logo
طاقة

معركة استحواذ بـ53 مليار دولار بين 3 عمالقة بقطاع النفط

معركة استحواذ بـ53 مليار دولار بين 3 عمالقة بقطاع النفط
تاريخ النشر:27 مايو 2024, 06:15 م
يتصادم الرؤساء التنفيذيون لشركات "إكسون موبيل"، و"شيفرون"، و"هيس"، العاملة في صناعة النفط والغاز، حول صفقة استحواذ بقيمة 53 مليار دولار يمكن أن تعيد تشكيل مستقبل صناعة النفط.

بعد أيام من إتمامه صفقة شراء شركة "هيس" بقيمة 53 مليار دولار، اتصل الرئيس التنفيذي لشركة "شيفرون"، مايك ويرث، بنظيره في شركة إكسون موبيل لمناقشة شراكتهما المستقبلية في مشروع نفط ضخم في غيانا، أميركا الجنوبية، حيث تمتلك "إكسون" و"هيس" أجزاء من كنز مدفون يبلغ 11 مليار برميل من النفط والغاز، سترثه "شيفرون" من خلال الصفقة، وأعرب وودز في البداية عن حماسه للشراكة، مشيراً إلى احتمال توسيع تعاونهما طويل الأمد.

ومع ذلك، بعد أسابيع، غيرت "إكسون" موقفها بشكل كبير، إذ طالب المسؤولون التنفيذيون فيها، إلى جانب شريكهم الثالث شركة (CNOOC) الصينية، بحق تعاقدي لمضاهاة عرض "شيفرون" لشراء حصة "هيس" في غيانا بشكل استباقي. وقد صدمت هذه الخطوة غير المتوقعة "شيفرون" و"هيس"، مما أدي الى فشل المحادثات الخاصة. وبعد مفاوضات استمرت لعدة أشهر، فاجأت شركة "إكسون" منافسيها مرة أخرى بتقديم طلب للتحكيم في مارس، ما قد يؤدي إلى إغراق أكبر صفقة لشركة "شيفرون" على الإطلاق.

واندلع هذا النزاع، الذي يتوقف على تفسير عقد سري، كالصاعقة في هيوستن، قلب صناعة النفط في الولايات المتحدة، والتي لم تشهد معركة عملاقة مثل هذه بين شركات النفط منذ أن أجبرت معركة قضائية مع شركة "بينزويل" شركة "تكساكو" على الإفلاس في الثمانينيات.

إن الثروات المتشابكة لشركات "إكسون"، و"شيفرون"، و"هيس"، جنباً إلى جنب مع مديريها التنفيذيين، دارين وودز، ومايك ويرث، وجون هيس، أصبحت الآن على المحك. فإذا فازت "إكسون" في التحكيم، سيصبح استحواذ "شيفرون" على "هيس" مستحيلاً فعلياً. وبالنسبة لرجل النفط جون هيس، فإن ذلك يعني صعوبة بيع شركته التي تحمل اسمه، ويثير التساؤلات حول ما هو التالي بالنسبة لرئيس تنفيذي على وشك استكمال إرثه في قيادة الشركة من خلال صفقة بالغة الأهمية.

وبالنسبة إلى ويرث، فإن خسارة هذه الصفقة ستكون ثاني فرصة كبيرة ضائعة خلال السنوات الخمس الماضية، مما يزيد الضغط عليه لتأمين أصول نفطية مهمة أخرى. وعلى العكس من ذلك، يمكن أن يستفيد وودز من الوضع من خلال الاستحواذ على المزيد من مشروع غيانا، إذا كان هيس مستعداً للبيع.

وتزايدت الحاجة الملحة لتأمين احتياطيات النفط المستقبلية مع استنفاد العديد من الحقول، وأصبح الاستكشاف أكثر خطورة وأقل جدوى من الناحية المالية. كما أصبحت وول ستريت تكره المغامرة بالمليارات في الحقول الجديدة، مع ابتعاد الدول عن الوقود الأحفوري، مما جعل من مجمع ستابروك غزير الإنتاج في غيانا، واحداً من أكثر المناطق المرغوبة في العالم، وجوهرة التاج لشركتى "إكسون" و"هيس".

وبعد إعلان استحواذ "شيفرون"، قام الفريق القانوني لشركة "إكسون" بمراجعة دقيقة لعقد التشغيل المشترك لمشروع غيانا، الذي تمت كتابته منذ عقود. وتتركز حجة "إكسون" على بند حق الرفض الأول للشركاء الحاليين، عندما ترغب إحدى الشركات في البيع، اذ تعتقد شركة "إكسون" أن هذا الحق ينشأ من خلال محاولة الاستحواذ على الشركات، بينما تعتقد "شيفرون" أن هذا الحق ينطبق فقط على بيع الأصول.

وخلال أشهر من المناقشات، طرحت شركة "إكسون" عدداً من المخاوف التي اعتقدت "شيفرون" أنها تستطيع معالجتها، وبدا أن كلا الجانبين يعمل على التوصل إلى حل، إلا أن المحادثات انتهت فجأة في شهر مارس عندما أعلن نيل تشابمان، نائب الرئيس الأول في شركة "إكسون"، في مؤتمر للمستثمرين أن شركته تقدمت بطلب للتحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس. علمت "شيفرون" بهذه الخطوة قبل ساعات قليلة فقط من الإعلان.

وإذا صح ادعاء "إكسون"، فإن ممتلكات "هيس" في غيانا، التي تقدر قيمتها بأكثر من 40 مليار دولار، ستكون بمثابة عقبة لأي مشترٍ محتمل، باستثناء شركة "إكسون". ويؤكد وودز ونائب الرئيس الأول نيل تشابمان هدفهما المتمثل في الحفاظ على النزاهة التعاقدية وفهم مدى تقدير شركة "شيفرون" لغيانا، ومن ثم تحديد الخيارات التي يجب استكشافها. وقال وودز إنه غير مهتم بشراء شركة "هيس" بشكل كامل، لكنه لم يستبعد شراء حصة "هيس" من المشروع.

ويشعر جون هيس، الذي يقود آخر شركة نفط أميركية كبرى تسيطر عليها عائلة واحدة، بالإحباط بشكل خاص، فقد كان من المفترض أن تكون عملية البيع لشركة "شيفرون" توديعاً ملكياً له، مما يسمح له بدمج الشركة التي استحوذ عليها من والده الشهير ليون هيس، مع ثاني أكبر شركة نفط غربية. وتنص اتفاقية الاندماج على انضمام جون هيس، البالغ من العمر 70 عاماً، إلى مجلس إدارة شركة "شيفرون"، وهو الدور الذي من شأنه أن يمنحه رأياً في مستقبل الكيان المدمج.

لسنوات عديدة، كانت "إكسون" و"شيفرون" صديقتين عدوتين، فهما شريكتان في مشروعات بمليارات الدولارات في أماكن مثل كازاخستان وأستراليا. وفي نظر العديد من المستثمرين، لعبت "إكسون" منذ فترة طويلة دور الأخ الأكبر لشركة "شيفرون"، مع إنتاج أكبر للنفط وأرباح متفوقة. لكن المنافسة تحولت في منتصف عام 2010 عندما بدأت عائدات المساهمين في شركة "شيفرون" في بعض السنوات تتجاوز عائدات الصناعة، بما في ذلك عائدات شركة "إكسون".

إن فوز "إكسون" في التحكيم من شأنه أن يمنحها حق النقض على من سيتم بيع "هيس" إليه، أو حتى إذا كان سيتم بيعها على الإطلاق. وهذا يعني أن "هيس" قد تستمر في العمل كشركة مستقلة، الأمر الذي يثير التساؤلات حول ما إذا كان جون هيس سيبقى على رأس الشركة، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فمن سيخلفه. 

وعلى الرغم من المخاطر المتعلقة بسمعة شركة "إكسون"، فإن نتيجة هذا التحكيم أيضا هي أكثر أهمية بالنسبة لشركة "شيفرون"، إذ إن خسارة صفقة "هيس" قد تؤثر بشدة على احتياطيات وأرباح الشركة النفطية طويلة الأجل. وقال المحللون إنه إذا فشلت صفقة "هيس"، ولم تستحوذ "شيفرون" على شركة أو أصول كبيرة أخرى، فإن محفظة إنتاج النفط للشركة قد تتضاءل في السنوات المقبلة، خاصة مع اشتداد المنافسة على عمليات الاستحواذ الجذابة بين الشركات الأخرى.

ولا تزال آفاق "شيفرون" الأخرى، بما في ذلك التنقيب الحدودي في ناميبيا وإمكانات الغاز الطبيعي المسال في شرق البحر الأبيض المتوسط، ومشروعها الضخم في كازاخستان وعملياتها في خليج المكسيك والحوض البرمي في غرب تكساس ونيو مكسيكو، واعدة ولكن يُنظر إليها على أنها أقل إلحاحاً من حصة غيانا، الذي من المتوقع أن ينتج 1.2 مليون برميل يوميا بحلول عام 2027.

ويستعد العديد من كبار المستثمرين في "هيس" للامتناع عن التصويت على الصفقة بسبب الخلاف المستمر مع "إكسون"، مما يجعل مصير الصفقة غير مؤكد. وإذا انهارت الصفقة، فلن يؤدي ذلك إلى تعطيل خروج جون هيس المخطط له فحسب، بل سيخلق أيضاً اضطراباً داخل القوى العاملة في "هيس"، القلقة بالفعل بشأن مستقبل الشركة.

يمتلك جون هيس وعائلته ما يقرب من 9% من أسهم "هيس" والتي تبلغ قيمتها حوالي 4.3 مليار دولار، ومن المتوقع أن يحصل الرئيس التنفيذي على صافي نحو 50 مليون دولار نقداً وعلى شكل أسهم في حال تم الاستحواذ، وفقاً لإيداعات الشركة.

يقول جون ليفين، مؤسس شركة "ليفين كابيتال ستراتيجيز لإدارة الأصول" وأحد المساهمين في "هيس" على المدى الطويل: "إذا قرر جون هيس البيع، فحتماً سيجد من يشتري".

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC