بإصلاحات سوق العمل، ما ساهم في ازدهار اقتصادها بعد أزمة 2008.
أشار بيان وفقاً لمكتب الإحصائي الاتحادي الألماني (ديستات)، إلى أن الحسابات الأخيرة أكدت تراجع الأداء الاقتصادي على أساس سنوي بنسبة 0.2% بالنسبة لعام 2024 بأكمله.
قال المكتب في البيان: «لقد أثرت المنافسة المتزايدة من الخارج، وارتفاع تكاليف الطاقة، وارتفاع أسعار الفائدة، والآفاق الاقتصادية غير المؤكدة، على الاقتصاد الألماني، الذي انكمش في عام 2024 للعام الثاني على التوالي».
في الوقت ذاته، حذر شين أوليفر، رئيس استراتيجية الاستثمار وكبير الاقتصاديين في شركة إيه إم بي، من أن ألمانيا تواجه مستقبلاً غير مؤكد وسط التقييمات الضعيفة والتحديات الاقتصادية الكلية وتقلبات التعريفات الجمركية الوشيكة.
بحسب التقرير الشهري للبنك المركزي الألماني الصادر أمس، تواجه الظروف الاقتصادية في ألمانيا حالة صعبة ومركبة، إذ انخفض الناتج الاقتصادي الألماني بشكل كبير في الربع الرابع من عام 2024.
أشار البنك المركزي الألماني إلى أن انخفاض الصادرات بشكل ملحوظ وضعف الناتج الصناعي أثر في الاقتصاد بشكل خاص.
قال محافظ البنك المركزي الألماني يواكيم ناجل: «حالة عدم اليقين المرتفعة بشأن السياسة الاقتصادية وانخفاض استغلال الطاقة الإنتاجية بشكل كبير استمرت في التأثير في الاستثمار؛ وبالتالي الطلب المحلي على السلع الرأسمالية وأعمال البناء».
قال ميرز، المؤيد الملتزم للعلاقات عبر الأطلسي، إنه سيسعى إلى إقامة علاقات جيدة مع الولايات المتحدة في عهد ترامب، لكنه مستعد أيضاً لـ«أسوأ السيناريوهات».
أضاف ميرز في مؤتمر صحفي عقده في برلين بعد الانتخابات: «أن الإشارات كلها التي نتلقاها من الولايات المتحدة تشير إلى أن الاهتمام بأوروبا يتضاءل».
فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوروبا وأوكرانيا بإطلاق محادثات مباشرة مع روسيا لإنهاء الحرب، وكرر تصريحات روسية بشأن مسؤولية أوكرانيا المفترضة في بدء الحرب، مما أثار مخاوف في أوروبا من أنه سيوافق على شروط موسكو.
قال فريدريش ميرز الفائز بالانتخابات الألمانية: «إنه سيسعى لإجراء محادثات مع يسار الوسط لتشكيل حكومة في أسرع وقت في الوقت الذي تواجه فيه أوروبا تغيرات جذرية في العلاقات عبر الأطلسي».
أضاف ميرز: «أنه سيتواصل مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي بزعامة المستشار المهزوم أولاف شولتز على أمل تشكيل تحالف حاكم مستقر بين الحزبين التقليديين».
وقال ميرز إنه يريد تشكيل ائتلاف حاكم خلال شهرين، حتى تتمكن برلين من العمل مرة أخرى على الساحة الأوروبية والعالمية بعد أشهر من الشلل منذ انهيار ائتلاف شولتز في أوائل نوفمبر.