logo
اقتصاد

تحت وطأة الحرب.. لبنان أمام خسائر متوقعة تصل إلى 70% من الناتج المحلي

تحت وطأة الحرب.. لبنان أمام خسائر متوقعة تصل إلى 70% من الناتج المحلي
عوائل لبنانية تجلس في ساحة تأوي نازحين بسبب الحرب - 15 أكتوبر 2024المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:16 أكتوبر 2024, 01:17 م

يعاني الاقتصاد اللبناني منذ سنوات من أزمة خانقة، تزايدت حدتها بسبب الانقسام الداخلي والنزاعات في المنطقة، ما زاد من سوء الأوضاع المعيشية في البلاد، وزاد من القلق بشأن المستقبل.

وعمّقت الهجمات الإسرائيلية على لبنان الخسائر الاقتصادية، حيث شهد اقتصاد البلاد تدهوراً في الناتج المحلي وارتفاعاً في معدلات البطالة، إضافة إلى استهداف البنية التحتية الأساسية مثل الطرق، والمستشفيات، والمدارس، مما زاد معاناة السكان.

وتؤثر الأزمة الاقتصادية على الحياة اليومية للبنانيين، حيث شهدت البلاد زيادة في معدلات البطالة التي قُدرت بحوالي 29.6% في عام 2022؛ ما زاد الضغط على الاقتصاد والمجتمع في ظل هذه الظروف.

ووفقاً للبيانات الواردة في تقرير الأمم المتحدة الصادر مؤخراً، كان من المتوقع أن يحقق الاقتصاد اللبناني تعافياً في عام 2024 بنمو نسبته 1.7%، يليه نمو بنسبة 3.8% في عام 2025.

لكن تلك التقديرات كانت قبل الحرب التي شنتها إسرائيل على الجنوب اللبناني، والتي دمرت جزءاً كبيراً من البنية التحتية، وتسببت في انقطاع الخدمات الأساسية، وتدمير الطرق والجسور، وتعطيل حركة التجارة والنقل، مما أدى إلى شلل في النشاط الاقتصادي والزراعي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن استهداف المنشآت الصناعية والمرافق الحيوية راكم الخسائر، مما سيؤدي بلا شك لخسارة الوظائف و صعود بمعدل البطالة وفقدان آلاف العائلات مصادر رزقها.

أخبار ذات صلة

تداعيات الحرب.. البنك الدولي يبحث تمويلا طارئا للبنان

تداعيات الحرب.. البنك الدولي يبحث تمويلا طارئا للبنان

تكلفة باهظة

واطلعت «إرم بزنس» على دراسة أعدها المعهد اللبناني لدراسات السوق حول التكلفة الباهظة للحرب، أظهرت أن الاقتصاد اللبناني قد يتكبد خسائر تصل إلى 70% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 13 مليار دولار.

وتشير الدراسة إلى أن نحو مليون نازح لبناني توقفوا عن العمل، ما يكبد الاقتصاد خسائر إضافية تتراوح بين 500 مليون دولار إلى مليار دولار. كما أن تكلفة تلبية احتياجات النازحين من إيواء، ودواء، وطعام وغيرها تقدر بحوالي ملياري دولار، في حين أن الانكماش وتقلص النمو سيكلف الاقتصاد بين 3 و4 مليارات دولار.

وأكد الخبير الاقتصادي اللبناني، أنيس بوذياب، لـ «إرم بزنس»، أن الحرب، التي توسعت منذ 7 أكتوبر الماضي، واشتدت في سبتمبر، استنزفت الموارد الاقتصادية المتبقية للبلاد.

وأضاف أن البنية التحتية في منطقة الجنوب اللبناني، والتي يعتمد اقتصادها بشكل رئيسي على النشاط الزراعي، تعرضت للدمار بشكل مبكر، حيث تجاوزت تكلفة الدمار التقديرية في البنى التحتية 3 مليارات دولار حتى الآن، وبالتالي، كان حجم الضرر على القطاع الزراعي كبيراً، حيث توقف إنتاج أكثر من 10 ملايين متر مربع، وتعطل موسم الزيتون في الجنوب، مما يمثل خسارة يومية تزيد عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي للبنان.

وأوضح بوذياب أن الحركة التجارية في جميع المناطق اللبنانية تعطلت بشكل كبير، حيث بلغ حجم الاستثمار، الذي يُعد أحد محددات أي اقتصاد، 70 مليون دولار فقط، ما يعد مؤشراً واضحاً على تعطل الجانب الاستثماري. كما أن الإنفاق الاستهلاكي الخاص، الموجه نحو الأساسيات، بات يشكل نحو 80% من الناتج المحلي اللبناني، مما يعني توقف جزء كبير من الحركة التجارية.

انكماش الناتج المحلي

وأضاف بوذياب أن تداعيات الحرب أدت إلى تراجع الاقتصاد اللبناني بأكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث كان من المتوقع تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 1.2% خلال العام الحالي، في حين تشير الأرقام إلى نمو سلبي يتجاوز 1%.

كما حذر من أن الكارثة الاقتصادية ستكون أكبر في العام المقبل، إلى جانب الضغوط الديموغرافية الناتجة عن النزوح، والتي تزيد العبء على الخدمات والبنية التحتية، وترفع معدلات البطالة التي أصبحت تظهر بشكل واضح نتيجة الحرب.

أخبار ذات صلة

السفير اللبناني لـ«إرم بزنس»: الإمارات ملاذ آمن للبنانيين في أزماتهم

السفير اللبناني لـ«إرم بزنس»: الإمارات ملاذ آمن للبنانيين في أزماتهم

توقف السياحة

وأشار بوذياب أيضاً إلى القطاع السياحي، الذي يعتمد عليه الاقتصاد اللبناني بشكل كبير، إذ يشكل نحو 30% من الناتج المحلي، موضحاً أن هذه النسبة انخفضت إلى أقل من النصف خلال النصف الأول من العام الحالي، إلى أن توقفت بشكل كلي حالياً.

وحول الميزان التجاري اللبناني، أوضح بوذياب أن الصادرات بلغت في نهاية 2023 نحو 3 مليارات دولار، بينما وصلت الواردات إلى 16 مليار دولار، ما يمثل عجزا بالميزان التجاري قدره 13 مليار دولار. وكان يُغطى هذا العجز من تحويلات المغتربين، والقطاع السياحي، والحركة التجارية الداخلية.

وأشار إلى أن السياسة المالية ما زالت تُغطي هذا العجز محققة نوعاً من التوازن، إلا أن استمرار الحرب وغياب أفق واضح لحلها يطرح تساؤلات حول استمرارية التدفقات النقدية إلى لبنان، ومدى التزام القطاعات التجارية بدفع الضرائب، التي تشكل أكثر من نصف إيرادات الدولة، في حال تفاقمت الأوضاع الاقتصادية أكثر.

عبء كبير

أما فيما يخص السياسة النقدية التي يعتمدها المصرف المركزي اللبناني ومدى مواءمتها مع الأوضاع الحالية، فقد نوّه بوذياب بأن السياسة النقدية نجحت في الحفاظ على استقرار سعر الصرف عند نحو 90 ألف ليرة مقابل الدولار. وقد تمكن المصرف المركزي من تقليص حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية من 85 ألف مليار ليرة إلى حوالي 53 ألف مليار ليرة منذ يونيو 2023، وتأمين احتياطي أجنبي قدره 1.9 مليار دولار منذ ذلك الوقت، ما رفع الاحتياطي من 9.9 مليار دولار إلى 10.8 مليار دولار.

الزراعة الأكثر تضرراً

قالت الباحثة في القانون المالي الدولي والجرائم المالية، محاسن مرسل، في حديث لـ «إرم بزنس»، إن التنبؤ بحجم الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الحرب صعب في الوقت الراهن قبل انتهاء الأعمال العدائية من إسرائيل.

وأوضحت مرسل أن القطاع الزراعي يُعد من أكثر القطاعات الاقتصادية تضرراً، خصوصاً مع بدء موسم قطاف الزيتون، الذي تشتهر به منطقة الجنوب. وقد فرضت الاعتداءات الإسرائيلية جنوباً نفسها على المساحات المزروعة، ولا سيما في قرى المواجهة الحدودية. كما تضررت الطرق الزراعية المؤدية إلى سوريا، إلى جانب موسمي التفاح والموز اللذين كانا يستهدفان الأسواق في الأردن ودول الخليج.

ويُعتبر الزيتون المنتج الزراعي الأول في لبنان، حيث يعمل أكثر من 170 ألف مزارع في زراعته، التي تغطي 6.5% من مساحة البلاد، وتنتشر بساتينه على مساحة 667 مليون متر مربع، وتشكل 23% من المساحة الزراعية. وتتجاوز قيمة الصادرات اللبنانية من الزيتون ومنتجاته سنوياً 22 مليون دولار.

وأشارت مرسل إلى أن الصادرات تراجعت بشكل كبير، مما صاحبه أيضاً انخفاض في الواردات، حيث اقتصر السلوك الاستهلاكي للمواطن اللبناني على الحاجات الأساسية فقط.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC