الإعفاءات الجديدة تشمل معدات طبية ومواد كيمائية
بكين تدرس إعفاء استئجار الطائرات من الرسوم
يبدو أن الحرب العالمية الثانية للتعريفات الجمركية التي قاد إشعالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في طريقها إلى النهاية، وإن حدث ذلك، فستكون حرباً قصيرة للغاية مقارنة بحرب استمرت عامين، ويزيد خلال ولايته الأولى.
والجديد اليوم تقارير صحفية دولية تفيد بأن السلطات الصينية تدرس إعفاء بعض السلع الأمريكية من الرسوم الجمركية، عبر إزالة الرسوم الإضافية على المعدات الطبية وبعض المواد الكيميائية الصناعية مثل الإيثان، تزامناً والأنباء عن جلوس بكين، وواشنطن على طاولة المفاوضات لإنهاء حرب التعريفات والرسوم الجمركية بين البلدين.
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن إدارته منخرطة في مباحثات تجارية مع الصين، رغم نفي بكين لوجود أي مفاوضات بين الجانبين.
وأوضح ترامب خلال لقاء مع رئيس وزراء النرويج أمس، أنه تم عقد اجتماع بين مسؤولي إدارته وممثلين عن الصين في اليوم ذاته.
يأتي ذلك بعد دخول الأسواق حالة هدوء مؤقت عقب تحول مفاجئ في نبرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتشددة بشأن التعريفات الجمركية، والتي كلفت الأسواق العالمية خسائر تخطت الـ6 تريليونات دولار.
وفقاً للتقارير، فإن بكين تدرس إعفاء استئجار الطائرات من الرسوم الجمركية، إذ لا تمتلك شركات الطيران الصينية جميع طائراتها، وتدفع رسوم تأجير لشركات خارجية لاستخدام بعض الطائرات، وهي مدفوعات كانت ستُلحق ضررا ماليا كبيرا بالشركات مع فرض الرسوم الجمركية الإضافية.
تُحاكي الإعفاءات التي تدرسها الصين خطواتٍ مماثلة من جانب الولايات المتحدة، التي استثنت الإلكترونيات من تعريفتها الجمركية البالغة 145% على الواردات الصينية في وقتٍ سابق من هذا الشهر.
وتعكس هذه التراجعات مدى الترابط العميق بين أكبر اقتصادين في العالم، حيث توقفت بعض الصناعات الرئيسية عن العمل بعد تصاعد الحرب التجارية بين القطبين الاقتصاديين.
خلال فترة ولايته الأولى في 2018، بدأ ترامب حرباً تجارية ضروساً استمرت عامين مع الصين بسبب فائضها التجاري الضخم مع الولايات المتحدة، تبادل البلدان خلالها فرض رسوم جمركية على سلع بمئات المليارات من الدولارات ما أربك سلاسل التوريد العالمية، وألحق الضرر بالاقتصاد العالمي.
وافقت الصين في 2020 على إنفاق 200 مليار دولار إضافية سنوياً على السلع الأميركية، لكن الخطة خرجت عن مسارها بسبب جائحة «كوفيد-19» ليتسع العجز التجاري السنوي إلى 361 مليار دولار لصالح الصين.
رغم أن واردات الولايات المتحدة من الصين أكبر بكثير من واردات الصين، فإن خطوة بكين تُسلّط الضوء على قطاعات الاقتصاد الصيني التي لا تزال تعتمد على السلع الأميركية.
الصين هي أكبر مُصنّع للبلاستيك في العالم، إلا أن بعض مصانعها تعتمد على الإيثان، الذي يُستورد بشكل رئيس من الولايات المتحدة.
في الوقت ذاته، تعتمد المستشفيات الصينية على معدات طبية متطورة، مثل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي والموجات فوق الصوتية، وهي من إنتاج شركات أميركية مثل «جنرال إلكتريك» لتقنيات الرعاية الصحية.
لا تزال قائمة الإعفاءات قيد الدراسة، وفقا للتقارير طلبت السلطات من الشركات في القطاعات المعرضة للخطر تقديم الرموز الجمركية للسلع الأميركية اللازمة لإعفائها من الرسوم الجمركية الجديدة.
جنبا إلى جنب وإعفاء بعض مواد كيميائية رئيسة، تدرس بكين إعفاء بعض مكونات صناعة الرقائق، وفقا لتقارير نشرتها صحيفة كايجينغ الصينية، اليوم الجمعة.
وفقاً للتقارير تستعد بكين لإلغاء رسوم جمركية إضافية على ثمانية منتجات على الأقل مرتبطة بأشباه الموصلات، إلا أن هذه المنتجات لا تشمل رقائق الذاكرة حالياً، مما قد يشكل ضربة موجعة لشركة «ميكرون تكنولوجي»، ثالث أكبر شركة لتصنيع رقائق الذاكرة في العالم.
سبقت واشنطن بكين في إزالة الرسوم، إذ أعفت إدارة ترامب الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وغيرها من الأجهزة الإلكترونيةـ ما يُسمى بالرسوم الجمركية المتبادلة، وهو إعفاء كبير لمصنعي التكنولوجيا العالميين، بما في ذلك «أبل» و«إنفيديا»، وإن كان مؤقتاً.
وتنطبق الاستثناءات الأميركية على الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة ومحركات الأقراص الصلبة ومعالجات الكمبيوتر وشرائح الذاكرة، إضافة إلى شاشات العرض المسطحة.
في مطلع الأسبوع، رفضت الصين الرضوخ لما وصفته بالابتزاز الأميركي، وتعهدت بالقتال حتى النهاية، مع إشارة السلطات في بكين إلى انفتاحها على التفاهم والتفاوض مع واشنطن لتجنب الانجراف إلى حرب حمائية يخسر فيها الجميع.
أكد وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو في بيان لوزارة التجارة مطلع الأسبوع، أن بلاده ترغب بحل الخلافات من خلال التشاور والمفاوضات، لكن إذا مضى الجانب الأميركي في طريقه، فإن الصين ستقاتل للنهاية.
منتصف الأسبوع، اشترط الرئيس الأميركي لإنهاء حرب الرسوم المتبادلة والتعريفات الانتقامية، شرطاً واحداً على بكين هو الشرط ذاته الذي وضعته بكين، خفض التعريفات والرسوم قبل التفاوض.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت: «أوضح الرئيس أن الصين بحاجة إلى إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية، ونحن متفائلون بحدوث ذلك، وعندما يستمر هذا الوضع، يعود الأمر للرئيس في تحديد معدل الرسوم الجمركية على الصين».
كما عبّر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، عن اعتقاده بأن الرسوم الجمركية المرتفعة بين الولايات المتحدة والصين يجب أن تنخفض قبل استئناف المفاوضات التجارية.
في الثاني من أبريل، بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب حربًا تجارية بفرض رسوم جمركية على جميع السلع الصينية بنسبة 54%، ومنذ ذلك الحين، ردّت بكين بالمثل، متعهدةً بالمضي قدما حتى النهاية.
بعد أيام قليلة، رفع ترامب الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 145%، بينما رفعت بكين الرسوم الجمركية على السلع الأميركية إلى 125%.
ومؤخراً، صرّح البيت الأبيض بأنه ردًا على الرسوم الصينية، ستواجه الصين الآن رسوماً جمركية على الواردات الأميركية قد تصل إلى 245%.
في غضون ذلك، تبادلت بكين وواشنطن الاتهامات بممارسات تجارية غير عادلة خلال اجتماع غير رسمي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أول أمس، وسط تصاعد حربهما التجارية، وفي إطار مساعي كل منهما لتصوير الآخر كطرف يمارس الاستقواء على العالم.
منذ يومين دعا ترامب الصين إلى الاتصال به لبدء المفاوضات لحل النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، وردت الصين بأنها تريد رؤية سلسلة من الإجراءات من إدارة ترامب قبل الموافقة على محادثات تجارية مع الولايات المتحدة.
كما أعلن ترامب أن الرسوم الجمركية على السلع الصينية ستنخفض بشكل كبير، لكنه أشار إلى أنها لن تُلغى بالكامل، ومن الممكن خفضها قبل بدء مفاوضات تجارية.