logo
مقالات الرأي

هل يمكن العودة إلى ما قبل العولمة؟

هل يمكن العودة إلى ما قبل العولمة؟
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث بعد توقيع أمر تنفيذي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن العاصمة، يوم 9 أبريل 2025. المصدر: أ ف ب
تاريخ النشر:23 أبريل 2025, 06:11 م

منذ صعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اتخذت السياسة التجارية للولايات المتحدة مساراً مختلفاً، أقرب إلى الانفصال المتعمد عن الاقتصاد العالمي، عبر موجات من الرسوم الجمركية الانتقامية، والخروج من الاتفاقيات متعددة الأطراف، والدعوة إلى إعادة سلاسل الإنتاج إلى الداخل الأميركي.

هذه السياسات تستند إلى فرضية أساسية مفادها أن الولايات المتحدة كانت ضحية للعولمة، وأن «استعادة العدالة التجارية» لا يمكن أن تتم إلا من خلال الانعزال الاقتصادي النسبي.

أخبار ذات صلة

«صندوق النقد»: الدين العالمي يتجاوز مستوى «كوفيد-19» بسبب التعريفات

«صندوق النقد»: الدين العالمي يتجاوز مستوى «كوفيد-19» بسبب التعريفات

لكن السؤال الأكبر يظل مطروحاً:

هل يمكن فعلاً إعادة عجلة الاقتصاد العالمي إلى الوراء؟

وهل من الواقعي أن نتصور عالماً شبيهاً بما كان عليه قبل التسعينيات، حيث كانت الصناعات محلية، والأسواق مغلقة، والتجارة الدولية محكومة بحواجز عالية؟

الإجابة الاقتصادية، كما يراها معظم الخبراء، هي: لا.

العولمة لم تكن صدفة.. بل نتيجة سعي نحو الكفاءة

من المهم أن نتذكر أن العولمة لم تكن مؤامرة خارجية ضد العمال الأميركيين أو الغربيين، بل كانت نتاجاً طبيعياً لسعي الشركات والمستهلكين والحكومات إلى خفض التكاليف، وتوسيع الأسواق، وتعظيم الأرباح.

  • الشركات استفادت من سلاسل التوريد العالمية، حيث يمكن تصنيع الأجزاء في آسيا، وتجميعها في أوروبا، وتوزيعها في أميركا.
  • المستهلكون اعتادوا على تنوع في المنتجات، وجودة أعلى بأسعار أقل.
  • الحكومات اعتمدت على النمو المدفوع بالتجارة لتمويل التنمية، وتوليد فرص العمل.

 فهل يمكن التراجع عن هذا كله بجرة قلم أو قرار جمركي؟

الشركات والمستهلكون لن يتنازلوا بسهولة

تطبيق الرسوم الجمركية من قبل إدارة ترامب أثبت شيئاً مهماً:

إن مقاومة العولمة ليست مجرد معركة سياسية، بل هي معركة ضد منظومة حوافز اقتصادية قوية.

  • الشركات الكبرى التي اعتادت على الكفاءة في التصنيع لن تضحي بسهولة بهوامش أرباحها من أجل شعار سياسي.
  • المستهلكون الذين اعتادوا على أسعار معقولة وتنوع في الخيارات لن يقبلوا بدفع الضعف مقابل شراء منتج «محلي» بنفس الجودة.
  • وسلاسل التوريد المعقدة، التي تمتد من كوريا إلى المكسيك، مروراً بالصين وفيتنام، لن تُفكّ بسهولة دون أن تخلق فوضى في الأسواق، وارتفاعاً في الأسعار، وتراجعاً في التنافسية.

 العالم تغيّر.. والمستقبل لن ينتظر أحداً

في عالم تزداد فيه سرعة التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، والاتصالات، أصبحت الحدود الاقتصادية أضعف من أن تعوق تدفق الأفكار، والمنتجات، ورؤوس الأموال.

حتى حين تحاول بعض الدول «إعادة تموضع العولمة» من خلال مفاهيم مثل (friend-shoring) أو (decoupling)، فهي لا تفعل ذلك كلياً، بل تبحث عن بدائل أكثر أماناً داخل نفس المنظومة العالمية.

أخبار ذات صلة

ترامب يدمّر الدولار.. حروب «التعريفات» و «الفيدرالي» تنسف ثقة الأسواق

ترامب يدمّر الدولار.. حروب «التعريفات» و «الفيدرالي» تنسف ثقة الأسواق

العولمة قد تتغير.. لكنها لن تتراجع

ما تحاول إدارة ترامب فعله من خلال سياسات الرسوم الجمركية المتبادلة هو إعادة العالم إلى مرحلة ما قبل الترابط العالمي، لكنه رهان ضد المنطق الاقتصادي، وضد رغبات الأسواق، وضد سلوك المستهلك.

في النهاية، قد تتغير العولمة، وتعيد ترتيب أولوياتها، وتعزز أمن سلاسل التوريد، وتنوع مصادرها…لكنها لن تختفي، لأن العالم ببساطة ذاق فوائدها، ولن يقبل بسهولة العودة إلى الوراء.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC