logo
طاقة

أزمة كهرباء تهدد ليبيا وسط شبح الإغلاق النفطي

أزمة كهرباء تهدد ليبيا وسط شبح الإغلاق النفطي
منظر جوي لسيارات تمر أمام ميدان الشهداء في طرابلس، 2 سبتمبر 2023.المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:12 سبتمبر 2024, 05:18 م

احتجاجات جديدة في ليبيا، تعود إثر زيادة في انقطاعات للتيار الكهرباء في البلاد، في أعقاب إغلاقات نفطية، وأزمة للمصرف المركزي، قبل أن تحذّر شركة الكهرباء البلاد في خطاب للنائب العام الصديق الصور، من «نقص إمداد الوقود والغاز، واحتمال حدوث ظلام كلي أو جزئي، وتأثير سلبي على النشاط الاقتصادي، وحياة المواطنين».

خبراء تحدثوا لـ«إرم بزنس»، أكدوا أن الإغلاقات النفطية، وأزمة المصرف المركزي، فاقمت انقطاعات الكهرباء في مختلف المدن الليبية، بشكل واضح، وسط نقص في الوقود والغاز، وتعطل الاعتمادات المالية للاستيراد، محذّرين من خسائر في قطاع الكهرباء لن تنفع المولدات الكهربائية في تعويضها، خاصة وهي تعتمد بالأساس على الوقود الذي يشهد نقصاً واضحاً أيضاً.

وكان انقطاع الكهرباء صيفاً في ليبيا، سبباً في خروج احتجاجات عديدة بين عامي 2020، و2023، وفي 2024، استمرت الانقطاعات، شرق وجنوب ليبيا، ومناطق قرب العاصمة طرابلس مع انتشار المولدات الخاصة وسط عجز يصل إلى 1000 ميغاواط شتاءً، وأكثر من 2500 ميغاواط صيفاً، رغم إنتاج للطاقة الكهربائية، بين 5.5 و8 آلاف ميغاوات يومياً، وفق إعلام محلي.

وتفاقمت الأوضاع، أواخر أغسطس الماضي، مع اندلاع أزمة المصرف الليبي، المسؤول على فتح اعتمادات استيراد الوقود، مع إقالة «المجلس الرئاسي»، الصديق الكبير محافظ البنك المركزي (المشرف على إيرادات النفط وميزانية الدولة)، وما تلاها من إغلاقات الحقول النفطية، وفق إعلان حكومة شرق البلاد التي تتحكم في أغلبها.

وكالة الأنباء الليبية الرسمية أكّدت، في 10 سبتمبر الجاري، أن «انقطاع الكهرباء عاد إلى بعض المدن والقرى الليبية مع بداية الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، إلا أنه تفاقم ليشمل عموم البلاد بعد أزمة مصرف ليبيا المركزي، وقرار وقف إنتاج النفط».

وتُنفق ليبيا، سنوياً، حوالي 700 مليون دولار لدعم الكهرباء، غير أن هناك معاناة من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة أجبرت على اللجوء لاستخدام المولدات التي تعمل بالوقود الذي لا يكون في العادة متوفراً إلا في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، وفق الوكالة.

وفي 7 سبتمبر الجاري، شهدت ليبيا احتجاجات على انقطاع الكهرباء في عين زارة في العاصمة الليبية طرابلس، ومدينة أوباري في الجنوب الغربي، وفق إعلام محلي، وفي اليوم التالي أرسلت شركة الكهرباء في ليبيا، (حكومية) خطاباً إلى النائب العام، محذّرة من حالات إظلام كلي أو جزئي، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الليبية الرسمية في 10 سبتمبر الجاري.

وأوضحت الشركة أنها «واجهت في الآونة الأخيرة نقصاً ملحوظاً في إمدادات الوقود لمحطات التوليد، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية، مما قد يؤدي إلى حالات إظلام جزئي أو كلي».

وأكدت أنها «سبق أن نبهت إلى خطورة هذا الوضع من خلال مراسلات حكومية متعددة، وكان آخرها إلى المؤسسة الوطنية للنفط، مطلع شهر سبتمبر الجاري، (بعد أزمة المصرف والإغلاقات)»، محذّرة من أن «استمرار نقص إمدادات الوقود يُشكل تهديداً حقيقياً للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، لا سيما خلال فترة الذروة الصيفية والشتوية».

وليبيا تعتمد على حوالي 95% من احتياجاتها للطاقة من النفط والغاز، ويمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي، حيث يشكل قرابة 96% من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98% من إيرادات خزينة الدولة.

معاناة

المحلل الاقتصادي الليبي خالد بوزعكوك، في حديث لـ«إرم بزنس»، قال إن انقطاعات متكررة للكهرباء، طالت أغلب مدن ليبيا في الشرق، والغرب، والجنوب، لاسيما في طرابلس مع ارتفاع درجات الحرارة، وتبعات ما حدث في أزمة مصرف ليبيا المركزي، وما تبعه من إغلاق جزئي للنفط.

ويرجع بوزعكوك ذلك إلى أن «محطات إنتاج وتوليد الكهرباء تواجه معضلة في التزود بانتظام بشحنات الوقود والغاز مع صعوبة فتح الاعتمادات المالية من جانب المؤسسة الوطنية في ظل أزمة المصرف والحصول على العملة الصعبة الدولار لاستيراد منتجات تشغيل المحطات».

ومن المعروف أن وقود الديزل، والزيت الثقيل، يقومان بتشغيل عدد من المحطات في طرابلس والمنطقة الغربية، وليبيا تعتمد على استيراد هذه المشتقات لتشغيل المحطات البخارية المزدوجة بنسبة تصل إلى 90%، وفق حديث بوزعكوك.

ولفت إلى أن «استمرار إغلاق حقل الشرارة النفطي، منذ الشهر الماضي، الذي يغذّي محطة الزاوية البخارية، ومصفاة الزاوية لتكرير النفط، جعل هناك إشكالية لدى الشركة التي تقوم بتزويد محطات الطاقة بهذه المنتجات»، يضاف لها نقص في بنزين السيارات.

كما أن «هناك عجزاً في الكميات التي تستوردها المؤسسة الوطنية للنفط لتشغيل محطات  الكهرباء، وهناك إشكالية في انتظام وصول  الغاز الذي يقوم بتشغيل محطات أخرى كمحطة الزويتينة، وشمال بنغازي، والسرير الإنتاجية»، وفق بوزعكوك.

وباعتقاد بوزعكوك، أنه «لو استمرت أزمة المصرف، ستهتز ثقة الشركات التي تقوم بالتصدير إلى ليبيا، وقد تتأخر وصول البواخر المحملة بالمنتجات المكررة الخاصة بتشغيل المحطات الكهربائية إلى الموانئ الليبية».

ويرجح أن «الأزمة ستزداد في المستقبل القريب»، في حال عدم قدرة السلطات المتنازعة شرقاً وغرباً على إيجاد حلول، وستستمر عملية الانقطاع، وستزداد ساعات طرح الأحمال أكثر، لافتاً إلى أن «التوصل إلى أي حل يعني أن الأزمة في طريقها للحل تدريجياً».

وفي 8 سبتمبر الجاري، نفت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان، صحة عدم تزويد محطات الكهرباء بالكميات المطلوبة من الوقود والغاز، وقالت إنه «يتم وفق البرامج المعتادة وبشكل منتظم»، مؤكدة أنها «توفر الاحتياجات المطلوبة من الوقود والغاز وفق ما هو متاح لها من إمكانيات، مع مراعاة الظروف التشغيلية والإنتاجية»، دون أن توضيح طبيعة الظروف أو المتاح.

طاقة إضافية

من جانبه، قال الخبير النفطي الليبي، الدكتور محمد الشحاتي لـ«إرم بزنس»، إن «ما يشار إليها، رسمياً، بأن هناك خططاً، وجداول زمنية مسبقة، غير فعالة، بدليل حدوث الأزمات، مما يستوجب مراجعتها».

وبرأي الشحاتي، وهو خبير نفطي سابق في منظمة أوبك، فإن «عدم وجود مصرف مركزي يعمل، يعني عدم القدرة على تحويل الأموال اللازمة للإنتاج، وعدم وجود إنتاج يعني عدم القدرة على التكرير أو المبادلة، وسط تخبط في تقدير الاستهلاك وإنكار النمو في الاستهلاك كأن المجتمع الليبي جامد سكانياً واقتصادياً».

وبحسم، يعتقد أنه «لا حلول دون التوافق السياسي، والتوزيع العادل»، مضيفاً أنه: «حتى المولّدات التي يُلْجَأ إليها ليست حلاً، فمن أين سيتم تزويدها بالوقود؟»

وإذا تم حل أزمة المصرف والإغلاقات، يرجح الخبير النفطي الليبي «استمرار أزمة الكهرباء»، لأسباب بينها «وجود تقصير في توقع نمو الطلب، ما ترتب عليه عجز في طاقة التوليد، مع عدم التوسع في بناء محطات، وعدم الصيانة الدورية، خلال سنوات سابقة، لنظيرتها العاملة، ما جعل الإنتاجية منخفضة، والفاقد فيها كبيرًا للغاية، وتراجع تزويد الغاز الطبيعي، السنوات الماضية، مما رفع الطلب على الديزل».

وأكد «أهمية أن يتم التوسع في التوليد عن طريق تفعيل الصيانة من جانب لتقليل الفاقد، وإضافة طاقة إنتاجية جديدة».

وتسعى الشركة العامة للكهرباء في البلاد، إلى رفع طاقتها الإنتاجية إلى 14 ألفاً و834 ميغاواط بحلول عام 2025، و21 ألفاً و669 ميغاواط بحلول عام 2030، وتهدف ليبيا إلى توليد 22% من الكهرباء الخاصة بها، من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC