logo
اقتصاد

فخ الدخل المتوسط.. 108 دول تواجه عقبات اقتصادية خطيرة

فخ الدخل المتوسط.. 108 دول تواجه عقبات اقتصادية خطيرة
سيدة تعرض أنواعاً من الأسماك للبيع في سوق مومباي للسمك، الهند، 6 يناير 2024.المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:30 سبتمبر 2024, 03:16 م

في مشهد اقتصادي عالمي معقد، يبرز مفهوم «فخ الدخل المتوسط» كأحد أبرز التحديات التي تواجه العديد من الدول. يُشير هذا المفهوم إلى الوضع الذي تتعثر فيه الدول في أثناء محاولتها الانتقال من مستوى الدخل المتوسط إلى فئة الدخل العالي.

وفقاً لتقرير حديث صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن 108 دول تعاني حالياً من هذا الفخ الاقتصادي، مما يجعلها في موقف حرج.

أكد إنديرميت غيل، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، أن العديد من هذه الدول ما زالت متمسكة بسياسات اقتصادية قديمة تعود إلى القرن الماضي. هذه السياسات، التي لم تعد ملائمة للتطورات الحالية، تعيق التقدم وتحد من قدرة الدول على الابتكار والنمو.

في ظل هذه التحديات، تبرز أهمية تحديث إستراتيجيات التنمية الاقتصادية واحتضان التغييرات الضرورية لتحقيق النجاح والنمو المستدام.

تم تقديم مفهوم «فخ الدخل المتوسط» لأول مرة في تقرير للبنك الدولي عام 2007 لوصف الدول في أميركا اللاتينية والشرق الأوسط التي، رغم النمو الاقتصادي وتراجع معدلات الفقر، لم تتمكن من تحقيق حالة الدخل المرتفع.

وبحسب تقرير البنك الدولي 2024 للتنمية العالمية، يستمر «فخ الدخل المتوسط» في التأثير في أكثر من 100 دولة حول العالم. ويتميز هذا الفخ بتحديات اقتصادية مثل النمو البطيء، والمنافسة في الأجور، ونقص الابتكار، مع اعتماد العديد من الدول على «تدابير سطحية للكفاءة الاقتصادية» مما يعزز من توقفها التنموي.

ويصنف البنك الدولي الدول ذات الدخل المتوسط على أنها تلك التي يتراوح دخلها القومي الإجمالي للفرد بين 1,136 دولاراً و13,845 دولاراً. وتُقسم هذه الفئة إلى دول ذات دخل متوسط أدنى للفرد، من 1,136 دولاراً إلى 4,465 دولاراً، ودول ذات دخل متوسط أعلى للفرد، من 4,466 دولاراً إلى 13,845 دولاراً.

حالياً، يعيش حوالي 75% من سكان العالم في دول ذات دخل متوسط، التي تمثل أيضاً 40% من الناتج الاقتصادي العالمي. وكشف التقرير أن حوالي 66% من الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع هم في هذه الدول ذات الدخل المتوسط.

وتشمل قائمة الـ 108 دول العالقة في «فخ الدخل المتوسط» دولاً كبرى مثل الصين والبرازيل وتركيا والهند، حيث أشار التقرير إلى أنها تواجه تحديات كبيرة بسبب اعتمادها على سياسات قديمة، مما يعوق تقدمها في مجالات النمو الاقتصادي والابتكار.

وبيّن الصندوق الدولي للنقد، بحسب التقرير، أن الدول العالقة في الفخ تجد نفسها بين تقنيات الدول الغنية المتقدمة والمنافسة من الدول ذات الأجور المنخفضة التي تنتج منتجات ناضجة. نتيجة لذلك، يؤكد البنك الدولي أن المفتاح للخروج من الفخ يكمن في تعزيز الإنتاج من خلال الابتكار، وهو تحدٍّ تجد العديد من الاقتصاديات صعوبة في تحقيقه على نطاق واسع.

أوضح التقرير أن تحقيق حالة الدخل العالي قد تستغرق أجيالاً عديدة إذا استمرت معدلات النمو الحالية. وانتقد غيل النهج الحالي للعديد من الدول ذات الدخل المتوسط، مشبهاً إياه بـ«قيادة سيارة بالكامل في السرعة الأولى»، مؤكداً أن تغيير الإستراتيجية أمر حاسم، وأوصى بنهج أكثر تعقيداً يتجاوز جذب الاستثمار فقط.

وعند الوصول إلى حالة الدخل المتوسط الأدنى، أوصى التقرير بتعديل السياسات لتسهيل مزيج من الاستثمار والتحفيز، مع التركيز على توسيع استخدام التكنولوجيا المتقدمة. وبعد الوصول إلى حالة الدخل المتوسط الأعلى، على الدول إضافة الابتكار إلى إستراتيجياتها الاقتصادية.

وتتطلب هذه المرحلة، بحسب التقرير، إعادة هيكلة المؤسسات والعمل، واستخدام الطاقة، مع التركيز بشكل أكبر على الحرية الاقتصادية، وتحسين الوضع الاجتماعي، وقابلية التنافس السياسي.

وأكد تقرير البنك الدولي على إستراتيجية (3i) للتغلب على «فخ الدخل المتوسط»، والتي تشمل نهجاً مرحلياً للاستثمار والتحفيز والابتكار. في البداية، على الدول ذات الدخل المنخفض التركيز على زيادة الاستثمار. وكمثال على ذلك، ذكر التقرير الإصلاحات التي نفذتها كولومبيا في عام 2001، والتي أدت إلى زيادة الاستثمار من خلال تقليص الإنفاق الحكومي، وتعويم سعر الصرف، وتعزيز استقلال البنك المركزي.

كما تعتبر كوريا الجنوبية نموذجاً ناجحاً لتنفيذ إستراتيجي (3i)، ففي السبعينيات والثمانينيات، سعت كوريا الجنوبية إلى إصلاحات لتشجيع الاستثمارات الخاصة وسياسات صناعية أدت إلى زيادة استخدام التكنولوجيا وكفاءة الإنتاج. وكانت النتائج الاقتصادية مدهشة، إذ ارتفع دخل الفرد في كوريا الجنوبية من 1,200 دولار في عام 1960 إلى 33,000 دولار في عام 2023، وفقاً للبنك الدولي.

وأضاف غيل أن تحقيق حالة الدخل العالي يتطلب سياسات تدعم المنافسة، وتحافظ على توازن بين الشركات الكبرى والشركات الناشئة. وحث الحكومات على التركيز على القيمة التي تضيفها الشركات إلى الاقتصاد وتعزيز التنقل الاجتماعي للمواطنين جميعهم بدلاً من التركيز على سياسات صفرية لتقليص الفجوة في الدخل.

وعلى الرغم من التحديات مثل الشيخوخة السكانية، والتوترات الجيوسياسية، والصعوبات البيئية، يهدف تقرير البنك الدولي 2024 للتنمية العالمية إلى جعل مفهوم «فخ الدخل المتوسط» قديماً من خلال تقديم إطار جديد للنمو الاقتصادي.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC